الوزارات السيادية العراقية.. صراع بالمليارات تديره الأجندة الإيرانية

مازال اختيار الوزارات السيادية في العراق يمثل حجر عثرة أمام إتمام تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبدالمهدي، خاصة في ظل الاختلافات الداخلية والضغوط الدولية والمصالح الإقليمية، إضافة إلى فكرة المحاصصة التي تسيطر على نظام الحكم في العراق.

ويرى مراقبون أنه عند اختيار وزير الدفاع (يتبع عرفيًّا المكون السُّني) لا بد أن تتوافر فيه مواصفات معينة تناسب التوجهات الإيرانية وأجندتها في العراق؛ بحيث لا تتعارض قراراته مع ما تريده طهران بأن يظل العراق يعاني داخليًّا حتى لا يتفرغ للقضايا الخارجية.
يأتي ذلك إضافة إلى الإشكالات بين الأحزاب السُّنية حول تسمية وزير الدفاع؛ نظرًا لأن تلك الشخصية تتحكم في مخصصات مالية كبيرة، وتقوم بعقد صفقات الأسلحة ومستلزمات الجيش العراقي، وتتكلف ما يقارب 800 مليون من موازنة الدفاع التي تتراوح بين 10 إلى 20 مليار دولار سنويًّا.
وتدور الخلافات أيضًا حول وزارة الداخلية، والتي تعد من الوزارات العراقية الاستراتيجية في الأجندة الإيرانية؛ لأنها تضم مفاصل الدولة المهمة من شرطة وحرس حدود وجوازات وجنسية ومنافذ حدودية وكل المفاصل الأمنية للأمن الداخلي، فمنذ عام 2005 ومع تشكيل أول «وزارةِ داخلية»، تدس ايران أنفها في تسمية الوزير الذي يخدم ويرعى مصالحها «الأمنية» في العراق، والتي تنحصر في تثبيت وترسيخ حالة الفوضى العراقية أطول وقت ممكن.

صراعات داخلية
المحلل العسكري العراقي زياد الشيخلي، قال في تصريح خاص لـ«المرجع»: إن هناك صراعات داخلية وضغوطًا خارجية في عملية اختيار وزيرين، يحمل أحدهما حقيبة الدفاع، والآخر وزارة الداخلية.
تلك الصراعات تنحصر بين الأحزاب والكتل السياسية، وبالتأكيد الكتل السُّنية والكتل الشيعية؛ من أجل الحصول على مكتسبات مادية، من خلال العقود الفاسدة، خاصة أن كلتا الوزارتين الآن تحتاج الى إعادة تنظيم، بعد أن خرج العراق من معارك كبيرة ضد تنظيم داعش الإرهابي.
«الشيخلي» أوضح أن هذه الوزارات ستحتاج إلى تسليح وتجهيز وتدريب، وكل هذا يخضع إلى عقود تصل أرقامها إلى المليارات من الدولارات، مستبعدًا أن تكون الأحزاب والكتل السياسية بذلك الغباء، وتعطي الدجاجة التي تبيض الذهب إلى جهات أخرى، لافتًا إلى أن الضغوط الخارجية والتي تجعل من التلكؤ في اختيار وزيرين للدفاع والداخلية، ضغوط مصالح بالأساس، ولكن تختلف عن مصالح الضغوط الداخلية.
ويؤكد المحلل العسكري العراقي أن التدخل الإيراني واضح في هذا الشأن؛ حتى تتمكن طهران من إحالة وطرد الضباط المهنيين، واستبدالهم بضباط تابعين لتلك الأحزاب، وبرتب فخرية، وهذا ما حصل منذ عام ٢٠٠٦، ويتكرر حتى يومنا هذا.
ويؤكد المحلل العسكري العراقي أن الحال اليوم في العراق ينطبق عليه نظرية الجاسوس الأمريكي في الاتحاد السوفييتي سابقًا، والذي كان يعمل بالقرب من الرئيس، ولم يقتل روسيا أبدًا، ولم يستطيعوا إدانته إلا بعد أن فسر واجبه الأساسي، وهو بوضع «الشخص غير المناسب في المكان المناسب»، وهذا كافٍ لتدمير نظام دولة بأكمله.
