يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

قراءة في القدرات التنظيمية والتكتيكية لـ«بوكوحرام» بنيجيريا

السبت 10/نوفمبر/2018 - 01:43 م
المرجع
عزة هاشم
طباعة

عقب انحسار نفوذ تنظيم «داعش» فى كلٍ من سوريا والعراق، تصاعدت الرؤى والتحليلات التي ترجح تصاعد نشاط التنظيم الإرهابي في مناطق أخرى، وتم طرح أفريقيا بوصفها الملاذ الأخير للتنظيم، خاصةً في ظل نشاط الجماعات التابعة له في العديد من المناطق المضطربة، وقد كانت مسؤولة عن عدد كبير من العمليات الدامية فيها[1]

محمد يوسف
محمد يوسف

ولعل أول فرع لتنظيم «داعش» ظهر في أفريقيا عندما بايع تنظيم «جند الخلافة» في الجزائر «داعش» في سبتمبر 2014، وبعد شهر واحد من هذه البيعة، أي في أكتوبر من العام نفسه بايع ما يُعرف بـ«مجلس شورى شباب الإسلام» في مدينة درنة الليبية «داعش»، وبعد ذلك ظهرت خلايا داعشية أخرى في القارة الأفريقية من نيجيريا إلى الصومال، ومن الجزائر إلى الصحراء، بين عامي 2014 و2016. 


وإذا كان ظهور هذه الخلايا بحد ذاته قد تسبب في إثارة المخاوف، إلا أنها حظيت باهتمام أكبر في أعقاب انهيار «مشروع الخلافة» في سوريا والعراق أواخر عام 2017 عقب تحرير الموصل[2]، وعند التطرق للتنظيم نجد أن الأفرع التابعة له في أفريقيا، تشمل: جماعة بوكوحرام، وداعش ليبيا، وتنظيم المرابطون، وداعش الصومال، وكينيا، وأوغندا، وتونس[3]، والجزائر. 

وفيما يلي عرض لأهم أفرع التنظيم وأكثرها نشاط في أفريقيا ممثلا في جماعة بوكوحرام.


تأسست «بوكوحرام» عام 2004 على يد محمد يوسف، وأقامت الجماعة قاعدة لها في قرية كاناما بولاية بوبه شمال شرق نيجيريا على الحدود مع النيجر، ونشأت في شمال نيجيريا، ونشاطها امتد إلى البلدان المجاورة (الكاميرون وتشاد)، وبعد وفاة زعيمها في عام 2009، تحولت الجماعة إلى العنف، وفي عام 2010 أعلنت الجهاد ضد الحكومة النيجيرية والولايات المتحدة. 


وتُعدُّ «بوكوحرام» أكثر التنظيمات الإرهابية نشاطًا في نيجيريا، خاصةً عقب إعلان زعيمها أبوبكر شاكو في مارس 2015 ولاءه لتنظيم داعش، واستطاعت أن تكسب العديد من المتطوعين من أوساط الشباب وتعاطف بعض المسلحين، كما يلعب البُعد العرقي دورًا كبيرًا في تنامي «بوكوحرام»؛ حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين هما، الهوسا في شمال البلاد وأغلبهم مسلحون، والإيبو وأغلبهم مسيحيون وتحدث بينهما اشتباكات دينية وعرقية، ولذلك تطرح الجماعة نفسها بوصفها المدافع عن الدين الاسلامي.[4]

للمزيد: دور المخابرات الكاميرونية في مواجهة الإرهاب.. «بوكو حرام» نموذجًا حجم التنظيم


وتختلف تقديرات حجم «بوكوحرام»؛ حيث لا يوجد أرقام موثوق منها في هذا الصدد، ويشير المسؤولون العسكريون الأمريكيون إلى أن لديها ما يقارب 1500 مقاتل، في حين ترجح تقديرات أخرى أن عددها قد يصل إلى 3500 مقاتل[5]، بينما تصاعد تقديرات أخرى حجم التنظيم ليتراوح ما بين 4 إلى 6 آلاف مقاتل[6]


ويرجح الخبراء أن الجماعة الإرهابية تقوم بتمويل عملياتها من خلال النشاط الإجرامي، بما في ذلك عمليات السطو على البنوك وعمليات الخطف والاغتيالات والسرقات والابتزاز، على سبيل المثال جمعت المجموعة ملايين عدة من الدولارات كفدية مقابل الإفراج عن تلميذات تشيبوك، وقد استولت على مركبات وأسلحة وذخيرة من جيشي نيجيريا والنيجر[7].


مراكز النشاط

تركزت هجمات «بوكوحرام» بشكل أساسي في شمال شرق نيجيريا، إلا أنها أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات في شمال ووسط نيجيريا، وفي عام 2014، حاولت شنّ هجمات عدة في لاجوس بنيجيريا، ولكن حتى الآن يبدو أن وصولها إلى جنوب نيجيريا محدود، وفي عام 2014 امتدت هجمات الجماعة إلى شمال الكاميرون وجنوب النيجر وشرق تشاد؛ ما أدى إلى وقوع اشتباكات مع قوات الأمن في تلك البلدان، وقد تصاعدت الهجمات في البلدان المجاورة بعد مشاركة جيوش تلك الدول في الهجوم الإقليمي ضد المجموعة في عام 2015[8]؛ حيث أصبحت الجماعة تمثل التهديد الإرهابي الرئيسي في تشاد، عقب تصعيد الجماعة لهجماتها الانتقامية ضد تشاد منذ عام 2015 لدورها في القوة المتعددة الجنسيات ومكافحة «بوكوحرام» في نيجيريا وأماكن أخرى في المنطقة. 


واستهدفت هجماتها القرى ومخيمات المشردين داخليًّا والمنشآت العسكرية في منطقة بحيرة تشاد؛ حيث شهدت تشاد أعلى معدل للوفيات؛ بسبب الإرهاب في عام 2015، وذلك بمعدل 9.4 قتيل في كل هجوم؛ إذ كانت الزيادة هائلة في عدد قتلى العمليات الإرهابية؛ بسبب الهجمات لتصنيف تشاد في عام 2015 كواحدة من أعلى 23 دولة في عدد الوفيات من الإرهاب على مستوى العالم.[9]

للمزيد: على خطى داعش.. «بوكو حرام» تجز رقاب مزارعي أفريقيا 

قراءة في القدرات

تطور الهجمات الإرهابية لجماعة «بوكوحرام»

على الرغم من تباين التقديرات حول أعداد الهجمات والقتلى، فإنها اتفقت على أن وتيرة العمليات الإرهابية تراجعت بشكل ملحوظ، فوفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي (2017) في عام 2016، ارتكبت «بوكوحرام» هجمات أقل بنسبة 61%، وانخفضت الوفيات الناجمة عن عملياتها الإرهابية بنسبة 80% مقارنة بعام 2015. 


ووفقًا لقاعدة بيانات تحديد أماكن الصراعات المسلحة ورصد الحوادث، تراجعت الهجمات الإرهابية لجماعة «بوكوحرام» في عام 2016، مقارنة بعام 2015؛ حيث بلغت ذورتها بعدد 456 هجومًا، إلا أنها شهدت زيادة نسبية في عام 2017، حيث بلغ عدد الهجمات 423 هجومًا، إلا أن عدد الضحايا قد تراجع بنسبة 30.2% في عام 2017 مقارنة بعام 2015.[10]


وقد أجرى موقع BBC تحليلًا كيفيًّا تضمن أرقامًا وبيانات مختلفة لتطور الهجمات الإرهابية للتنظيم، والتي شهدت تصاعدًا في عام 2017 مقارنة بعام 2016، ومن اللافت تصاعد الهجمات في شهور بعينها، ممثلة في شهور (يناير، ويونيو، وسبتمبر)، ومن الملاحظ أيضًا أن هناك اتساقًا في الفترات الزمنية التي تتصاعد أو تتراجع فيها الهجمات خلال العامين، وهو ما يوضحه الشكل السابق، ولم يتغير التوزيع الجغرافي للهجمات خلال العامين، فقد تمركزت الهجمات بصورة رئيسية في نيجيريا التي شهدت الغالبية العظمى من الهجمات (109 هجمات) تليها النيجر  الكاميرون (32 هجومًا) ثم تشاد (هجومين).[11]


وقد رصدت قاعدة بيانات ESRI التطور في عدد القتلى وعدد الهجمات، وأصدرت أرقامًا مختلفة، فقد بلغ عدد الهجمات التي قام بها التنظيم في الفترة من 1 يناير 2018 وحتى 7 نوفمبر 2018 نحو 88 هجومًا، وعلى الرغم من تزايد عدد الهجمات الإرهابية في عام 2017، مقارنة بعام 2016، إلا أن المؤشرات ترجح تراجعها في عام 2018، وقد تمركزت الهجمات الإرهابية في المواقع نفسها تقريبًا[12].


 

عام 2016

عام 2017

عام 2018[13]

عدد الهجمات

56

110

88

عدد القتلى

703

756

781


المصدر: قاعدة بيانات ESRI

التغير في تكتيكات الجماعة:

عقب ما تعرضت له الجماعة من هزائم متتالية انعكست على طبيعة وعدد الهجمات بدأت في تغيير تكتيكاتها الهجومية، وبرز هذا التغيير فيما يلي:

زيادة الاعتماد على التفجيرات والهجمات الانتحارية: ففي عام 2014، مثلت التفجيرات نسبة 24% من الهجمات، وفي عام 2015، كانت 29% من الهجمات التي تشنّها الجماعة عبارة عن عمليات انتحارية نتج عنها 27% من مجمل الوفيات، لكن في عام 2016، صعدت نسبة الهجمات الانتحارية إلى 35% من الهجمات، وأسفرت عن 49% من الوفيات، وكان ما يقرب من 4 من كل 5 تفجيرات في عام 2016 عبارة عن تفجيرات انتحارية، وواحد من كل 5 هجمات ارتكبته نساء، بعد التفجيرات، كان الهجوم المسلح هو ثاني أكثر أشكال الهجوم شيوعًا؛ حيث يمثل 27% من الهجمات وهو ما يُمثل انخفاضًا مقارنة بعام 2014؛ حيث بلغ في هذا الوقت 48% [14]، بينما كانت غالبية الهجمات في السابق هجمات مسلحة باستخدام مدافع رشاشة.


التركيز على الأهداف السهلةركزت تكتيكات «بوكوحرام» على الأهداف السهلة؛ حيث استهدفت المدنيين في (68.23% من الهجمات وشكلت 70% من الوفيات، وشملت الأهداف الأخرى المؤسسات العسكرية والدينية، ومن أبرز الهجمات التي شنّها التنظيم على الأهداف السهلة منذ نهاية عام 2017 وعام 2018 ما يلي:


في 23 يوليو 2018 لقي 8 أشخاص مصرعهم، وأصيب 5 آخرون، فى تفجير هز مسجدًا بمنطقة ميناري في بلدة كوندوغا في ولاية برنو في شمال شرقي البلاد أيضًا.


- في 23 أكتوبر 2017، لقي 13 شخصًا على الأقل مصرعهم، وأصيب عشرات آخرون في 3 هجمات انتحارية نفذتها نساء في مدينة مايدوغورى عاصمة ولاية برنو بشمال شرقي نيجيريا، واستهدف التفجير الأول مطعمًا صغيرًا، بينما استهدف الثاني مدخل مخيم للاجئين، أما الانتحارية الثالثة، فلم يعمل حزامها بشكل كامل.


في أواخر فبراير ٢٠١٨، خطفت الجماعة ١١١ تلميذة في بلدة دابشي الواقعة بولاية يوبي في شمال شرقي نيجيريا.[15]

ولم توقف جماعة «بوكوحرام» الهجوم على الأهداف الحكومية والعسكرية، ففي 16 يوليو 2018 قتل عشرات الجنود في هجوم شنّته على قاعدة عسكرية في  شمال شرقي نيجيريا، وأسفر عن مقتل 31 جنديًّا على الأقل وإصابة العشرات.



[1]  خلايا تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا.. الأعداد التقديرية للمقاتلين، ميدل أيست أون لاين، 17 سبتمبر 2018، متاح على:https://t2m.io/AOYBmqeE


[2]  محمد جمعة، مصير «داعش» في قارة أفريقيا، 29 أغسطس 2018، متاح على:https://is.gd/shpHet


[3]  خلايا تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا.. الأعداد التقديرية للمقاتلين، ميدل أيست أون لاين، 17 سبتمبر 2018، متاح على:https://t2m.io/AOYBmqeE

 

[4]  المركز الديمقراطي العربي، تأثير جماعة بوكوحرام على الأمن العام في نيجيريا منذ عام 2011، 15 أكتوبر 2016،https://democraticac.de/?p=38633


[5] Congressional Research Service. Boko Haram and the Islamic State’s West Africa Province, June 28, 2018, https://fas.org/sgp/crs/row/IF10173.pdf


[6]  المركز الديمقراطي العربي، تأثير جماعة «بوكوحرام» على الأمن العام في نيجيريا منذ عام 2011، 15 أكتوبر 2016،https://democraticac.de/?p=38633


[7] Congressional Research Service. Boko Haram and the Islamic State’s West Africa Province, June 28, 2018, https://fas.org/sgp/crs/row/IF10173.pdf

 

[8] Ipid

 

[9] The Institute for Economics & Peace, “Global Terrorism Index 2016”, Sydney, Australia, November 2016

http://visionofhumanity.org/app/uploads/2017/11/Global-Terrorism-Index-2017.pdf


[10] Armed Conflict Location & Event Data Project (ACLED), 1997-2018


[11]  Mark Wilson. Nigeria's Boko Haram attacks in numbers - as lethal as ever. 25 January 2018. https://www.bbc.com/news/world-africa-42735414


[12] Terrorist Attacks, Available at: https://storymaps.esri.com/stories/terrorist-attacks/

 

[13] الفترة من 1 يناير 2018 وحتى 7 نوفمبر 2018


[14] The Institute for Economics & Peace, “Global Terrorism Index 2017”, Sydney, Australia, November 2017, http://visionofhumanity.org/app/uploads/2017/11/Global-Terrorism-Index-2017.pdf

 

[15]  تكتيكات إرهابية جديدة.. حرب «بوكوحرام» على انتخابات نيجيريا، 7 سبتمبر 2018، البوابة نيوز، متاح على:https://www.albawabhnews.com/3269487


الكلمات المفتاحية

"