ad a b
ad ad ad

ماهر فرغلي يكتب: العنف مع الأقباط لماذا؟

السبت 03/نوفمبر/2018 - 03:14 م
المرجع
ماهر فرغلي
طباعة

عقب ثورة 25 يناير بمصر بأشهر عدة صدر كتاب «مصر والطريق إلى أمة الخلافة»، بقلم «أبي بكر أحمد»؛ ليقدم رؤية تحليلية للوضع في الدولة المصرية، مشيرًا إلى أهمية مصر بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش».

ماهر فرغلي يكتب:

نظرًا لمحورية الدولة المصرية وقوتها في الوقت ذاته، كان السؤال الذي يتردد من قادة التنظيم «كيف نفتح مصر؟»، وصدرت رسائل متتالية بثَّها هؤلاء عبر مقاطع فيديو موجهة إلى ما سموه «المجاهدون في مصر»، وظهر كتاب «سر الأحجية المصرية» لـ«أبومودود الهرماسي»؛ ليتحدث فيه كاتبه المصري، عن المفتاح الحقيقي للدخول إلى قلب القاهرة.


صناعة بيئة الفوضى، هي الهدف الاستراتيجي الكبير الذي تحدث عنه «الهرماسي»؛ حيث ارتكز على محاور عدة، الأول: إدراك حقيقة مَن يحكم مصر؟ وماذا تريد أمريكا والنظام العالمي من مصر؟ والطريق الموصل الاستقرار أو الفوضى؟ وقال: «مصر ستظل محور اهتمامات القاصي والداني، الشرقي والغربي، البر والفاجر، المسلم والكافر، فهي رمانة ميزان الاستقرار للغرب الكافر ببلاد المسلمين، ومنطلق فوضى الانهيار العالمي؛ لذلك هي أم الدنيا، فعند استقرارها تستقر الدنيا، وعند انشطارها تنشطر الدنيا، وهنا تكمن أحجية الساسة والعامة من مثقفين وسياسيين ومنظرين»، متسائلًا: كيف نفتح مصر؟ ثم سرد خطوات محددة لما يسميه النكاية والإنهاك، أولًا عن طريق: إثارة الفوضى بين الجهات المنوطة بحمل السلاح، وهي: «الجيش والشرطة والمسيحيين الأقباط»، باستدراج عناصر منهم لعمل عمليات ضد فريق آخر، وتأليب فريق على آخر بالإعلام، والمال، وتذكير أناس موحدين صادقين من داخلهم بشرعية العمل وفضله.


ثانيًا: إنهاك الدولة بإسقاط منظومة المال، باستهداف الموانئ، وممرات الملاحة والمباني الاقتصادية والمالية، مثل البنك المركزي، ومقرات البورصة والبنوك، وإضعاف الجنيه أمام العملات الأخرى، ومنظومة الطاقة من كهرباء ونفط وغاز.


ثالثًا: «تطفيش» كل الاستثمارات الأجنبية والعربية من مصر باستهداف الشركات، والمؤسسات الخليجية والأجنبية استهدافًا مباشرًا من خلال اختطاف الرعايا، وحرق المصانع والشركات متعددة الجنسيات.. إلخ.


رابعًا: اغتيال من لا يرافقهم حراسة من القضاة، وضباط الشرطة، والجيش، والإعلاميين.


خامسًا: إشعال المناطق القبلية في سيناء، ومطروح، ووادي النطرون، وما خلفهم من مناطق بالقتل العنصري للأقباط، وتكوين مجموعات من الشباب، خاصةً أبناء الجامعات الخاصة، وتدريبهم على الاختراق، ورفع مستوى أمنياتهم.


عقب هذه الخطط، وبعد عزل الإخوان من حكم مصر، أصبحنا أمام لاعبين كُثر للعنف الجهادي المسلح بمصر، تفتت وتحطم أغلبهم، حتى بقي منهم الأكثر عنفًا وشراسة، تنظيم «داعش» متمثلًا في أخطر فروعه، وهو «بيت المقدس»، والفرع الآخر للتنظيم نفسه «تنظيم الدولة - أرض الكنانة»، وهو له قيادة منفصلة عن التنظيم السيناوي، إلا أنه بعد إعدام ومقتل قادته، أبوعبيدة منصور الطوخي، وفهمي عبدالرؤوف، ومحمد عفيفي بدوي، ومحمد بكري هارون، وأشرف الغرابلي، اضطر «بيت المقدس»؛ لتكليف أفراد ومجموعات بالعمل في المحافظات المصرية باسم التنظيم المنهار، وكان آخر عملياتهم، كنيسة البطرسية، وكنيسة مارجرجس، ومارمرقس، وهم يعملون جنبًا إلى جنب مع المجموعات المنسوبة للإخوان «حسم»، التي يقودها علاء علي السماحي، هارب خارج البلاد، و«لواء الثورة».


وفق ما ورد في الكُتب التي تحدثت عن فتح مصر، فقد رأت تلك الجماعات أن المرحلة الأولى هي صراع فكري، ثم تأتي بعدها العمليات النوعية من مهاجمة أو تدمير منشآت أو اغتيالات، ثم المرحلة الخاصة بالشرطة، حتى يبدأ الأمن في فقدان السيطرة على الشوارع، فتبدأ تدريجيًّا مرحلة الفوضى، وتبدأ المرحلة الثالثة -وهي التي تختص بالأقباط-، وستعتمد هذه المرحلة على الصراع الاقتصادي من خلال تدمير المحلات التجارية، ومن ثم الدخول في المرحلة الرابعة.


كان الدخول إلى مرحلة اغتيال الأقباط واستهدافهم مؤشرًا إلى فشل المراحل الأولى؛ حيث انفتقت ذهنياتهم أيديولوجيًّا أن مسيحيي مصر محاربون يجوز استهدافهم، كما سياسيًّا هم أكبر الداعمين للنظام المصري، وثالثًا تكتيكيًّا هم الحلقة الأضعف التي ستوجع النظام وحلفائه من الغرب.


إذن فعمليات قتل الأقباط الإرهابية واستهداف كنائسهم ليست مفاجأة لنا؛ لأنها جزء من سياسات إرهابية معروفة، كما هي جزء من فكر أيديولوجي أصولي متطرف يستند لروايات ضعيفة.

"