ad a b
ad ad ad

ريشة تهزم قنبلة.. ملحمة كاريكاتورية في محاربة الإرهاب

الإثنين 29/أكتوبر/2018 - 10:40 ص
المرجع
مصطفى حمزة
طباعة

«الصورة بألف كلمة»، مقولة شهيرة دفعت الباحث الأردني سلطان معيل الرويلي، للبحث عن دور الصورة الكاريكاتورية في مواجهة ظاهرة الإرهاب في المجتمعات المعاصرة، من خلال دراسة أكاديمية تستعرض هذا الدور الذي لا يقل أهمية عن المقالات والدراسات المكتوبة بل ربما يزيد، لما للصورة من دورها البارز في توصيل المعاني إلى الجمهور المستهدف، في ظل ما يواجهه العالم بشكل عام والوطن العربي على وجه الخصوص من تنامٍ لظاهرة الإرهاب والانعكاسات السلبية لها على تلك المجتمعات، والتأثير على أفكار وتوجهات الأفراد نحو التطرف.

رسم كاريكاتيري للفنان
رسم كاريكاتيري للفنان الأمريكي ديف جرانلوند (Dave Granlund) يجسد العلاقة بين فن الكاريكاتير والإرهاب

وأكدت الدراسة التي حصل من خلالها الباحث على درجة الماجستير بكلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك، أن فناني الكاريكاتير وجهوا رسالة توعوية لجمهورهم، محاولين وضعهم أمام الأسباب الحقيقية لتفشي ظاهرة الإرهاب في المجتمع المعاصر، بهدف توعية الشعوب والأفراد من الوقوع في براثن التطرف الذي يؤدي إلى الإرهاب، ما يعني أن هذا الفن يلعب دورًا وقائيًّا بارزًا عن طريق مواجهة أسباب الظاهرة قبل نشوئها، وذلك من خلال الدور الكبير الذي يلعبه فن الكاريكاتير في التشكيل الثقافي والعاطفي لأفراد المجتمع، والتحرر من الاتجاهات والقناعات السلبية لديهم، والتي قد تشكل أساسًا للتطرف والقيام بأعمال إرهابية .

كاريكاتير سارة قائد
كاريكاتير سارة قائد 2014

تحت عنوان: «دور فن الكاريكاتير في مواجهة الإرهاب في المجتمعات المعاصرة»، سعت الدراسة إلى بيان دور فن الكاريكاتير في مواجهة الإرهاب في المجتمعات المعاصرة، من خلال عرض وتحليل مجموعة من الأعمال الكاريكاتيرية التي جسدت موقف الفنان في طرح ومعالجة هذه الظاهرة، في الفترة بين عامي 2010 – 2016م، والتي بلغت 11 عملًا فنيًّا كاريكاتيريًّا، بهدف تقديم رؤى وتوصيات حول إمكانيات توظيف هذا الفن الذي يعتمد على الصورة المرسومة التي تمزج بين النقد اللاذع والرسم الساخر، في مواجهة ظاهرة معقدة ومتشابكة كظاهرة الإرهاب، التي أصبحت تؤرق العالم اليوم.

كاريكاتير نشره المصري
كاريكاتير نشره المصري اليوم الخميس 07 أغسطس 2014 بريشة: عبد الله

استعرض الفصل الرابع من الدراسة عرضًا لأهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها، والتي من أهمها أن الغالبية العظمى من فناني الكاريكاتير في معظم دول العالم قد التزموا بقضية مواجهة ظاهرة الإرهاب المتفشية في المجتمعات المعاصرة، ولكن على نحو ليس كافيًا في ظل تنامي هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، مع تداعيات وانعكاسات العولمة والتكنولوجيا التي سهلت انتشارها بشكل سريع وأكثر أمانًا من ذي قبل.

كاريكاتير الفنان
كاريكاتير الفنان المغربي خالد كدار 2016

وأشارت إلى أن المنجزات الفنية لفن الكاريكاتير تعد عنصرًا إيجابيًّا في مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال إحساس الفنان الكاريكاتيري بالتداعيات السلبية لهذه الظاهرة على حياة البشر من حوله، مما يؤثر على فكره ووجدانه، ويشجعه لإنجاز أعمال فنية ذات دور فاعل كجزء من استراتيجية المواجهة للإرهاب.


وأوصى الباحث بزيادة عدد الرسوم الكاريكاتيرية المنشورة في الصحف والمجلات ووسائل الاتصال الأخرى، لما لها من قوة تأثيرية فاعلة في التشكيل الثقافي والعاطفي لأفراد المجتمع، ما ينعكس إيجابًا على مواجهة أسباب الظاهرة قبل نشوئها .

كاريكاتير عبدالله
كاريكاتير عبدالله الدرقاوي في جريدة «الصحراء» المغربية 2018

كما أوصى «الرويلي» بضرورة دعم الفنانين الكاريكاتيريين، وتوفير الإمكانات المادية لهم للارتقاء بهذا النوع من الفنون التشكيلية، وضرورة العمل على حثهم لمواصلة تقديم أعمال تسهم في معالجة تداعيات الإرهاب على المجتمعات من خلال الرسوم الكاريكاتيرية بشكل أكبر .

كاريكاتير الفنان
كاريكاتير الفنان المصري أحمد قاعود في «اليوم السابع» 2018

وطالبت الدراسة فناني الكاريكاتير بالابتعاد عن طرح ما يُمكن أن يُثير الفتن والنعرات الطائفية التي تتعلق بالهوية الوطنية أو الدينية، من خلال التعرض للأديان والعادات والتقاليد والآداب المجتمعية أو التعرض للأشخاص، وضرورة إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث التي تدرس موضوع فن الكاريكاتير، لما له من دور بارز في التأثير القوي والفعّال على إيصال الرسائل التوعوية للجمهور المستهدف.


واقترح الباحث إجراء دراسات مقارنة لدور فناني الكاريكاتير في مواجهة الإرهاب في دول متقدمة، مقارنة بدور أقرانهم في معالجة الظاهرة ذاتها في الدول العربية، للاستفادة من تجارب فناني تلك الدول في زيادة فاعلية هذا الفن في دولنا.

ريشة تهزم قنبلة..

وتعود أهمية فن الكاريكاتير لاتساع جمهوره الذي يفضل الصورة عن قراءة التقارير المطولة، خاصة إذا كان جزءًا من هذا الجمهور لا يجيد القراءة، إضافة إلى سهولة فهم الصورة الكاريكاتيرية بغض النظر عن هوية الجمهور المتلقي أو ثقافته أو أيديولوجيته، كما لا يفرق هذا النوع من الفنون بين الفئات العمرية، إذ يتابعه الكبار والصغار على حد سواء، باختلاف مستوياتهم التعليمية.

"