ad a b
ad ad ad

حجب «تيليجرام».. قبضة المتشددين تهدد الاقتصاد الإيراني

الأحد 28/أكتوبر/2018 - 07:40 م
المرجع
علي عاطف حسان
طباعة

مثلت احتجاجات أواخر العام الماضي في إيران نقطة انعطاف بارزة في توجه السلطات للاهتمام بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة؛ حيث ساهم استخدم تطبيق «تيليجرام» في زيادة تجمع المتظاهرين في أنحاء البلاد، ما وجّه الانتباه بضرورة السيطرة عليها؛ لتفادي تفاقم الأوضاع في البلد الذي يضم نحو 45 مليون مستخدم للإنترنت.

حجب «تيليجرام»..

تظاهرات ديسمبر 2017

كان لـ«تيليجرام» دور بارز خلال تظاهرات العام الماضي، والتي امتدت لتشمل العديد من المدن الإيرانية، وجاءت لأسباب سياسية وهددت النظام بشكل لم يسبق له مثيل سوى في تظاهرات عام 2009؛ حيث تداول المتظاهرون -عبر التطبيق- معلومات وصورًا وفيديوهات، ونقلوها إلى منصات الإعلام الدولية.

 

وحينما استخدم المتظاهرون هذا التطبيق المشفر في التجمع، قررت لجنة الأمن القومي الإيرانية في المجلس (البرلمان)، اعتبار أن هذا التطبيق يمثل خطرًا على الأمن العام، وأنه يجب أن يخضع للرقابة والسيطرة، مثلما حدث عام 2009 حينما فرضت السلطات رقابة شديدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إذ اعتبرته العامل الأكبر في تنظيم التجمعات والتظاهرات لـ«انتفاضة الحركة الخضراء»، وما صاحبها من احتجاجات.(1)

حجب «تيليجرام»..

حجب «تيليجرام»

بعد الدور البارز الذي لعبه «تيليجرام» في التظاهرات الأخيرة، قررت السلطات الإيرانية حجب التطبيق بزعم «الحفاظ على الأمن القومي الداخلي»، كما تسعى طهران إلى إحلال تطبيق آخر محلي بديلًا لـ«تيليجرام»، وأن يكون خاضعًا لرقابة وسيطرة الأجهزة الداخلية.

 

وعلّق رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني بالمجلس، «علاء الدين بروجردي»، على ذلك المقترح قائلًا: إن «التطبيق البديل ستتم صناعته في أعلى المراتب الحكومية»، مضيفًا أن «تيليجرام لعب دورًا مدمرًا داخل الأراضي الإيرانية، وإيران انتجت خلال الفترة الأخيرة تطبيقات محلية بديلة للتطبيقات المنتشرة عالميًّا».(2)

 

وعليه، أصدر القضاء الإيراني في أواخر شهر أبريل الماضي، قرارًا بحجب «تيليجرام»، قائلًا إنه ينشر رسائل جماعات معارضة مسلحة؛ ما يهدد الأمن القومي للبلاد.

 

وألصقت طهران بالتطبيق تهم تأجيج موجات الاحتجاجات السابقة في البلاد -أواخر العام الماضي- عبر التواصل ما بين المعارضين والمواطنين العاديين في الداخل الإيراني، وبعض الجماعات الأخرى في الخارج.

 

وبعدما قررت السلطات حجب تيليجرام قررت إبداله بتطبيق آخر أطلق عليه «سروش»، إلا أنه لم يحقق شعبية واسعة بين الإيرانيين، مثل الانتشار الكبير الذي حققه «تيليجرام»، إذ كان وسيلة التواصل الأساسية بين ملايين المواطنين سواء مع الداخل أو الخارج.(3)

 

وبات عدد المشتركين في «سروش» حوالي 4 ملايين شخص، بينما كان عدد مستخدمي «تيليجرام» نحو 40 مليونًا؛ وذلك لأن الإيرانيين يشعرون بأن السلطات ستتجسس عليهم من خلال التطبيقات المحلية، وهو الأمر الصعب نسبيًّا من خلال «تيليجرام»، وعلى جانب آخر، قد يلجأ الشباب الإيرانيون إلى الوصول للمواقع والتطبيقات المحجوبة من خلال الوسائل الحديثة المتاحة.(4)

حجب «تيليجرام»..

خسارة اقتصادية

تسبب قرار حجب «تيليجرام» في فقد العديد من التجار وأصحاب المشروعات الصغيرة لأعمالهم؛ إذ كان التطبيق هو وسيلة التواصل بينهم، كما ذكر العديد من التجار أنهم فقدوا ملايين الدولارات بسبب حجب التطبيق في البلاد؛ حيث كان الوسيلة الرئيسية للتعامل سواء التجاري أو الشخصي في إيران، وذلك في ظل حجب وسائل التواصل الأخرى.

 

وعليه، فإن حجب التطبيق سيتسبب في زيادة معدل البطالة في إيران؛ خاصة بين الشباب؛ لاستخدامه في العديد من الأعمال التجارية، أي أن هناك عشرات الآلاف من الأشخاص سيفقدون أعمالهم.

حجب «تيليجرام»..

التيار المتشدد

يُعد التيار المتشدد في إيران من أكثر المعارضين لاستخدام «تيليجرام» في البلاد؛ حيث إنهم يعدونه أداة من أدوات الغرب للتدخل في الشؤون الداخلية لإيران، بل وأداة للتجسس على المواطنين الإيرانيين والتأثير على المجتمع المحلي.

 

ويشير المتشددون من النظام الإيراني، إلى أن «تيليجرام» كان السبب في التواصل بين المحافظات المختلفة في إيران خلال التظاهرات الأخيرة، وكذلك أنه تم استخدامه في التواصل بين المضربين عن العمل في العديد من الاحتجاجات العمالية؛ ما يتوجب على النظام حجبه؛ حفاظاً على الأمن القومي في البلاد -بحسب قولهم-.

حجب «تيليجرام»..

مستقبل «تيليجرام» في إيران

تتخوف السلطات الأمنية الإيرانية بشكل دائم من وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها ما بين المواطنين الإيرانيين، خاصة بعد انتشار واندلاع التظاهرات بشكل غير مسبوق في أغلب المحافظات بشكل شبه يومي.

 

ولذلك، فإن السلطات الإيرانية من المتوقع أن تسعى خلال الأيام القادمة إلى الحد من القدرة على التواصل بين المواطنين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي بات أهمها حاليًّا «تيليجرام» إلا أنه وعلى الجانب الآخر، ليس من المتوقع أن تنجح تجارب محلية مثل تجربة تطبيق «سروش»؛ وذلك لعدم انتشارها ولمخاوف داخل المواطنين الإيرانيين تتعلق بها من حيث تجسس السلطات الأمينة عليهم.

 

وبشكل عام، لن تستطيع السلطات الإيرانية بشكل منطقي أن تخنق قدرة المواطنين على التواصل، خاصة في ظل العصر الذي يشهد قدرات تكنولوجية وتواصلية غير مسبوقة، وأحد الدلائل هو استخدام المواطنين للتطبيقات ذاتها من خلال طرق مختلفة، ومن خلال الاستعانة بإمكانات تقنية تمكنهم من تجنب هذه السياسات الحكومية.


المصادر والمراجع:

1-  صالح حميد، «كل ما تحتاج معرفته عن أسباب انطلاق انتفاضة إيران»، العربية، 1 يناير 2018.

http://cutt.us/BhBzZ

 

2-  «إيران تحجب تطبيق تيليجرام الشهر المقبل»، إرم، 31 مارس 2018.

http://cutt.us/qPN5S

 

3-  «إيران تستبدل تيليجرام بتطبيق محلي الصنع خلال أسابيع»، سي إن إن، 1 أبريل 2018.

http://cutt.us/2Id6m

4-  "تسييس الإنترنت: دلالات حجب تطبيق «تيليجرام» في إيران"، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 7 مايو 2018.

http://cutt.us/nko8n

الكلمات المفتاحية

"