تجدد اشتباكات «دومي» العشائرية.. الصومال يشتعل وقطر تستفيد
الخميس 25/أكتوبر/2018 - 06:07 م

علي رجب
على مدار عقود انقضى زمانها، شهدت منطقة دومي الصومالية صراعات ونزاعات دموية بين العشائر في ولايتي «أرض الصومال» و«بلاد بنط»، ومؤخرًا اشتعلت نيران تلك الصراعات مجددًا بعد أن كانت هدأت نسبيًا، لكن- وعلى ما يبدو من أحداث- كان الهدوء النسبي هذا أشبه برماد ساخن يغطي نيرانًا لم يخمد أوارها بعد، وتنتظر النفخ فيها لتخرج ألسنة لهيبها لما اعتبره البعض هدنة وهدوءًا.

منطقة دومي
أسفر تجدد النزاع القبلي أو العشائري المسلح على «دومي» عن ما يقرب 170 ضحية بين قتيل وجريح، وهنا يبرز السؤال الأهم عن ماهية الموقِظ الملعون لفتنة كانت نائمة، لتأتي الإجابة «قطر» برجلها الأول في الصومال «فهد ياسين» نائب مدير وكالة الاستخبارات والأمن القومي، والمسيطر الحقيقي على الأجهزة الأمنية بالبلاد، وفي ظل الموقف الصومالي الرافض للوجود الإخواني في الصومال، الذي يتمتع بعلاقات قوية على المستوى الرسمي مع الإمارات، تتكشف النوايا الحقيقية للانتقام، وتشير أصابع الاتهام إلى قطر بوضوح بأنها كلمة السر في إشعال الصراع القديم بين عشائر «دومي» لإرباك الصومال الموالي للإمارات من جهة، ولإسقاط كل المناوئين للوجود القطري الإخواني في الصومال.
و«دومى» في الأصل منطقة تسيطر عليها ولاية «أرض الصومال» أو جمهورية «صوماليلاند» التي تقع في القرن الأفريقي، على شاطئ خليج عدن، ويحدها من الجنوب والغرب دولة إثيوبيا، وجيبوتي من الشمال الغربي، وخليج عدن في الشمال، وفي الشرق إقليم «بونتلاند»- أعلنت استقلالها في 1998، فيما أعلنت «أرض الصومال» استقلالها عن الصومال في مايو 1991 ولكن كلتيهما لا تحظى باعتراف دولي بالاستقلال.
العداء القطري الإخواني:
وتعد ولاية «أرض الصومال» من أكثر الولايات الصومالية رفضًا للوجود القطري؛ حيث أعلنت «وزارة خارجية جمهورية أرض الصومال»، المعلنة من جانب واحد في شمال الصومال، تضامنها مع الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع قطر المتهمة بـ«دعم الإرهاب».
كما تعد «أرض الصومال» حليفًا استراتيجيًّا لدولة الإمارات وتحظى بدعم إماراتي كبير في مواجهة الجماعات الإرهابية وعلى رأسها حركة «شباب المجاهدين» الإرهابية، وتنظيم «داعش» وكذلك فرض الأمن ودعم التنمية داخل الولاية.

موسى بيحي عبدي
وقال موسى بيحي عبدي، رئيس جمهورية أرض الصومال، عن أهمية العلاقات مع الإمارات: «كل أعمالنا، وأصولنا الأساسية موجودة في دبي. وتعتمد جميع وارداتنا على دولة الإمارات العربية المتحدة، وموانئها»، مضيفًا: «لدينا علاقات تجارية واقتصادية معهم لذلك نحن حلفاء».
وتاريخ دعم قطر للحركات الإرهابية واستهداف الولايات الصومالية بالجماعات الإرهابية يشير إلى تورطها في إذكاء الصراع بين العشائر الصومالية في منطقة «دومي» من أجل زعزعة استقرار أرض الصومال التي تعتبرها قطر خصمًا لها.
وتستضيف قطر، الرجل الثاني في حركة «شباب المجاهدين» الإرهابية، محمد سعيد أتم، الذي أدرجته دول الرباعي العربي (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) الداعية لمكافحة الإرهاب، في نوفمبر 2017 على قوائم الإرهاب.
ويحظى «أتم» هذا بدعمٍ كبيرٍ من قبل قطر ولديه علاقات واسعة ومتشعبة في ولاية «أرض البنط» أو « بونتلاند»؛ حيث أسس فرع حركة الشباب الإرهابية في تلال «جالجالا» بأرض البنط .
وأكدت حكومة «بونتلاند»، أن «أتم» لا يزال يمارس نشاطًا يزعزع الأمن في الأقاليم الصومالية من خلال وجوده في دولة قطر التي حصل على اللجوء السياسي فيها، بحسب «العربية نت».

جانب من مؤتمر باريس لمكافحة الإرهاب
دور قطري
يرى مراقبون أن قطر تتدخل عبر أذرعها في محاولة إشعال الفتن والصراعات داخل الولايات الرافضة لها في الصومال، كنوع من تأديب وردع هذه الولايات الصومالية الخارجة عن «طوع» قطر والتنظيم الدولي للإخوان.
وكان مشاركون في مؤتمر باريس لمكافحة الإرهاب الذي نظمه مركز «دراسات الشرق الأوسط» برئاسة الدكتور عبد الرحيم علي، في أبريل 2018، حذروا من الدور القطري في القرن الإفريقي بشكل عام والصومال على وجه الخصوص.
وأكد محمد حامد الباحث في العلاقات دولية، عبر تصريح لـ«المرجع»، قائلا: إن ما حدث في «دومي» له شقان الأول يرتبط بشأن محلي حيث وجود خلافات قديمة بين عشائر المنطقة على الأرض والثروات، وخلاف بين «صوملاند» وبلاد البنط، والشق الثاني هو أطراف الصراع أو الدول الإقليمية أو دول صاحبة المصالح يجعل من إشعال الأزمات في أرض الصومال أمرا يصب في صالحهم عبر استغلال أزمة داخلية، وتأتي قطر كأبرز مستفيد سياسي لاندلاع الأزمات في الصومال لزيادة نفوذها وتواجدها في قلب منطقة القرن الأفريقي عبر أدواتها المتمثلة سواء جماعة الإخوان أو حركة الشباب الإرهابية، ما يجعل تصعيد الأزمات غير أرض الصومال هدفًا لها في ظل مواقف مقديشو الأخير من الدوحة.