ad a b
ad ad ad

«المرابطون».. سيناريوهات مستقبلية للتنظيم الإرهابي

الجمعة 19/أكتوبر/2018 - 12:13 ص
المرجع
محمد عبد الغفار
طباعة

أثار خبر القبض على الإرهابي المصري، هشام عشماوي والمُكنى بـ«أبوعمر المهاجر» في ليبيا، تساؤلات عديدة، ولعل أبرزها، هل يمكن اعتبار تنظيم «المرابطون» الإرهابي في طي النسيان بعد القبض على زعيمه؟ أم أن التنظيم لديه القدرة على إعادة بناء نفسه وتطوير آلياته مرة أخرى؟، كما فعل تنظيم القاعدة بعد موت زعيمه أسامة بن لادن، واستلم الإرهابي أيمن الظواهري الراية.


«المرابطون».. سيناريوهات
بداية التنظيم

ولكي يتم الإجابة على هذا التساؤل، يجب فهم جذور تنظيم «المرابطون» بصورة واضحة، حيث جاء التنظيم ضمن مسلسل محاولة اختراق مصر من قبل تنظيمات تدعي ارتباطها بالقاعدة، فبعد فشل تنظيمات مماثلة مثل ما يُعرف بـ«قاعدة الجهاد في أرض الكنانة» التي تم تدشينها في 2006، وجماعة تُعرف بـ«أجناد مصر» في عام 2014، جاء تنظيم «المرابطون» ليكمل المسيرة.

وتعود أحداث التأسيس إلى الضابط المفصول، هشام عشماوي في عام 2012، وبعد فض اعتصام رابعة المسلح في القاهرة عام 2013 قرر «أبو عمر المهاجر» الانضمام إلى تنظيم ما يسمى «أنصار بيت المقدس» الإرهابي، وأصبح مسؤول لجنة التدريب في التنظيم.

واستطاع «أبو عمر المهاجر» تنفيذ عدة عمليات إرهابية نوعية، مثل تفجير مقر مديرية أمن الدقهلية في 2013، حيث استشهد 16 شخصًا، ومذبحة كمين الفرافرة في 2014، واستشهد بها 21 جنديًا، ومذبحة العريش الثالثة، واستشهد بها 29 عنصرًا، واغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، وغيرها من العمليات.

إلا أن تحالف بيت المقدس مع تنظيم داعش، ومبايعة أبو بكر البغدادي، دفع «عشماوي» إلى إعلان انفصاله عن التنظيم، وتأسيس تنظيم المرابطون في 2015، من خلال تسجيل صوتي قال فيه: «أناشد أهلي وإخواني المسلمين بأن هبوا لنصرة دينكم وللدفاع عن دمائكم وأعراضكم وأموالكم وهبوا في وجه عدوكم ولا تخافوه وخافوا الله إن كنتم مؤمنين».

وعلى الرغم من قوة ما قام به تحالف بيت المقدس من عمليات، فإن بداية المرابطين كانت أقل قوة وكفاءة، حيث أعلن عن تأسيسه من خلال تسجيل صوتي، على عكس المعتاد من القوى الإرهابية التي تعلن عن نفسها من خلال عمليات إرهابية فعلية.

ووفقًا لوكالة «فرانس برس» في خبر نٌشر بعد حادث الفرافرة في مصر عام 2014، بأن تنظيم المرابطين قد عقد اجتماعًا لمدة ثلاثة أيام، لبحث استراتيجية جديدة بعد انتقاله إلى ليبيا، تضمن له التنسيق مع التنظيمات الإرهابية المتعددة الموجودة هناك، وقد ضم الاجتماع تنظيم القاعدة والمرابطون وما يسمى بحركة التوحيد والجهاد وبيت المقدس، بهدف تشكيل جماعة واحدة كبرى، تتوجه بعد ذلك إلى مصر، على أن تكون العاصمة في درنة الليبية؛ بسبب اعتناق كل الجماعات بها لفكر القاعدة.
«المرابطون».. سيناريوهات
عملية الجيش الليبي في درنة

إلا أن الجيش الليبي كان أسرع وأكثر فعالية، من خلال عملية نوعية اعتمد خلالها على معلومات دقيقة، خولت له القدرة على القبض على هشام عشماوي، في حي المغار بدرنة، ومعه زوجة الإرهابي عمر رفاعي سرور، والإرهابي مرعي زغبية والإرهابي بهاء على أبو المعاطي.

حيث بدأ الجيش الليبي تقدمه إلى مدينة درنة خلال حربه على الجماعات الإرهابية بها في مايو من عام 2018، ثم استطاعت القوات الجوية الليبية في يونيو من نفس العام، وخلال غارة على مدينة درنة من استهداف عمر رفاعي سرور، المفتي الشرعي والمشارك في تأسيس تنظيم المرابطين داخل ليبيا.

وفي أكتوبر من العام نفسه، استطاع الجيش الليبي القبض على هشام عشماوي داخل حي المغار في مدينة درنة الليبية، ومعه مرعي زغبية وبهاء علي وزوجة عمر رفاعي سرور.
هشام عشماوي
هشام عشماوي
مستقبل التنظيم بعد القبض على عشماوي

وترى الباحثة الأمريكية جينا جوردان، الأستاذ المساعد بمدرسة «سام نن» للشؤون الدولية في  جامعة جورجيا التكنولوجية، خلال مقال منشور بمجلة «دراسات أمنية» بعنوان «عندما تتدحرج الرؤوس: تقييم لفعالية قطع رأس القيادة» في عام 2009، بأن أي عملية عسكرية ضد قيادة مسؤولة في جماعة إرهابية يمكن تحديد نجاحها من عدمه بعد انقضاء عامين من الاعتقال أو القتل لهذا الزعيم، كما اعتبرت بأن الجماعات الصغيرة تكون أكثر تأثرًا بهذه العمليات العسكرية، بينما تكون الجماعات الدينية أكثر قدرة على تخطي تلك الأزمات.

لذلك يمكن القول إن تنظيم المرابطون، باعتبارها جماعة إرهابية لها خلفية دينية، ستكون أكثر قدرة على تخطي عملية القبض على «عشماوي»، إلا أن الأزمة التي تواجه التنظيم، تكمن في أن الجيش الليبي استطاع قتل والقبض على معظم القيادات المهمة للتنظيم.

وهنا يبرز سؤالٌ حول الصورة التي من الممكن أو يعود بها التنظيم إلى الساحة، وهو، هل يتم ذلك من خلال طلاب وتلاميذ عشماوي وقيادات الصف الأول؟، أم من خلال أفراد آخرين متعاطفين يحاولون إعادة بناء التنظيم، أو استنساخه في هيئة تنظيمات أخرى قائمة على نفس الفكر.

كما أن عدم مرور فترة زمنية كافية، يمنع المحللون من التنبؤ بصورة واضحة بمستقبل هذا التنظيم، ونحن أمام إرهاصات فكرية، لا يمكن تأكيد أي منها بصورة قاطعة.

وهناك سيناريو آخر لمستقبل الجماعة، يعتمد على النجاح الساحق للقوات الأمنية الليبية في القبض على الإرهابي هشام عشماوي حيًا، مما يعتبر كنزًا معلوماتيًا خطيرًا، يمكن من خلاله الحصول على معلومات حول التنظيم وأهم من به، وكيفية عمله داخل الأراضي الليبية، وكذلك مشروعاته المستقبلية داخل الدولة المصرية.

ما يمنح السلطات الأمنية الليبية والمصرية الفرصة لوأد أي عملية إرهابية محتملة من قبل التنظيم في مهدها، كما يسهل عملية القبض على باقي القيادات الرئيسية وأفراد التنظيم داخل درنة.

لذا، يمكن القول إن تنظيم المرابطون قد فقد بريقه على المستوى الإقليمي، إلا أن هذا لن يمنع هذه التنظيمات من الظهور مرة أخرى بصور ومسميات مختلفة، ولابد من المواجهة الشاملة، عسكريًّا وفكريًّا.
"