يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

التصوف في ألمانيا.. تركي الهوى ونقشبندي المنهج

الأربعاء 17/أكتوبر/2018 - 07:32 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

تحتضن ألمانيا ما يقارب 83 مليون شخص تتعدد معتقداتهم، يتجه خمسة ملايين منهم إلى اعتناق الإسلام كديانة ويبرز من بينهم تيار شديد التجذر والارتباطية بتعاليم الصوفية ومناهجها.


وهذا يقودنا إلى صفة أساسية يتسم بها التيار الصوفي في ألمانيا، وهي التعلق بالإسلام كثابت لا يتزعزع، فكثيرًا ما تتجه الكتابات الغربية عن التصوف إلى إلصاقه بمفهوم الغنوصية، أي وصفه كأنه تعاليم أسمى من الدين، ولكن أقطاب ألمانيا لا تعتمد في الغالب هذا المنهج بل ترى أن الصوفية جزء لا يمكن فصله عن الإسلام.


وبدوره يرتبط ذلك بسمة أخرى تشير إليها الدراسات التي اهتمت في البحث حول طبيعة هذا المجتمع اللافت في ألمانيا، ومنها الدراسة التي قدمها مركز الدراسات الأمريكية «PEW» والتي أشارت إلى أن بوابة التصوف قد قادت بعضًا من مسيحيي النشأة إلى التحول إلى الإسلام والشاهد على ذلك هو وجود نماذج مثل الشيخ حسن دايك، شيخ الزاوية العثمانية، وشيخ التكية المولوية عبدالله هاليس.

التصوف في ألمانيا..

صبغة عثمانية

وغالبية المتصوفة الموجودين في المراكز والقاعات الصوفية المنتشرة بأحياء ألمانيا المختلفة، يتبعون الطريقة النقشبندية (نسبة إلى محمد بهاءالدين شاه نقشبند المولود في أوزباكستان عام 1317)، ويعود ذلك الاعتناق إلى عدد من الأسباب، يتمحور أبرزها في ارتفاع نسبة أصحاب الأصول التركية بين طائفة المسلمين بألمانيا، حيث أشارت إحصائية حديثة صدرت في منتصف عام 2018 عن وحدة رصد اللغة الألمانية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن عدد مسلمي ألمانيا من ذوي الجذور التركية يبلغ نحو 2 مليون ونصف المليون شخص، أي ما يعادل نصف تعداد المسلمين هناك.

 

ونظرًا للانتشار التاريخي الذي شهدته الطريقة النقشبندية في السنوات المتعاقبة للخلافة العثمانية التي توارت منذ 1923، تسعى الأكثرية المتصوفة نحو إعادة إحياء هذا التراث في منحى مختلف يُعزيه الألمان إلى تغذية روحية متجردة يستلهم منها البعض إشباعًا وجوديًا يمنحه تواصلًا بين ماضيه وحاضره.

 

ولا تقتصر السيطرة التركية على نشر النقشبندية فقط بل تضم إليها الطريقة المولوية أيضًا والتي ترجع إلى جلال الدين الرومي (الأفغاني الملقب وسط مريديه بمولانا والذي عاش بين 1207 إلى 1273)، وعليه يتضح بعض من معالم التصوف (الألماني الموقع، والتركي الهوى).

التصوف في ألمانيا..

مراكز متعددة

في بقاع مختلفة وطرقات متعددة ينتشر عدد من المواقع يرتفع بداخلها أصوات الموسيقى التي يتمايل عليها المريدون في حلقات ذكر متتالية اعتاد الألمان انعقادها دوريًا، فواقعيًا تتعدد المراكز لكنها غالبًا تحمل نفس الطقوس الصوفية في الأمسيات الشعرية والندوات الثقافية إلى جانب حفلات العشاء والعروض المسرحية التي تجسد الماضي العثماني.

 

فيما تشترك أغلب البقاع المتصوفة في العرفان المنهجي والتأسيسي لـ«محمد ناظم عادل الحقاني» (1922- 2014 )، والمعروف بالشيخ ناظم القبرصي، نسبة إلى مكان ولادته، وهو صاحب النسب المزدوج لشيوخ الطريقة فتعلم من جده لأمه الطريقة المولوية، ومن جده لأبيه الطريقة القادرية، ثم انتهج لنفسه النقشبندية، وحرص على نشرها بأوروبا بمساعدة نجله «محمد محمد الحقاني»، الذي لا يزال يشرف على بعض المراكز بألمانيا.

 

المركز الرباني للتصوف

يعتبر المركز الرباني أو «Sufi Centre Rabbaniyya» من أشهر المواقع النقشبندية بألمانيا، كما أنه يمتلك فروعًا أخرى في عدد من العواصم الأوروبية ويديره حاليًا الشيخ أشرف أفندي (تلميذ ناظم القبرصي)، والذي تعود أصوله إلى تركيا.

 

وأسس «أفندي»، المركز بعد عودته من حرب البوسنة (وهي حرب اندلعت من 1992 إلى 1995 بغية الانفصال عن يوغسلافيا)، ويعتمد في تمويله على أموال التبرعات.

التصوف في ألمانيا..

الزاوية العثمانية

من اسمها يبدو التأثر بالماضي، فالزاوية العثمانية أو «osmanische herberge» تُعنى بالروحانيات السامية والزهد، ولكن لا تطلبه بالمحاضرات والحلقات الدعوية، وإنما تنشر الطريقة النقشبندية بالرقص والموسيقى والفرح.


هذا الفرح الذي يتجاذبه الجميع سواء كانوا من رواد المركز أو القائمين عليه، فمن المعتاد أن تتضمن الذكريات المصورة لفعاليات المركز عددًا من اللقطات للشيخ حسن دايك (مدير المركز والذي تتلمذ أيضًا على يد ناظم الحقاني) وهو يشارك في حلقات الرقص طالبًا للمدد الإلهي.

التصوف في ألمانيا..

مركز برلين للتصوف

يُعد أحد الحلقات المهمة في السلسلة النقشبندية، إضافة إلى اشتراكه في التأثر التركي والمدد الحقاني، فالمركز ينبثق عن «الجمعية العثمانية» التي تعد الممثل الأول لتغلغل الثقافة التركية في ألمانيا.

للمزيد: مركز برلين للتصوف.. الألمان في حضرة النقشبندية (صور)


وكسابقيه يعتمد المركز المسمى بـ «ottoman Sufi center berlin» على الأنغام والترانيم الموسيقية لنشر تعاليم التصوف وسط أصحاب الأيديولوجيات الغربية.

الشيخ عبدالله هاليس
الشيخ عبدالله هاليس

التكية المولوية

الموسيقى هي القوة الروحية التي يعتمد عليها أتباع الطريقة المولوية، التي يقود طائفتها حاليًا في ألمانيا الشيخ عبدالله هاليس «Abdullah Halis Efendi».

 

وفي الوقت الذي تتعدد فيه التكايا المولوية (المستوحاة أيضًا من الماضي العثماني) في البلاد فإن أشهرها تلك التي تقبع في جنوب العاصمة برلين، حيث يديرها الشيخ عبدالله هاليس بنفسه.

التصوف في ألمانيا..

مدرسة الصوفية الإسلامية

تتسم تلك الواجهة الصوفية باختلاف منهجها بعض الشيء فهي تعتمد الطريقة «الأويسية شاه مقصودية» نسبة إلى أويس بن عامر القرني (594- 658)، والذي عاش في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتوفي في معركة صفين (وهي المعركة التي نشبت بين جيش معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب) وكان أويس من أتباع علي.

 

وتستكمل المدرسة التي تعرف بـ«Maktab Tarighat Oveyssi Shahmaghsoudi» أو «M.T.O» اختلافها في المداخل التي ترتكز عليها لنشر التصوف فهي لا تعتمد فقط على حلقات الذكر إنما تهتم أيضًا بالأنشطة الاجتماعية والتعليمية وإنشاء حضانات ومدارس للأطفال.
اقرأ أيضًا: «عنايت خان».. موسيقي نقل التصوف من الهند إلى الغرب

أشرف افندي مدير المكز الرباني للتصوف
أشرف افندي مدير المكز الرباني للتصوف
حضرة بالمركز الرباني
حضرة بالمركز الرباني
الزاوية العثمانية
الزاوية العثمانية
الشيخ حسن دايك
الشيخ حسن دايك
حلقة ذكر بالزاوية العثمانية
حلقة ذكر بالزاوية العثمانية
عبدالله هاليس
عبدالله هاليس
مدرسة الصوفية العثمانية
مدرسة الصوفية العثمانية
مسرحية عثمانية بمركز التصوف الألماني
مسرحية عثمانية بمركز التصوف الألماني
"