دور «التجمع الوطني» للإصلاح في «أخونة» الجيش اليمني
يشغل حلم اختراق جماعة الإخوان للجيوش العربية والإسلامية، حيزًا كبيرًا
من تحركات الجماعة وتكتيكاتها، منذ نشأتها في نهاية عقد العشرينيات وإلي اليوم، إلا
أن إدراك تلك الجيوش لخطورة محاولات الجماعات الإرهابية في الداخل حال دون تمكن الإخوان
من اختراقها.
ورغم ذلك تمكن الإخوان من اختراق الجيش اليمني، طوال العقود الثلاثة الأخيرة،
بالاعتماد على عوامل كثيرة أبرزها العامل القبلي والسياسي في البلاد.
وترجع جذور سيطرة الإخوان على الجيش اليمني إلى مرحلة ما قبل الوحدة، حيث نشطت العناصر الموالية لجماعة الإخوان في اليمن الشمالي، ففي الفترة التي سبقت توحيد اليمن كانت العناصر المحسوبة على جماعة الإخوان، نجحت في اختراق الجيش وأجهزة الاستخبارات اليمنية في آن واحد، الأمر الذي أتاح سيطرة دائمة للجماعة على الجيش إلى اليوم.
اختراق
استخباراتي
نجحت جماعة الإخوان حتى قبل تأسيس «التجمع
اليمني للإصلاح 1990» في اختراق الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في اليمن الشمالي،
ففي عام 1973 تم تعيين الإخواني «محمد عبدالله اليدومي» في سلك الأمن العام، وما لبث
أن انتقل إلى الأمن السياسي وتولي فيه مناصب رفيعة مكنته من تحقيق اختراق إخواني للحركة
السياسية في اليمن الشمالي، وهو ما استفادت منه الجماعة كثيرًا في تثبيت أركانها في
اليمن فيما بعد.
نظرًا للنشاط المريب الذي مارسه «اليدومي»
في قطاع الأمن السياسي اليمني تم تجميد عمله عام 1984، لينطلق بعد ذلك في تأسيس هياكل
رسمية لجماعة الإخوان في اليمن معتمدًا على خبراته الأمنية السابقة، ففي عام 1985 أسس
صحيفة «الصحوة الإسلامية» التي عدت لسان حالة الحركة الإسلامية في اليمن (الإخوان المسلمين)،
وفي سبتمبر 1990 شارك في تأسيس «التجمع اليمني للإصلاح» وترأسه منذ تأسيسه وإلي اليوم.
اختراق
عسكري
بالتوازي مع الاختراق الاستخباراتي تمكنت
الجماعة من اختراق عسكري ممنهج للجيش اليمني قائم على استحواذ قيادة الجيش اليمني،
فخلال فترة ما بعد سقوط حكم الأمامية في اليمن 1962 نشط «بنو الأحمر» سياسيًّا في السيطرة
على معظم المناصب المهمة في الدولة، فالبداية كانت مع «عبدالله الأحمر» مؤسس «التجمع اليمني للإصلاح»
الذي ترأس وزارة الداخلية عدة مرات في فترة الستينيات وأيضًا ترأس مجلس النواب خلال
فترة التسعينيات.
وساهم النفوذ المتواصل لـ«عبدالله الأحمر» في تمكين «بنو الأحمر» من السيطرة على مقاليد الأمور في الجيش اليمني، فمنذ عام 1987 تمكن الفريق «علي محسن الأحمر » من السيطرة على «قيادة الفرقة الأولى مدرع» والمنطقة الشمالية العسكرية التي تعد عماد الجيش اليمني خلال فترة حكم الرئيس السابق «علي عبدالله صالح».
هيكلة
قاتلة
في ديسمبر 2012 صدرت قرارات الرئيس «عبدربه منصور هادي» بإعادة هيكلة الجيش اليمني إلا أن تلك الهيكلة أفضت إلى سيطرة التجمع اليمني للإصلاح على الجيش اليمني حيث أقصت الهيكلة كل العناصر المحسوبة على الرئيس السابق «صالح» من الجيش اليمني، وبالتالي أصبحت قيادة الجيش اليمني ساحة مفتوحة أمام «بنو الأحمر».
صعود
«طارق صالح» والهيكلة الثانية
يلعب التجمع الوطني في اليمن على وتر الخلافات
بين شقي «المؤتمر الشعبي العام» جناح الرئيس السابق «صالح» وجناح الرئيس الحالي «منصور»
عبر إثارة الخلافات بين الطرفين، وادعاء أن
جناح صالح يسعى للإطاحة بالرئيس هادي.
وتعاظم هذا الأمر في مرحلة ما بعد اغتيال
الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017 وفك الارتباط بين جماعة الحوثي و«المؤتمر
الشعبي العام جناح صالح»، حيث انضمت العناصر المحسوبة على صالح إلى المقاومة اليمنية
بقيادة نجل شقيق الرئيس السابق طارق صالح، الذي نجح في قيادة المقاومة اليمنية في الساحل
الغربي متمكنًا من إحراز انتصارات متتالية على جماعة الحوثي في مدينة الحديدة واستعادة
معظم المدينة المهمة من أيدي الحوثيين.
ولم يحظ صعود نجم «طارق صالح» في المقاومة
اليمنية بترحيب من قيادات التجمع اليمني، التي باتت تنظر له على المنافس الأول لـ«بنو
الأحمر» في السيطرة على مقاليد الأمور في اليمن،
الأمر الذي دفع الرئيس هادي في مارس 2018 بإيعاز
من نائب رئيس الجمهورية «على محسن الأحمر» بإعادة هيكلة الجيش اليمني من جديد والدفع
بعناصر محسوبة على التجمع لتولي زمام الأمور
في الجيش اليمني، شملت تعيين «حارس الأحمر» قائدًا للمنطقة العسكرية الرابعة وتعيين
العميد يحيي حسين صلاح المرافق السابق لنائب رئيس الجمهورية على محسن الأحمر قائدًا
للمنطقة العسكرية الخامسة التي تنتشر في محافظتي حجة والحديدة، والأهم من ذلك تعيين
«هاشم الأحمر» نجل «عبدالله الأحمر» مؤسس التجمع قائدًا للمنطقة العسكرية السادسة التي
تضم مناطق: صنعاء وعمران والجوف التي تعد المعاقل
الرئيسية لجماعة الحوثي، بالإضافة إلى تعيين
الضابط إسماعيل زحزوح قائدًا لقوات العمليات الخاصة.





