إخوان ماليزيا.. اللعب على كلِّ الحبال بهدف الوصول للسلطة
تشهد ماليزيا حاليًّا نشاطًا متزايدًا لجماعة الإخوان، التي تسعى للاستفادة من التطورات التي تشهدها الساحة السياسية عقب الانتخابات العامة التي أجريت مايو الماضي، وأسفرت عن خسارة تحالف «باريسان»، لصالح تحالف المعارضة بقيادة «مهاتير محمد».
وخاضت جماعة الإخوان الانتخابات العامة ضمن تحالف «مهاتير» في معركة انتخابية ضد «نجيب عبدالرزاق»، رئيس الوزراء السابق، وزعيم تحالف «باريسان» (تحالف الجبهة الوطنية)، وحصل حزبا جماعة الإخوان (الإسلامي الماليزي، وحزب أمانة) على 29 مقعدًا من أصل 113 مقعدًا، حصل عليها تحالف المعارضة بقيادة «مهاتير» في البرلمان.
وتأسس الحزب الإسلامي الماليزي على يد «برهان الدين الحلبي» عام 1956، فيما يعد حزب «أمانة» حزبًا حديثًا، إذ تم تأسيسه عام 2015، عقب توافق جرى بين قيادات حزب العمال الماليزي، وقيادات جماعة الإخوان على تشكيل حزب جديد، ويترأسه حاليًّا «محمد سابو»، نائب رئيس الحزب الإسلامي الماليزي السابق.
للمزيد: مقاتلو «داعش» في إدلب يحاولون الهروب إلى ماليزيا
وكان «مهاتير» عضوًا بجماعة الإخوان خلال فترة دراسته الجامعية، إلا أنه انسحب من الإخوان لينضم إلى «باريسان»، الذي كان يحكم البلاد حينها، وتدرج في المناصب القيادية داخل الحزب إلى أن تولى رئاسة الوزراء من الفترة 1981 إلى عام 2003.
العلاقات الماليزية ــ القطرية
اختير «سابو» من قبل «مهاتير» ليشغل منصب وزير الدفاع في الحكومة الائتلافية، وقام «سابو»، بزيارة قصيرة هذا الأسبوع لدولة قطر، التي تعد الدولة الحاضنة لقيادات الجماعة الإرهابية، وأجرى لقاءً مع الزعيم الروحي للإخوان يوسف القرضاوي، ونشر الموقع الرسمي للقرضاوي صورة تجمعه مع «سابو» في جلسة غير رسمية في محل إقامته.
وفي يوليو 2018، كان «سابو» قد أعلن سحب بلاده لقواتها المشاركة في التحالف، الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن، معللًا ذلك بأن بلاده فضلت أن تتخذ موقفًا محايدًا من الصراع في اليمن.
السعي لمزيد من المكاسب
وسعت جماعة الإخوان للفوز بـ40 مقعدًا في الانتخابات الأخيرة، من خلال جذب أصوات الإسلامويين في البلاد، فالحزب لا يخفي نيته تطبيق نموذج متشدد من الإسلام عندما يصل إلى الحكم، وقال رئيس الحزب، عبدالهادي أوانج، لوكالة «رويترز» في تصريح سابق: «الحكومة يجب أن تضع الإسلام في قلب سياستها».
ويظهر الإخوان في ماليزيا براجماتية سياسية في التعامل مع مختلف الأطراف السياسية، فالحزب قد خاض انتخابات عام 2013 ضمن ائتلاف المعارضة، وحصد حينها 21 مقعدًا في البرلمان الماليزي، لكنهم انسحبوا من التحالف مع المعارضة عام 2015، وعادوا مرة أخرى إلى صفوف المعارضة في بداية العام الحالي متحالفين مع مهاتير محمد.
ويحرص حزب الإخوان على التواصل مع الأطراف السياسية الفاعلة على الساحة الماليزية، ففي الجمعية العمومية للحزب، التي عقدت في منتصف الشهر الماضي، شوهدت قيادات من تحالف «باريسان» ضمن الحاضرين، وقالت «سوميشا نايدو»، الصحفية المختصة بالشؤون السياسية في مقال بموقع «نيوزاشيا» الماليزي، إن دعوة قيادات من تحالف باريسان لحضور الجمعية العمومية للحزب الإسلامي الماليزي، محاولة للحصول على المزيد من المكاسب السياسية، خاصة أن تحالف باريسان كان يحكم البلاد لفترة طويلة منذ الاستقلال من الاحتلال البريطاني.
وأضافت «نايدو» أن الحزب الإخوانى يرى في تحالف باريسان ممثلًا سياسيًّا لعرقية الملايو، التي تُشكل نسبة 60 في المائة من عدد السكان البالغ عددهم 31 مليون نسمة، متساءلة في نهاية مقالها عن كيف يمكن للحزب إدارة تحالفاته بين المعارضة والحكومة في المستقبل القريب.
وفي حالة دخول الإخوان في ائتلاف مع تحالف «باريسان» فلن تكون هذه المرة الأولى، ففي عام 1972، قام الحزب بالانضمام لتحالف باريسان، واستطاع حصد 14 مقعدًا في انتخابات 1974، إلا أن خلافًا قويًّا عصف بالعلاقات بين الحزب وبقية أعضاء تحالف باريسان، نتج عنه خسارة مدوية للحزب في انتخابات عام 1978، عندما فاز الإخوان بخمسة مقاعد برلمانية فقط.
للمزيد: القبض على 15 إرهابيًّا يخططون لتفجير دور العبادة في ماليزيا
ومن المتوقع أن يبقى مهاتير محمد في منصب رئيس الوزراء لمدة عامين فقط، ثم يقوم بعد ذلك بتسليم السلطة للسياسي المخضرم، «أنور ابراهيم»، الذي صرح في إفادة صحفية هذا الأسبوع على هامش مشاركته في قمة «سنغافورة 2018» المعنية بالشؤون الاقتصادية والصناعية، بأن البلاد كانت تحتاج إلى الاستقرار وزعيم قوي، وهو ما يفعله مهاتير مضيفًا: «أنا واثق بأنه يؤدي مهام منصبه بشكل فعال«.
وأضاف إبراهيم: «فلندع رئيس الوزراء يُسيّر شؤون الدولة، نحن نؤيده وهذا أمر مهم، نحن لسنا في عجلة من أمرنا، لأنه (مهاتير) يقوم بدور مهم للغاية من أجل البلاد».





