سجون «حزب الله» السرية في لبنان.. تعذيب واعتقال خارج القانون
الأحد 19/أغسطس/2018 - 08:16 م

علي رجب
«دولة حزب الله».. عبارة تلخص ما كشفته تقارير صحفية عن وجود سجون سرية للحزب الشيعي في لبنان، تُنتهك فيها حقوق الإنسان وتكشف عن وجود دولة موازية للحزب على الأراضي اللبنانية.

جاء الكشف عن سجون «حزب الله» السرية عبر أحد أبناء قيادات الحزب، فقد أكد
«علي مظلوم»، نجل حسين مظلوم المعروف حركيا باسم «الحاج ولاء»، أن هناك
سجونًا سرية للحزب يمارس فيها أشد أنواع تعذيب وإذلال المعارضين لسياساته من
داخل التنظيم أو خارجه.
حديث «مظلوم» ليس جديدًا في عملية الكشف عن
السجون السرية، ففي فبراير 2017، نشر موقع «جنوبية» اللبناني خبرًا عن عودة
ناشط لبناني يدعى «وسام ناصر الدين»، من بلد «العين» بالبقاع ذات الأغلبية
الشيعية، إلى منزله بعد حجزه لمدة 4 شهور في سجون «حزب الله».
وأوضح
الموقع اللبناني، أن «ناصر الدين» كان ينتمي إلى «حزب الله»، ومتفرغًا في
إطاره منذ ما يقارب السنوات الثماني، ضمن القوة العسكرية للحزب.

أشد أنواع التعذيب:
وكشف
«مظلوم»، في منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، عن
طرق تعذيب «حزب الله» لمعارضيه، حيث تم احتجازه في أحد سجون الحزب لمدة
سنة، قائلًا: «تم سجني لمدة عام تعرضت خلالها لأبشع أنواع التعذيب والإذلال،
حتى أنني بقيت حين أدخلوني السجن لما يزيد على ٢٤ ساعة مكبلًا ملفوفًا بغطاء
سميك، بينما كنت أتعرض للضرب بشكل متواصل».
وأضاف: «في هذه السجون
يمنع السجين من رؤية الشمس نهائيًا، حيث يقبع في زنزانة انفرادية طولها 1،5
متر وعرضها 1 متر فقط. كما يمنع من مشاهدة التلفاز ومعرفة ما يدور في
الخارج، وحتى أنه ممنوع إدخال المحارم والأقلام والأوراق إلى تلك السجون».

◄ خريطة السجون:
وكشف
«مظلوم»، أيضًا، عن خريطة السجون السرية لـ«حزب الله»، مشيرًا إلى أن هذه
السجون توجد في المناطق ذات النفوذ الكبير للحزب، خاصة في الضاحية الجنوبية
بالعاصمة بيروت، والسجن المركزي في حارة «حريك» الواقع خلف مستشفى بهمن،
في الملجأ التابع لمؤسسة «بيضون» لبيع الكراسي، وسجن بئر العبد الواقع في
مبنى خلف مركز التعاون الإسلامي مقابل عيادة الدكتور حسن عز الدين، ومركز
تحقيق قرب مجمع القائم في الطابق السابع، وسجن في بئر العبد قرب مجمع
السيدة زينب، وسجن مجمع المجتبى خلف قناة «المنار» الفضائية التابعة للحزب،
الذي يشمل زنازين انفرادية وغير انفرادية تمت إزالة بعضها بعد كشفها على
خلفية خطف فتاتين من «آل شمص» وسجنهما هناك.
لبنان ليس البلد الوحيد
الذي يمتلك فيه «حزب الله» سجونًا سرية، فعلى الأراضي السورية أنشأ الحزب
سجونًا في مدينة القلمون، وكذلك في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، ومزارع
الأمل بالقنيطرة، والصنمين داخل الفرقة التاسعة في درعا، وهذه السجون لا
تقع تحت سلطة الحكومة السورية، وكانت تشكل مركزًا لاعتقال وتعذيب المعارضين
السوريين والأسرى الذين وقعوا في يد «حزب الله»- بحسب تقارير سورية معارضة.
وقال
باسل أبو الجود، الناشط الإعلامي في القلمون السورية: إن معتقلات «حزب
الله» تتمركز في مزارع «ريما»، وحي «القاعة»، ويقع أكبرها في مزارع
«عقُّوزا» بحي «القاعة» في يبرود، ولا يمكن حتى للجيش السوري الوصول إليه
دون إذن من الحزب، موضحًا أنه تم توثيق أكثر من 70 حالة اعتقال لأشخاص من
القلمون في سجون «حزب الله».
◄ إدارة السجون:
وحول إدارة السجون
التابعة لـ«حزب الله»، قال علي مظلوم: إن السجون تتم إدارتها من قبل وحدتي
الحماية والأمن الوقائي، التابعتين للحزب.
وحول جنسيات المعتقلين
القابعين في هذه السجون السرية، أوضح نجل القيادي بـ«حزب الله»، أنها تضم
كل المعارضين للحزب في لبنان، وهناك محتجزون عرب وأجانب داخل سجون الحزب لا
أحد يعرف عنهم شيئا.
◄ مطالب بالتحقيق والإغلاق:
من جانبه،
طالب الناشط اللبناني، إلياس بجاني، المنظمات الدولية بالتدخل للكشف عن
الجرائم التي ترتكب في سجون «حزب الله»، وإغلاق هذه السجون، ومحاكمة
القائمين عليها.
وقال إلياس: «المطلوب من منظمة الصليب الأحمر، ومن
كل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمستقلة، التي تعنى بحقوق
الإنسان، وفي مقدمتها «هيومن رايتس ووتش وأمنستي إنترناشيونال»، أن ترفع
الصوت عاليًا وتضغط على إيران لدخول سجون حزب الله في لبنان والإطلاع على
أوضاعها».
واعتبر الناشط، في تصريحات سابقة له، أن « حزب الله قوة
احتلال إيرانية، وأن كل من يؤيد هذا الحزب يؤيد قوة احتلالية تعمل على
إزالة لبنان الرسالة من الوجود وتهجير أهله، ونقطة على السطر».
وفي السياق نفسه، طالب موقع «لبنان الجديد»، بإغلاق سجون «حزب الله»، والتحقيق
في تأسيس سجون ومراكز اعتقال بعيدًا عن عين مؤسسات الدولة، معتبرًا إياها
تعدّيًا على هيبة الدولة اللبنانية وكرامة المواطنين.
وقال «لبنان
الجديد»: إن هذه السجون هي تكريس حقيقي لمفهوم «الدويلة البديلة» عن الدولة
اللبنانية، مضيفًا أن سجون «حزب الله» تؤكد أن الحزب «لا يعترف بشرعية
القضاء اللبناني، أي لا يعترف بالدولة، فلا دولة من دون قضاء، فالحزب يتبنى
أحكامه الخاصة ويعتبرها معيارًا للحق والباطل».
وتابع الموقع
اللبناني: «هذا الضرب بمفهوم الدولة يصل حدّ إهانة كرامة اللبنانيين
وبالأخص الشيعة، فالحزب يستغل هذه السجون التي تُنتهك فيها حقوق الإنسان
والكرامات لإسكات معارضيه من داخل التنظيم، ولترهيب المواطنين»، مضيفا: «هو
يضع هذه السجون في أماكن قريبة من المجمعات السكنية، من أجل الإيحاء
للمواطنين بأنّه هو قدر الشيعة والسلطة التي تُمثّلهم والسيف المسلّط
عليهم».