يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

مصير حركة طالبان بعد فوز عمران خان برئاسة وزراء باكستان

السبت 04/أغسطس/2018 - 11:38 ص
المرجع
أحمد لملوم
طباعة
غَيَّر لاعب الكريكت السابق، عمران خان المشهد السياسي في باكستان خلال الانتخابات العامة التي جرت أواخر الشهر الماضي، بفوز حزبه بأغلبية تمكنه من أن يصبح رئيس الوزارء القادم، مبعدًا حزب رئيس الوزراء السابق نواز شريف من السلطة في انتخابات كانت حدثًا تاريخيًّا، لكونها المرة الثانية التي تنتقل فيها السلطة بصورة ديمقراطية في البلاد.

وكان فرع حركة طالبان في باكستان يعمل على إثارة الأزمات لإفشال العملية الانتخابية، سواء بتنفيذ عمليات إرهابية أسفرت أسوأها عن مقتل 130 شخصًا، عندما فجر انتحاريٌّ نفسه في تجمع انتخابي بجنوب غرب البلاد أو باستهداف المرشحين.

وخلال ساعات الصباح الأولى من أمس الجمعة تعرضت 12 مدرسة في شمال باكستان لهجمات بقنابل وأضرمت فيها النيران في منطقة ينتشر فيها أعضاء حركة طالبان الإرهابية، في رسالة لعمران خان، أن الحركة سوف تستمر في جرائمها، وأن وجوده في السلطة لن يغير الوضع الحالي.
مصير حركة طالبان
وأدان عمران خان، الهجمات على المدارس ووصفها بأنها «صادمة»، وكتب في تغريدة على تويتر: «هذا غير مقبول، وسوف نضمن تأمين المدارس، ونحن ملتزمون بالتركيز على التعليم».

لكن حركة طالبان، وإن كانت تنكر الوضع الجديد في باكستان، فإنها تواجه تغييرات دراماتيكة في المشهد السياسي، خاصةً مع الضغوط الكبيرة التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب من أجل تنفيذ اتفاق سلام في البلاد ينهي الصراع المستمر منذ 10 سنوات، وراح ضحيته الآلاف من المدنيين وقوات الأمن.

وقامت حركة طالبان في باكستان مايو الماضي، باختيار «مفتي نور والي محسود»، زعيمًا جديدًا لها، بعد مقتل زعيمها السابق «الملا فضل الله» في ضربة جوية أمريكية أفغانية، وشغل «محسود» منصب نائب زعيم الحركة الإرهابية منذ فبراير الماضي، بعد مقتل الرجل الثاني السابق في الحركة، خالد محسود، في ضربة بطائرة دون طيار نفذتها القوات الأمريكية على إقليم وزيرستان الشمالي، على الجانب الباكستاني من الحدود.

وحسم «نور محسود»، الخلاف بين أعضاء حركة طالبان حول اختيار «الملا» الجديد، وساعده في ذلك علاقته وتقربه من شبكة «حقاني»، التابعة لحركة طالبان الأفغانية، ضد منافسه على مقعد زعيم الحركة «عمر رحمن سواتي».

وتواجه الحركة الإرهابية صراعات داخلية بين قادة يسعون للحصول على نفوذ أكبر؛ ما تسبب في انشقاق بعض أفرادها، وتكوين جماعات جديدة؛ إذ شكل عمر خالد خراساني، تنظيمًا إرهابيًّا أطلق عليه «جماعة الأحرار»، بعد احتدام الخلافات بينه وبين باقي زعماء الحركة.
مصير حركة طالبان
ونفذت «جماعة الأحرار» الإرهابية، هجمات عدة أغلبها استهدف مسيحيي باكستان؛ حيث شنت الجماعة المنشقة عن طالبان هجومًا انتحاريًّا على كنيسة في مدينة كويتا في جنوب غرب باكستان خلال قداس يوم الأحد، قبل أسبوع على الاحتفال بعيد الميلاد العام الماضي، وقتل 8 أشخاص على الأقل، وجرح 30 في هذا الهجوم. 

إضافة إلى تفجير استهدف محتفلين بعيد الفصح في مدينة لاهور شرق باكستان عام 2016، أسفر عن مقتل 72 شخصًا وإصابة 340 آخرين بجروح، عندما فجر انتحاري نفسه قرب ملعب للأطفال في المنتزه، كما تبنت الجماعة الهجوم المزدوج الذي استهدف كنيستين في حي مسيحي في مدينة لاهور عام 2015، وأوقع 10 قتلى وأكثر من 50 جريحًا.

إضافة إلى حالة الضعف والتشرذم التي تعيش فيها حركة طالبان، هناك قضية مصير الحركة في حال الوصول لاتفاق سلام مع الحكومة الباكستانية بضغوط أمريكية، وكيف وإلى أين سوف يتجه مقاتلو طالبان مع وجود وضع مشابه في الجارة أفغانستان؟ حيث أسست الحركة في منتصف التسعينيات.

ونشرت وسائل إعلام أمريكية عن اجتماع عدد من قادة طالبان أفغانستان مع دبلوماسيين أمريكيين كبار، لبحث إمكانية تنفيذ وقف إطلاق النار كخطوة أولى في طريق تنفيذ اتفاق سلام هناك أيضًا، واعتاد مقاتلو الحركة على القتال والإرهاب؛ ما يصعب من إدماجهم في الحياة المدنية، خاصةً مع استمرار الصراع في الشرق الأوسط الذي قد يبدو مغريًا لبعضهم في حال تنفيذ اتفاق السلام.

وهناك السؤال الأهم وهو: ما المكاسب السياسية التي سوف تخرج بها حركة طالبان من صفقة اتفاق السلام؟ ويرى بعض المراقبين أن الحركة قد تطلب إدماجها في الحياة السياسية وتأسيس حزب سياسي، هذا وإن بدا أمرًا طبيعيًّا يفتح الباب أمام تساؤل عن الأجندة السياسية لحزب الحركة، وهل سوف يدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية بتفسيراتها المنحرفة لها؟ أم سوف يكون لحركة طالبان توجه جديد؟
"