يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

استقواء حزب الله على «الحريري» يستدعي ذكرى أليمة للبنانيين

الأربعاء 01/أغسطس/2018 - 03:15 م
المرجع
إسلام محمد
طباعة
في ظلِّ الأفق السياسي المسدود الذي يمرُّ به لبنان، في ظل تعثر ولادة الحكومة الجديدة التي يبدو أنها لن تُنجز قبل شهر على الأقل، وفق توقعات المراقبين، بسبب تعنت حزب الله وممارسته هو وحلفاؤه، تتزايد الضغوط على رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، سعد الحريري، وتوضع العراقيل أمامه لإجباره على تنفيذ الأجندة السياسية لحزب الله، وتحضر ذكرى أحداث 7 آيار كمحطة بارزة في مسيرة الأزمات السياسية اللبنانية.
سعد الحريري
سعد الحريري
الآن يستقوي حزب الله -هو وحلفاؤه من حركة أمل وتيار المردة- على سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل الممثل للطائفة السنية، ويضعون العراقيل في مسيرته لتشكيل الحكومة، لا يبدو في الأفق القريب أي بوادر حل للخروج من الأزمة سوى برضوخ الحريري لمطالبهم أو اعتذاره عن تشكيل الحكومة، وإلا ستتجه الأمور لمزيد من التأزم والصدام على نحو يُذَكِّر بحادثة 7 آيار التي وقعت عام 2008، عندما رفع الحزب سلاحه في وجه تيار المستقبل وحلفائه لإجبار الحكومة على التنازل عن عدد من مطالبها.

وبرغم تغير الأوزان النسبية بالمشهد اليوم، إلا أن المكونات العامة للمشهد تظل حاضرة، ففي الحادثة المذكورة حينما أصدرت الحكومة قرارًا على لسان وزير الإعلام غازي العريضي بوقف عمل شبكة الاتصالات الهاتفية التي أقامها حزب الله، ووصفتها الحكومة بأنها «غير شرعية وغير قانونية، كما أنها تشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام»، واتخذت الحكومة اللبنانية وقتها إجراءات قانونية من شأنها إطلاق الملاحقات الجزائية ضد جميع الأفراد والهيئات والشركات والأحزاب والجهات التي تثبت مسؤوليتها في مد هذه الشبكة، وكذلك إزالة كاميرات المراقبة التابعة لحزب الله في مطار بيروت الدولي، وإقالة رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير المقرب من الحزب.

وكانت ردة فعل الحزب حينها وحلفائه أن هجموا على الأحياء ذات الأكثرية السنية بأسلحتهم، وحدثت مواجهات عسكرية راح ضحيتها العشرات أغلبهم من السنة والدروز الذين كان زعيمهم وليد جنبلاط متحالفًا مع تيار المستقبل آنذاك.

حينها بدا لبنان على شفا حرب أهلية؛ بسبب تهور حزب الله، وتذكر المواطنون ويلات 15 عاما أمضوها في أتون حرب بين الطوائف لا تُبقي ولا تذر، وخرج رئيس الوزراء فؤاد السنيورة على شاشات التلفاز ليقول لحزب الله: «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك» وتداعت الأطراف الدولية لتدارك الموقف قبل أن يؤدي لنشوب حرب قد يتطاير شرارها للدول المجاورة.
استقواء حزب الله
حزب الله حينها كان –وما زال- يستمد شرعية تغوُّله على الدولة، وافتئاته على الحكومة بكونه يمثل «المقاومة»، وأي مساس به هو مساس بالمقاومة، وهدد الحكومة بأن من يمس شبكات اتصالاته وتجسسه سوف يقطع يده باعتباره عميلًا إسرائيليًّا، وبالفعل انتشر مسلحو الحزب وحركة أمل الشيعية في العاصمة اللبنانية لاستعراض عضلاتهم، وهاجم أتباع وئام وهاب حليف حزب الله معاقل الدروز التابعين لوليد جنبلاط، وكادت الفتنة أن تشتعل بلبنان لولا حكمة زعماء تيار المستقبل وتحالف 14 آذار المساند لهم.

ومنذ ذلك التاريخ سقطت ورقة التوت التي غطت جسد حزب الله، وأظهرته بمظهر الحزب المقاوم، بينما هو يصوب بندقيته لأبناء وطنه دفاعًا عن امتيازاته، ويتخذ المقاومة سلعة ومبررًا لتلك الامتيازات.

وفي حين يصف حسن نصرالله زعيم حزب الله هذا الحادث بـ«اليوم المجيد»، فإن قادة تيار المستقبل وقوى 14 آذار لا يكادون يغفلون مناسبة دون أن يتطرقوا للحديث عن تلك الحادثة التي تركت جُرحًا كبيرا لدى اللبنانيين، وأرسلت لهم رسالة واضحة -لا لبس فيها- أن وطنهم مختطف بيد مجموعة من المسلحين.. يتحكمون بمصير البلاد، ويفرضون إرادتهم على أبنائها، سواء كانوا حكامًا أو محكومين.
"