«أمل» و«حزب الله».. لعبة الشيعة في لبنان المكتوي بالطائفية
الأربعاء 18/يوليو/2018 - 09:17 م

علي رجب
حرب كلامية- بلغت حد التراشق والتلاسن- اشتعلت بين حركة «أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وجمهورها من ناحية، وبين مؤيدي حزب الله من ناحية أخرى، وذلك على خلفية تصريحات جميل السيد، النائب بالبرلمان اللبناني عن حزب الله، عندما قسّم الشيعة إلى فئتين «شيعة الدولة برئاسة بري، وشيعة (المقاومة) بقيادة حسن نصر الله».

شيعتان وبلد واحد
وقال النائب اللواء جميل السيد في تغريدة له إن للشيعة في السياسة جناحان، شيعة الدولة برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري وشيعة المقاومة بقيادة حسن نصر الله.
وأضاف النائب المحسوب على حزب الله: «شيعة المقاومة قاموا بواجبهم كاملًا ضد العدو جنوبًا وضد الإرهاب بقاع، وشيعة الدولة أعطوا الجنوب كثيرًا ولم يعطوا البقاع ما يستحقه. البقاع اليوم قنبلة موقوتة لا تخسروه».
وسارع القيادي في حركة أمل غازي زعيتر، وزير الزراعة في حكومة تصريف وعضو كتلة التحرير والتنمية إلى الرد عبر قناة «ان.بي.ان» الناطقة بلسان «أمل» بقوله: «شيعة الدولة هم شيعة المقاومة، وهم هم لبنانيو كل الطوائف».
وتوجه زعيتر- وهو نائب حركة أمل عن البقاع- إلى النائب السيد بقوله: «فعلا لم نقم بواجبنا عندما لم نرد عليك مرارًا، ظنا منا أننا نطبق مبدأ «إذا أكرمت...» مع الأسف ابن الدولة يريد إلى جانبه من هم أمثاله ونحن لسنا كذلك».

لعبة السيد
رأى البعض أن ما صرح به النائب اللواء جميل السيد، هو جزء من لعبة لطموحاته، لإشعال لبنان والجنوب، وقال حسين إسماعيل، رئيس جمعية الوسط الاسلامية وإمام مسجد السيد شرف الدين في مدينة صور اللبنانية: «جميل السيد يثأر من الرئيس بري، علما أنه حليف لحزب الله، والسؤال الذي يطرح نفسه هل أن النائب السيد استشار حزب الله. وهو الذي وصل إلى النيابة عن طريق السوريين. لذا لا يمون عليه سوى السوريين، وأعتقد أن حزب الله واقع اليوم في أزمة في البقاع».
وأضاف إسماعيل: «غير صحيح ما يقال إن حزب الله غير معنيّ بموضوع الوظائف. نعم هناك فرق بين حزب الله وحركة أمل في الموضوع الإقليمي، فالرئيس بري وسطي ومقبول من جميع الأطراف، ويدعو إلى التوافق والحوار».
وأكد إسماعيل في تصريحات صحفية أن «القول إن الرئيس نبيه بري هو السلطة النافذة والحاكمة كلام غير صحيح، هو شريك في الحصة الشيعية مع حزب الله في الوظائف، والجميع يظن غير ذلك، لأن حزب الله لا يريد أن يفتح الباب على نفسه، بخلاف الرئيس نبيه بري، خاصة أن موضوع الوظيفة لدى حركة أمل غير منظّم».
وأوضح «جميل السيد ليس ابن اليوم، فهو له تاريخ، ويحاول من خلال تغريداته أن يستميل أهل البقاع، ويستغل الحرمان الموجود، وهو على اااااااغا من حزب الله العاتب عليه، كونه يسحب شعبيته منه، ويحاول التأسيس منذ الآن لرئاسة مجلس النواب».

مناوشات بين الحركتين
من جانبه قال أسامة الهتيمي، الباحث في الشأن الإيراني، إن الجميع يعلم تاريخيًّا أن هناك صراعًا خفيًّا بين المكونين الشيعيين اللبنانيين حركة أمل وحزب الله، يعود إلى تأسيس حزب الله المدعوم إيرانيًّا منذ بداية ثمانينيات القرن الميلادي الماضي؛ حيث خرج الحزب من رحم حركة أمل التي كانت أسبق منه في التأسيس، وهو ما رسخ لدى حركة أمل وأعضائها أنها الحركة الأم التي كانت أسبق في تكوين وتشكيل تنظيم يعبر عن الشيعة اللبنانيين.
وأضاف الهيتمي فى تصريح لـــ«المرجع» أن هذا الصراع بين الحركتين تجسد مرارًا على فترات زمنية مختلفة؛ حيث نشبت بينهما حرب استمرت لأسابيع عام 1985 كما شهدت العلاقة توترًا كبيرًا عام 1990 بعد اشتباكات بينية أيضًا كانت نتيجتها وقوع نحو 2500 قتيل ونحو خمسة آلاف جريح.
وتابع الباحث في الشأن الإيراني أن المناوشات بين الحركتين استمرت على الرغم من الاتفاقات والمعاهدات التي رعتها كل من سوريا وإيران لتهدئة الأجواء بين الحركتين حتى وقت قريب ففي عام 2016 كادت أن تندلع حرب بينهما على خلفية ما حدث في بلدة الصرفند قضاء الزهراني جنوبي لبنان؛ حيث قام أنصار كل جماعة من الجماعتين الشيعيتين بتمزيق صور خاصة بكل جماعة ما أسفر في النهاية عن إطلاق نار كثيف انتهى بتدخل من القيادات واحتواء الموقف.
وأضاف الهتيمي أن هذا الصراع الخفي بين الحركتين يبقى مرشحًا للتصعيد بين الحين والآخر، طالما بقيت نظرة حزب الله وعناصره للآخر بما فيهم الشيعة غير المنضوين تحت لواء حزب الله نظرة دونية، إذ لا يتعاطى حزب الله اللبناني وكل الميليشيات الموالية لإيران انطلاقًا من مبدأ الأخوة إلا مع المؤمنين بنظرية ولاية الفقيه وهو ما لا يؤمن به أتباع حركة أمل التي يعدها حزب الله حركة علمانية.
وأردف قائلًا: «العجيب أن يتباهى أنصار حزب الله باعتبارهم حزب المقاومة فيما أن غيرهم محسوبٌ على الدولة وحسب ناسين أو متجاهلين أن الحزب هو من فرض حصارًا على أي طرف لبناني أو غير لبناني للمشاركة في المقاومة ضد الكيان الصهيوني وذلك لحسابات حزبية ضيقة أراد بها أن يروج أنه الطرف السياسي الوحيد الذي يقاوم في لبنان وغير لبنان وهو ما تكشف وأصبح واضحًا جليًّا أمام الجميع».
واختتم الباحث في الشأن الإيراني، قائلًا إنه من المتوقع أن يتم احتواء الموقف كما هو العادة في كل الصراعات والسجالات التي نشبت بين الحركتين خلال السنوات الماضية إذ ليس من مصلحة كلاهما تصعيد هذا النزاع في ظل الظرف السياسي التي تمر به كل من لبنان وإيران وسوريا.