الجماعات الإسلامية في أوروبا.. نقطة في بحر «الحلم الأكبر»
السبت 14/يوليو/2018 - 10:36 ص
صورة أرشيفية
شيماء حفظي
«الفرع يتبع الأصل، والمصب يجري بما يجود به المنبع»؛ عبارة تَصِف حال الجماعات الإسلامية التي تنشأ في الغرب، والدول الأوروبية بشكل خاص.
ففي الوقت الذي تتحرك فيه الجماعات والتنظيمات الإسلامية في العالم العربي على الأرض باختلاف أيديولوجياتها للوصول إلى السلطة (كل حسب طريقته)، يتصارع في أوروبا تنظيمان رئيسيان، لكنهما مجرد نقطة لا تمتد لخط مستقيم يمكنه إحداث تغيير جذري.
داعش في ألمانيا
ألمانيا.. جماعات على طريق «داعش»
تتصدر جماعتا «ملة إبراهيم، والدين الحق» المشهد في ألمانيا، إضافة إلى ما انبثق عن هاتين الجماعتين من جماعات أخرى تحمل المنهجية ذاتها.
وجماعة الدين الحق، أسسها إبراهيم أبوناجي (فلسطيني الأصل)، بهدف «تحسين صورة المسلمين والإسلام في ألمانيا»؛ لكن الشرطة الألمانية قررت حظر الجماعة بتهمة أنها موالية لتنظيم داعش، وتحرض على اعتناق الكراهية والتمييز بين المسلمين و«الكفار».
أما جماعة ملة إبراهيم؛ فمؤسسها هو محمد محمود، الملقب بـ«أبوأسامة الغريب»، المولود في النمسا، والذي تأثّر بأفكار تنظيم داعش، حتى تزوج العام 2014 من «أحلام النصر»، المعروفة بـ«شاعرة داعش»، وتم حظر هذه الجماعة في ألمانيا عام 2012.
ولا تدخل الجماعات الإسلاموية في ألمانيا في تصادم مع الشرطة أو الحكومة بشكل مباشر، لكنها تنفذ عمليات تستهدف المواطنين، في حين تتخذ جماعات أخرى طرقًا سلمية لجذب مزيد من المسلمين.
والنموذج المسالم يتضح في ظاهرة الداعية السلفي «بيير فوجل»، المعروف بـ«الفاتح الإسلامي لألمانيا»، والذي تحول من لاعب ملاكمة إلى داعية إسلامي، يدعو لاعتناق الإسلام ويُرشد المسلمين الجدد إلى طرق الإيمان والعقيدة.
وعلى الرغم من استخدام «فوجل»، الأسلوب الدعوي وتنديده بالعنف وتصريحه بأن «داعش» لا يُمثل الإسلام؛ فإن الحكومة الألمانية تعتبره مَصدر خطر على الشباب مع إمكانية تحولهم للتطرف.
صورة أرشيفية
حيث تنشأ الجماعات الإسلامية في الدول الأوروبية من خلال أفراد تلقوا تعليمًا إسلاميًّا في إحدى دول المنبع (أفريقيا والعالم العربي)؛ فإن هؤلاء يسعون لتطبيق ما تعلموه في المجتمعات الأوروبية.
ولأن المسلمين في أوروبا يُعتبرون أقليَّة فإن تلك الجماعات لا تسعى إلى الوصول للسلطة من خلال «مواجهة الحكومة» بشكل مباشر، لكنها تتخذ أساليب مختلفة لتوسيع قاعدتها الإسلامية وجذب مزيد من الأعضاء إليها.
وفي حين تسعى الجماعات الإسلامية المعتدلة، إلى إعادة تأهيل القيم الإسلامية للمسلمين الأوروبيين واستقطاب مزيد من المسلمين الجدد، إلا أن الجماعات المتطرفة تسعى لجذب مزيد من «المقاتلين»، لتنفيذ أجندة التنظيم الرئيسي.
وفي دول مثل ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، أصبحت الجماعات الإسلامية محط أنظار التنظيمين الرئيسيين (داعش، والقاعدة) في العمليات المسلحة.
فرنسا.. مسرح آخر من الصراع الكبير
يظهر الصراع بين تنظيمي داعش والقاعدة جليًّا في باريس، خاصة في الأعمال الإرهابية التي يتبناها الطرفان في فرنسا.
وحين بدأت العمليات الإرهابية في فرنسا أظهرت طرفين عاملين بشكل رئيسي في مسرح الأحداث؛ فالأخوان كواشي المتهمان في تنفيذ الاعتداء على صحيفة شارل إيبدو (على خلفية الرسومات المسيئة للرسول) يتبعان تنظيم القاعدة، بينما أحمد كوليبالي المتهم في عملية الهجوم على مطعم للمأكولات اليهودية في اليوم التالي كان يبايع تنظيم داعش.
فاديم تروخاتشوف
وقال كبير الأساتذة في كرسي بحوث الأقاليم الخارجية والسياسة الخارجية بالجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية «فاديم تروخاتشوف»، في مقال بعنوان «الإرهاب في أوروبا: أي الدول أكثر أمنًا؟»، نشره موقع «روسيا اليوم»، في يوليو من العام 2017: «إن فرنسا تُعاني من العمليات الإرهابية والجرائم، على الرغم من أن معظم اللاجئين قدموا من الجزائر وتونس والمغرب، وليسوا متشددين دينيًّا».
وأضاف كبير الأساتذة في كرسي بحوث الأقاليم الخارجية والسياسة الخارجية بالجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية، «قد تكون نسبة المسلمين في فرنسا هي الأعلى في أوروبا الغربية (زهاء 10%)، فيما تعيش في بعض ضواحي باريس ومارسيل غالبية عربية، وليس بمقدور الشرطة والأجهزة الأمنية السيطرة على ما يجري فيها»، مشيرًا إلى أن بلجيكا تحتل المرتبة الثالثة في قائمة الخطر بين بلدان الاتحاد الأوروبي، والمرتبة الأولى بعدد مواطنيها الذين يُقاتلون في صفوف تنظيم داعش.
ويفسر «الوجود المسلح»، للجماعات الإسلاموية في دول أوروبا تحت مظلتي «القاعدة وداعش»، فكر السلطة عند الجماعات التابعة لهذين التنظيمين، التي تنفذ عمليات مسلحة في بلدان خارجية تخدم الهدف الأكبر.
ووفقًا لتقرير نشره «دويتش فيلة»، في 2015، بعنوان: «الإرهاب العالمي.. طريق الدم لإقامة دولة الخلافة» اعتبر تنظيم داعش أخطر تنظيم إرهابي في العالم، وهو يُشبه تنظيم القاعدة في العديد من الأشياء، غير أنه يتبع استراتيجية مختلفة.
هانز غيورغ ماسن
كيف توغلت التنظيمات في أوروبا؟
نقل مركز أبحاث «جيتستون»، تحذير رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية في ألمانيا «هانز غيورغ ماسن»، من أنَّ تنظيم داعش يزرع الجهاديين عمدًا بين صفوف اللاجئين المتدفقين إلى أوروبا.
كما يُمثل العائدون من الجهاد مع تنظيم داعش إلى بلدانهم خطرًا كبيرًا، خاصة في ألمانيا.
وقال «غيورغ»، إن عدد السلفيين في ألمانيا قد ارتفع في العام 2016 إلى 7 آلاف و900 سلفي، مقارنة بـ7 آلاف في العام 2014، و5 آلاف و500 في العام 2013.





