التطرف في المالديف.. أسبابه ومظاهره وجهود مكافحته
لا تخلو أي دولة أو مجتمع من خطر التطرف، بل يمكن أن يصيب أي فئة أو طائفة أو جنس أو عرق أو دين، ولكن هناك بعض الدول التي تعاني من التطرف بشكل خاص، نظرًا لظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن بين هذه الدول، نجد جزر المالديف.
وفي هذا التقرير، سنحاول استعراض بعض جوانب التطرف في جزر المالديف، وأسبابه ومظاهره وجهود مكافحته.
جزر المالديف هي دولة مسلمة تقع في المحيط الهندي، وتتألف من أكثر من 1200 جزيرة مرجانية.
تعتبر السياحة أحد أهم مصادر دخلها، وتجذب الزوار من جميع أنحاء العالم بجمالها الطبيعي، لكن رغم من ذلك تُعاني جزر المالديف من التطرف، وتواجه أيضًا تحديات كبيرة في مواجهة التطرف والإرهاب.
-أسباب التطرف في جزر المالديف
لا يوجد سبب واحد يفسر ظاهرة التطرف في جزر المالديف، بل هناك عوامل متعددة ومتداخلة تسهم في خلق بيئة مواتية لانتشار الأفكار المتطرفة والعنف.
بعض هذه العوامل هي:
- الفقر والبطالة: رغم نمو اقتصاد جزر المالديف بفضل السياحة، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء، وانعدام فرص العمل للشباب، خاصة في الجزر النائية، ما يؤدي إلى شعور بالإحباط والبحث عن بدائل.
- التأثير الخارجي: تتعرض جزر المالديف للتأثير من قبل جماعات ودول تروج لنسخة متشددة من الإسلام، سواء عبر الإنترنت أو عبر تمويل المساجد والمدارس والمنظمات. كما تستقطب جزر المالديف بعض العناصر الأجانب الذين يستخدمونها كمنطقة عبور أو استقرار.
- التغيرات السياسية والاجتماعية: شهدت جزر المالديف في السنوات الأخيرة تغيرات سياسية مهمة، مثل انتقالها من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي، وظهور أحزاب سياسية مختلفة، بعضها ينتمي إلى التيار الإسلامي.
كما شهد المجتمع تغيرات اجتماعية، مثل زيادة حرية التعبير والحركة والتعددية الثقافية.
هذه التغيرات أثارت ردود فعل متباينة بين مؤيدي التغيير ومعارضيه.
- ضعف المؤسسات والقانون: تفتقر جزر المالديف إلى مؤسسات قوية وشفافة تضمن حقوق المواطنين وتحاسب المسؤولين.
كما تفتقر إلى قانون واضح وموحد يحكم العلاقة بين الدولة والدين، ويحدد معايير مكافحة التطرف والإرهاب، وهذا يفتح المجال للتلاعب والانتهاكات والفساد.
مظاهر التطرف في جزر المالديف
يتجلى التطرف في جزر المالديف في عدة مظاهر، منها:
- الانضمام إلى تنظيمات إرهابية: إذ تشير بعض التقارير إلى أن جزر المالديف تعد من أكثر الدول إرسالًا لعناصر إلى سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم داعش أو تحرير الشام، ويقدر عدد هؤلاء المقاتلين بمئات، ويشكلون نسبة عالية مقارنة بعدد سكان البلاد.
كما توجد بعض الخلايا الموالية لداعش داخل جزر المالديف نفسها.
- الهجمات الإرهابية: شهدت جزر المالديف بعض الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة، مثل محاولة اغتيال الرئيس عبد الله يمين في عام 2015، وتفجير قاربه بواسطة عبوة ناسفة.
كما شهدت هجومًا على متحف وطني في عام 2012، أسفر عن تدمير بعض التحف التاريخية. كما تعرضت بعض المواقع السياحية للتخريب والتهديد.
- التشدد الديني: يلاحظ انتشار التشدد الديني في جزر المالديف، وذلك من خلال فرض بعض الممارسات والقواعد الصارمة على المجتمع، مثل حظر بعض المظاهر الثقافية والفنية، ومنع خلط الجنسين، وإجبار النساء على ارتداء الحجاب، ومحاربة بعض المذاهب والطوائف الأخرى.
كما يلاحظ تزايد حالات التكفير والتحريض على العنف ضد من يخالفون هذه الممارسات.
جهود مكافحة التطرف في جزر المالديف
تبذل جزر المالديف جهودًا متعددة لمكافحة التطرف والإرهاب، سواء على المستوى الحكومي أو المجتمعي.
و من بين هذه الجهود:
- إصلاحات سياسية وقانونية: تسعى حكومة جزر المالديف إلى تعزيز الديمقراطية والشفافية والحكامة في البلاد، وذلك من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإصلاح قطاع الأمن والقضاء، وإصدار قوانين تحمي حقوق الإنسان وتجرم التطرف والإرهاب.
- تطبيق السياسة الخارجية: تحاول حكومة جزر المالديف تعزيز علاقاتها مع الدول والمنظمات الدولية التي تدعم جهودها في مكافحة التطرف والإرهاب، وذلك من خلال التعاون في مجالات الأمن والتبادل الثقافي والتنمية.
كما تحاول حكومة جزر المالديف التواصل مع الدول والجماعات التي تمثل مصادر للتأثير الخارجي على المجتمع، وذلك لتحقيق التوافق والحوار والتفاهم.
- تعزيز الهوية الوطنية: تسعى حكومة جزر المالديف إلى تعزيز الهوية الوطنية للشعب المالديفي، وذلك من خلال إبراز تاريخه وثقافته وتنوعه، وتشجيع المشاركة المدنية والانتماء الوطني. كما تسعى إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الإسلامية والانفتاح على العالم.
- دعم المجتمع المدني: تدعم حكومة جزر المالديف دور المجتمع المدني في مكافحة التطرف والإرهاب، وذلك من خلال تمكين المنظمات غير الحكومية والأهلية والدينية والشبابية والنسائية من ممارسة نشاطاتها بحرية وأمان.
كما تدعم حكومة جزر المالديف مبادرات المجتمع المدني في مجالات التوعية والتثقيف والإصلاح والوقاية من التطرف والإرهاب.





