مأساة الشرق السوري.. جراح تتجدد بسبب الفوضى
الأربعاء 25/أكتوبر/2023 - 02:13 م
إسلام محمد
شهدت منطقة الشرق السوري خلال الفترة الأخيرة اشتباكات واضطرابات أمنية أثارت القلق من احتمال استغلال تنظيم داعش الإرهابي لهذه الأحداث والعودة من جديد إلى المنطقة التي كانت يومًا من الأيام حاضنته ومقر دولته المزعومة، إذ اندلعت صدامات مسلحة ما بين القبائل العربية وميليشيات قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارًا بقسد، والتي تتكون من المقاتلين الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي.
وتحظى قوات سوريا الديمقراطية بدعم وحماية من قوات الولايات المتحدة الأمريكية التي تتمركز في قواعد عسكرية في الشرق السوري ضمن مهمة شعارها محاربة الإرهاب ومنع ظهور «داعش» مرة أخرى من جديد في تلك المنطقة.
ومن ضمن تعقيدات المشهد السياسي في الشرق السوري أن النظام السوري في دمشق يطالب برحيل القوات الأمريكية بغض النظر عن طبيعة المهمة التي تعلن أنها تعمل على تحقيقها، لذلك تراهن دمشق على جبهة العشائر العربية للحد من النفوذ الأمريكي، وكذلك نفوذ قوات سورية الديمقراطية في المنطقة الخارجة عن سيطرتها في شمال وشرق البلاد، وذلك بعد انفراط التحالف بين القبائل العربية وقوات سوريا الديمقراطية وتحول التوتر إلى مواجهات عسكرية ما إن هدأت لبعض الوقت إلا وعادت مرة أخرى.
وقال فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين السوري في تصريحات خاصة لصحيفة "الوطن" المحلية إن جميع محاولات "الاحتلال الأمريكي لتكريس أمر واقع ميداني على الأراضي السورية ستفشل" ووصف الوجود والتحركات الأمريكية بأنها محاولات بائسة وأعرب عن تعويله على سكان المنطقة المحليين لإفشال محاولات اللعب على عامل الوقت، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية.
وتابع الوزير السوري تصريحاته قائلا: "مطمئنون دائمًا بأن الشعب السوري شعب عظيم، ويتصدى لكل الهجمات ومحاولات الاستعمار".
ورغم أن الاشتباكات العسكرية بين قبائل العرب وقوات سوريا الديمقراطية بدأت عقب اعتقال القوات الكردية لأحد قادة القبائل وهو أحمد الخبيل لكن يبدو أن هذا الحادث لم يكن إلا "القشة للتي قصمت ظهر البعير"، لأنها نتيجة تراكمات كثيرة، فالمناطق العربية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية يتم تهميش العرب فيها.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية سيطرت على ريف دير الزور الشرقي بشكل كامل بدعم من التحالف الدولي مطلع عام 2019 بسيطرتها على بلدة الباغوز في أقصى الشرق السوري بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي منها، مع انتهاء حملة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ضد التنظيم والتي كانت بدأت في عام 2016.
وتعد هذه المنطقة من المناطق الغنية بالنفط والزراعة، وتضم ما يطلق عليه سلة الغذاء في البلاد.
ودخلت تركيا على الخط بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية إنهاء الاشتباكات وسحب قواتها الكردية من المواجهات مع القبائل، فشن الجيش التركي هجومًا على القوات الكردية، وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في الثاني عشر من سبتمبر، مقتل 4 عناصر من تلك القوات في الشمال السوري.
وتعتبر تركيا أن قوات سوريا الديمقراطية الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي منظمة إرهابية بصفتها فرعًا لحزب العمال الكردستاني المدرج على لوائح الإرهاب في عدد من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وتتهم تركيا الولايات المتحدة بدعم الإرهاب بسبب دعمها لقوات سوريا الديمقراطية في سوريا.
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، عن تنفيذ 36 عملية لاستهداف تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا خلال شهر، مما أثار تساؤلات عن مصداقية هذه الأرقام واحتمال ارتباطها بمحاولة واشنطن تبرير استمرار وجود قواتها في سوريا.
وبسبب حالة التوتر الأمني شهدت تلك المناطق حركة نزوح كبيرة للسكان المدنيين من أماكن إقامتهم للبحث عن مناطق أكثر أمنًا في أنحاء الدولة السورية.
وهدأت الأوضاع بعد معلومات عن قبول القبائل وقسد للتفاوض برعاية من "التحالف الدولي" بقيادة القوات الأمريكية لإنهاء الاشتباكات وإيجاد صيغة لحل الخلافات بين الطرفين ولكن يبقى هذا الهدوء غير موثوق بالنسبة للأهالي الذين عانوا الأمرين خلال تلك الاضطرابات.
كما أن أطرافًا من القبائل مقيمة في قطر تدخلت والتقت بمسؤولين عسكريين ومدنيين أمريكيين في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة القطرية الدوحة، وتكفلت بنقل مطالب القبائل لوقف العنف.





