«طالبان» تنغص حياة الأفغانيات بمنع زيارة المتنزهات
تواصل حركة طالبان الأفغانية الحاكمة، انتهاج سياسات قمعية ضد النساء، إذ منعتهن مؤخرًا من زيارة المتنزهات لأجل غير مسمى.
وعللت حركة طالبان قراراها بمنع النساء من زيارة متنزه "أمير" الوطني الواقع في مقاطعة باميان وسط البلاد، بأن هذا الأمر ليس ضروريًّا للنساء.
وقال وزير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فى حكومة طالبان، محمد خالد حنفي في نهاية أغسطس الماضي: إن الأفغانيات لم يعد بإمكانهن التنزه في تلك الحديقة؛ لأنهن لم يلتزمن بالقواعد الصحيحة لارتداء الحجاب الإسلامي، وذلك وفقًا للرؤى الشرعية للحركة.
استبداد طالبان بحق الأفغانيات
ليست هذه المرة الأولى التي تمنع فيها حركة "طالبان" النساء من التنزه، منذ وصولها للحكم في أغسطس 2021، ففي العاشر من نوفمبر 2022، صرح المتحدث باسم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حكومة طالبان، بأن الحركة قررت منع النساء من الذهاب للحدائق العامة دون وجود محرم، وذلك مع نشر جدول يحدد زيارة الأفغانيات لحدائق العاصمة كابول بثلاثة أيام فقط في الأسبوع تحددها الحركة.
وقال "عاكف" آنذاك إن طالبان اتخذت هذا القرار لأنها لاحظت اختلاطًا بين الرجال والنساء في المتنزهات العامة، مع عدم الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية، وفقًا لرؤية الحركة، وهي الأسباب التي اعتادت الحركة تقديمها مع كل قرار متعسف ضد النساء.
سلسلة القيود المفروضة ضد النساء
وبعد وصول "طالبان" للحكم تبنت خطابًا إعلاميًّا منفتحًا روجت خلاله لاحترامها حق الأفغانيات في العمل والتعليم واختيار التخصصات التي يرغبن في الانضمام إليها، ولكن سرعان ما عادت الحركة لأيدلوجيتها العنيفة ضد المرأة.
وكان منع الفتيات من التعليم الجامعي ضمن أبرز القرارات القمعية التي اتخذتها طالبان ضد النساء، فمع نهاية عام 2022 قررت الحركة قصر التعليم الجامعي على الذكور، ما لاقى استهجانًا دوليًّا وكذلك دينيًّا، إذ عبر الأزهر الشريف عن استيائه من هذا القرار المخالف لصحيح الدين.
وقبل هذا القرار اتخذت طالبان قرارات أخرى بدت تمهيدية للمنع النهائي، فمنعت الفتيات من الالتحاق بتخصصات تعليمية محددة كالإعلام والصحافة والهندسة وغيرهم، وسمحت فقط بتخصصات أدبية ولغوية إلى جانب الطب والرعاية الصحية، وذلك قبل أن تعلن منع الفتيات من تأدية امتحانات كلية الطب بعد سنوات دراستهن الطويلة، ما قضى على أحلامهن في هذا المجال أيضًا.
وفي يناير 2023 أصدرت هيئة الأمم المتحدة تقريرًا اتهمت من خلاله طالبان بإجبار النساء العاملات في النيابة والسلك القضائي بالتوقف عن العمل وتهديدهن بالعنف، كما منعتهن من الحضور للمحاكم إلا إذا كن طرفًا في نزاع.
مشكلة طالبان مع مفردات الدولة الوطنية
وحول القيود المفروضة على النساء من طالبان، يقول الباحث المصري المختص في ملفات التنظيمات المتطرفة، أحمد بان: إن فكرة إعطاء دور للمرأة في الحياة العامة أو المهن القانونية أو حتى منحها حق التعليم هو أزمة بالنسبة لطالبان، مضيفًا أن هناك تفاهمات تدور حاليًّا داخل أروقة طالبان بأن تكتفي الأفغانيات بتعلم القراءة والكتابة وبعض الأشغال اليدوية فقط، وهي نظرة متخلفة من وجهة نظره وتجاوزتها الكثير من المجتمعات منذ عقود، لافتًا إلى أن هذه الأفكار تحكمها أيديولوجية قبلية أكثر منها دينية.
ويضيف الباحث في تصريح لـ"المرجع" أن طالبان لديها مشكلة مع مفردات الدولة الوطنية الحديثة بكل ما تحمله من قيم أو مؤسسات، لافتًا إلى أن قيم المواطنة والمساواة بين المرأة والرجل غائبة عن قيادات الحركة.
وأشار الباحث في ملفات التنظيمات المتطرفة إلى أن التهديدات ضد القضاة بشكل عام يؤثر على منظومة العدالة في أفغانستان، مشددًا على أن ممارسات طالبان تهدد قيم الدولة الحديثة والعدالة والمساواة بين البشر، وسيكون لذلك أثر واسع على اضطراب الأوضاع في البلاد.





