هل نجحت التفاهمات «التونسية ــ الأوروبية» في الحد من الهجرة غير الشرعية؟
أصبحت تونس نقطة نشطة لانطلاق عمليات الهجرة غير الشرعية من قارة إفريقيا صوب جنوب أوروبا، إذ أفادت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية، بتدفق ما يقرب من 49 ألف شخص إلى السواحل الإيطالية منذ بداية يناير وحتى شهر مايو 2023، انطلاقًا من تونس.
تفاهمات تونسية ــ أوروبية
نتيجة لذلك عقدت لقاءات وجولات وقمم، بين السلطات التونسية ودول أوروبية على مدار الأشهر الأخيرة أفضت إلى تفاهمات هدفها الحد من الهجرة غير الشرعية، ومنع وصول المهاجرين إلى القارة الأوروبية.
وتصاعدت أزمة الهجرة غير الشرعية في إفريقيا مع توسع أزمات دول القارة ما بين اقتصادية وأمنية وانتشار الجماعات الإرهابية، فضلًا عن الانقلابات المتكررة؛ حيث تتصدر دول جنوب الصحراء الإحصاءات من حيث الأكثر تصديرًا للمهاجرين.
ما هي فاعلية التفاهمات؟
بخلاف الانتقادات التي وجهت لدول أوروبية على خلفية هذه التفاهمات، إذ اتهمتها كيانات حقوقية بعدم مراعاة إنسانية المهاجرين والتعاطف مع الأسباب التي دفعتهم إلى البحر، وبعد بضعة أشهر من تلك الاتفاقات يجدر السؤال عن فاعليتها، وهل نجحت في الحد من الهجرة غير الشرعية؟
وبحسب ما ينشر على لسان بعض المهاجرين فتوقفهم عن عبور البحر إلى أوروبا هو أمر غير وارد، باعتباره الخيار الوحيد لهم، فلا هم قادرون على الإقامة بتونس ولا هم راغبون في العودة إلى بلدانهم.
وبناء على ذلك فمعيار قياس نجاح التفاهمات الأوروبية ــ التونسية في الحد من الهجرة غير الشرعية، ليس بناء على وقف رحلات الهجرة غير الشرعية ولكن في مدى ضبطها.
وفي جولة لها رافقت فيها غرف السواحل التونسية لمدة 24 ساعة، قالت شبكة "بي بي سي" الإخبارية البريطانية: إن خفر السواحل ضبط تسع رحلات، وهو ما يعتبر رقمًا كبيرًا إذ وضعنا في الحسبان نجاح قوارب في الهروب.
في السياق نفسه، أعلنت السلطات الأمنية في تونس، في الثاني من يوليو الماضي، ضبط 2068 مهاجرًا عبر السواحل الشرقية للبلاد خلال عطلة عيد الأضحى بين يومي 27 و29 يونيو الماضي.
ولفت المتحدث باسم الحرس البحري التونسي آنذاك إلى أن 65 عملية اجتياز للحدود البحرية تم توقيفها.
وفي سياق متصل يجري حرس الحدود التونسي محاولات لمنع انطلاق الرحلات من الأساس، إذ نجح في ضبط مهاجرين كانوا يتهيأون لانطلاق رحلاتهم، أكثر من مرة، إلى جانب مداهمة ورش مخصصة لصناعة قوارب حديدية تستخدم في الهجرة غير الشرعية في مدينة صفاقس المعروفة بكونها أبرز نقاط انطلاق الرحلات غير الشرعية.
مكاسب تونسية ــ أوروبية
وتقر هايدي الشافعي، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ببعض المكاسب التي حققتها كل من تونس وأوروبا في إفشال العديد من رحلات الهجرة غير الشرعية، قائلة في دراسة حديثة بعنوان "المال مقابل المهاجرين: دوافع ومآلات الاتفاق التونسي الأوروبي حول الهجرة": إن الاتفاق التونسي الأوروبي ينطوي على بعض المكاسب باعتباره سيساعد في الحد من تدفقات المهاجرين لأوروبا وخاصة إيطاليا، على الأقل على المدى القصير.
وتابعت أنه على الجانب التونسي يسهم بشكل أساسي في دعم الاقتصاد المتدهور، كما لفتت إلى أن الاتفاق ليس الأول الذي يعقد من طرف أوروبي مع تونس بخصوص الهجرة غير الشرعية.
وأوضحت الباحثة أنه سبق وأن وقعت دول منفردة صفقات مماثلة، بما في ذلك تونس ذاتها التي وقعت اتفاقًا للهجرة في عام 1998 مع إيطاليا، استتبعها اتفاقان مكملان في عامي 2003 و2009، بالإضافة إلى اتفاق في عام 2011 في مواجهة الزيادة الكبيرة في المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى إيطاليا بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، لافتة ‘لى أن ما يميز هذا الاتفاق عن سابقيه كونه ولأول مرة يُبرم مع المفوضية الأوروبية ممثلة عن الاتحاد الأوروبي بأكمله وليس إيطاليا وحدها، وهو ما يمكن فهمه في سياق الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك.





