ad a b
ad ad ad

لماذا تتنصل طالبان أفغانستان من علاقتها بالجناح الباكستاني من الحركة؟

الإثنين 14/أغسطس/2023 - 09:29 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

يربط كثير من الباحثين بين نشأة حركة طالبان الأفغانية وباكستان، بل ويعدها الكثيرون ذات نشأة باكستانية في الأساس، أو أنها انطلقت في بداياتها الفعلية من الأراضي الباكستانية، خلال الثمانينيات في عهد الرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق، ورغم مخالفة ذلك للحقيقة، لكن الروابط الأيديولوجية والحركية تؤكد أن للحركة جذورًا أساسية في الأراضي الباكستانية، بل إن قيادات الحركة الأفغانية كثيرًا ما أكدوا أن تحريك طالبان الباكستانية جزء لا يتجزأ من الحركة وليست مجرد فرع عنها، فما الذي تغير مؤخرًا كي يخرج سهيل شاهين أحد القيادات البارزة في طالبان أفغانستان يتنصل من تلك العلاقة التاريخية؟


بعد الصعود


بمجرد صعود حركة طالبان الأفغانية إلى السلطة في أغسطس 2021م، ظهرت العلاقة القوية بين جناحي الحركة في باكستان وأفغانستان وكأنهما حركة واحدة، وظهر قيادات تحريك طالبان الباكستانية يتجولون بكل أريحية في شوارع العاصمة الأفغانية كابول بعد أقل من أسبوعين من استيلاء طالبان على السلطة وفي جو ملتبس للغاية وسط غموض تام للمشهد، إذ ظهر زعيم الحركة نور ولي محسود ومعه عدد من قيادات طالبان باكستان يتبادل الحديث مع مواطنين أفغان في العلن وهو الأمر الذي كان مستحيلًا من قبل، إذ لم يكن مسموحًا لهم بمجرد عبور الحدود الأفغانية الباكستانية في ظل الحكومة الأفغانية السابقة بقيادة أشرف غني الرئيس الأفغاني السابق، أو في ظل وجود القوات الدولية على الأراضي الأفغانية.


كما بدأ تزايد نشاط الحركة الباكستانية على الحدود بين البلدين واتسعت الاشتباكات بينها وبين القوات الباكستانية وبدأت تشكل تهديدًا أمنيًّا خطيرًا على باكستان زادت حدته مع مطلع عام 2022م، ففي العاشر من ديسمبر 2022 أعلن نور الله محسود، زعيم حركة طالبان باكستان، أن حركته فرع من حركة طالبان الأفغانية، ورفض تمديد وقف إطلاق النار مع القوات الباكستانية، كما تعهد محسود بأن حركته ستطبق النظام الإسلامي في باكستان على غرار أفغانستان.


وتكشف تلك التصريحات والأحداث العلاقة الوطيدة بين جناجي الحركة، كما تكشف مدى التطابق بينهما. كما تتهم «إسلام أباد» دائمًا حكومة طالبان الأفغانية بتوفير الملاذ الآمن للجناح الباكستاني من الحركة وتقدم لهم الدعم والمساندة.


التنصل من الجناح الباكستاني


ومع التقارب الكبير بين جناحي الحركة والذي كشفته تصرفات قيادات الجناحين وتصريحاتهم المتوالية منذ صعود حركة طالبان باكستان إلى الآن، يأتي الزعيم البارز في حركة طالبان أفغانستان ورئيس المكتب السياسي للحركة، ليفجر قنبلة لم تكن متوقعة وهو التنصل من طالبان باكستان وإعلان التخلي عنها خلال تصريحات صحيفة لصحيفة عرب نيوز في التاسع من يوليو 2023، والتي أكد خلالها أن مسلحي طالبان الباكستانيين موجودون في مناطق القبائل الباكستانية وليسوا في أفغانستان.


ونفى شاهين وجود مقاتلي طالبان الباكستانية على الأراضي الأفغانية ووصف الجماعة بالمحظورة، مشيرًا إلى ان الجماعات المحظورة موجودة في المناطق القبلية في باكستان، وبالتالي فإنها مسؤولية إسلام أباد وليست مسؤولية حكومة طالبان الأفغانية. مؤكدًا أن حكومة طالبان تحافظ على علاقاتها مع الدول وليس مع قوات الأمن.


خلافات داخل الحركة


وتعكس تلك الرؤية التي يتحدث بها سهيل شاهين وهو أحد زعماء الجناح السياسي من الحركة ورئيس المكتب السياسي لها وجود خلافات داخل طالبان أفغانستان بين جناحي الحمائم -الذي يتمثل في زعماء التفاوض أو من يؤثرون الخط السياسي التفاوضي- والجناح الجهادي الملتزم بالنهج القديم للحركة والذي لا يقبل التخلي عن زملاء الدرب.


فالفريق الأول يرى حتمية التراجع عن المنهج الجهادي الثابت للحركة في ظل الظروف المتغيرة المحيطة بها، والتي تؤثر على علاقاتها مع الخارج وتنعكس على مصالح الحركة وتجعها في حالة صدام دائم مع العالم، كما تنعكس على الوضع الداخلي في أفغانستان. أما الفريق الثاني وهو الفريق الجهادي فلا يريد التخلي عن مبادئه.

 

"