ad a b
ad ad ad

لماذا اعترفت الولايات المتحدة الآن بالفشل في الانسحاب من أفغانستان؟

الجمعة 07/يوليو/2023 - 09:03 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

لم تكن محادثات الدوحة بين طالبان والولايات المتحدة نابعة عن رضا تام من قبل واشنطن بالحركة، أو اعترافًا منها بأن طالبان قد أصبحت مؤهلة لتشكيل حكومة والتعامل معها أو مع العالم بصيغة مغايرة لما كان قبل تلك المحادثات باعتبارها جماعة مسلحة ومصنفة على قوائم الإرهاب، فلم تصل الحركة إلى هذه المكانة من الثقة لدى أمريكا، بل كانت الولايات المتحدة تقيس الأمور بمنظور ورؤية أخرى، اتضح جزء منها خلال المباحثات، وظهر على السطح جزء آخر في أبريل الماضي، ورويدًا رويدًا بدأت الرؤية تتضح إلى حد ما في نهاية يونيه 2023.

اعتراف بالفشل

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة 30 يونيه 2023م تقريرًا حول تقييم عملية الانسحاب من أفغانستان في أغسطس 2021، وما تبع ذلك من أحداث حتى الآن.

وخلص التقرير الذي يتكون من 87 صفحة، إلى أن قرارات ترامب وبايدن بإنهاء الوجود العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، كانت لها عواقب وخيمة.

وأكد التقرير أن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن ألمحت كثيرًا إلى أن العام الأخير الذي سبق عملية الانسحاب قد تأثرت بأمور خارجية جعلت الأمور غير مستقرة هناك، خاصة بعد جائحة كورونا التي أثرت بشدة على سير الأمور في السفارة الأمريكية بكابول، ومن ذلك حركة التأشيرات الخاصة بالأفغان الذين يرغبون في مغادرة البلاد قبل عودة طالبان للسلطة مرة أخرى، وسط مخاوف من عقاب جماعي لمعارضيها.

واتهم التقرير إدارة ترامب بعدم التخطيط بصورة جيدة لعملية الانسحاب أو كيفية الاحتفاظ بتمثيل دبلوماسي للولايات المتحدة في أفغانستان أو مصير آلاف الأفغان الفارين من طالبان، والذين لم تتمكن من السيطرة عليهم كما حدث في مطار كابول خلال الأيام الأخيرة من الانسحاب، والتي اتسمت بالعشوائية.

ثغرات في الاتفاق

لم تعترف الولايات المتحدة بحركة طالبان أو تمنحها الشرعية بشكل رسمي، رغم أن الواقع كان عكس ذلك، فقد مكنتها من الجلوس معها على مائدة المفاوضات، وتجاهلت النظام الحاكم آنذاك برئاسة أشرف غني الرئيس الأفغاني السابق، وهو ما منح حركة طالبان المرونة الكافية في التصرف وكأنها كيان رسمي يتحدث باسم الأفغان.

كما عكست صيغة الاتفاق مدى التناقض الكبير في تعامل الإدارة الأمريكية مع حركة طالبان، والتي وضعت عبارة تنم على عدم الاعتراف بها في كل موضع يذكر في اسم الحركة في ديباجة الاتفاق وهي (إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان) في الوقت الذي تتفق معها على أمور لا يمكن أن تحدث إلا إذا كانت طالبان في نظر الولايات المتحدة كيانًا كامل المقومات لإدارة تلك المرحلة الخطيرة في تاريخ أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة من البلاد، والتي استمر وجودها على مدى 20 عامًا، وكان أهم أهدافها التخلص من حركة طالبان، لكنها لم تفعل، بل سلمت لها السلطة بصورة أو بأخرى.

اعتراف بالفشل

ليأتي اليوم الأخير من شهر يونيه 2023 أي قبل حوالي شهرين من مرور ثلاثة أعوام على ذكرى استيلاء طالبان على السلطة، لتصدر فيه الولايات المتحدة تقريرًا تعترف فيه إدارة الرئيس بايدن بالفشل في التخطيط للانسحاب من أفغانستان، وهو ما يطرح التساؤل لماذا الآن؟

التقرير الآخير الذي صدر قبل ثلاثة أيام من عطلة عيد استقلال الولايات المتحدة في 4 يوليو، والتي بدأ العديد من الموظفين والمسؤولين في واشنطن إجازاتهم.

كما لم تأت صياغته وتفاصيله بجديد يذكر، فكل ما هنالك أنه عبارة عن تجميع لمساجلات سابقة واتهامات من إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن لسلفه دونالد ترامب بالإهمال أو أنه وضع إدارة بايدن الجديدة آنذاك أمام الأمر الواقع.

ولم تتضح إلى الآن المبررات الحقيقية من وراء صدور هذا التقرير، وتكرار السجالات بين إدارتي بايدن وترامب في هذا التوقيت، وما إذا كان الأمر يتعلق فعلًا بطالبان أو أفغانستان من أساسه، لكن من المرجح في النهاية أن يكون الأمر على علاقة بانتخابات الرئاسة الأمريكية التي يترقب الأمريكان أن تشهد منافسة شرسة بين كل من بايدن وترامب مرة أخرى قد تستخدم فيها كل الملفات، ومن بينها الملف الأفغاني.

"