طموحات الجولاني تتحطم على صخرة رفقاء الدرب وتجاهل الغرب
منذ ثلاثة أعوام بدأت خطوات أبي محمد الجولاني زعيم ما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقًا) نحو التحولات الجذرية في أيديولوجيا فصيله المنشق عن تنظيم القاعدة، من أجل الظهور بمظهر الحزب السياسي الذي يسيطر على مساحات واسعة من الشمال السوري، وكانت خطوته الأخيرة بإعلان الانفصال التام عن "القاعدة"، واتخاذ إجراءات نحو تفكيك جميع الفصائل التي كانت شريكة لفصيله في الثورة والانفراد بالحكم، الأمر الذي أدى إلى موجة غضب سواء من زملاء الدرب في التنظيمات الجهادية أو الفصائل الثورية الأخرى.
استلهام نموذج طالبان
منذ فترة، بدأت هيئة تحرير الشام في استلهام نموذج حركة طالبان في أفغانستان وزاد نشاط الهيئة في هذا الاتجاه بعد وصول الحركة إلى السلطة في منتصف أغسطس2021، إذ اقتصرت عملياتها داخل نطاق نفوذها على محاربة الفصائل الأخرى سواء التي كانت تشاركها الانتماء الأيديولوجي لتنظيم القاعدة، أو غيرها مثل تنظيم داعش.
كما تحول خطاب زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إلى خطاب أشبه بخطابات السياسيين لإيهام من حوله أنه في طريقه لتحويل جماعته إلى صورة جديدة تتيح لها التعاطي مع العالم كشريك سياسي أملًا في الجلوس يومًا ما على موائد المفاوضات الدولية كما كان الحال مع حركة طالبان في مفاوضات الدوحة قبل استيلائها على السلطة في أغسطس 2021م.
وقدم الجولاني وهيئته الكثير من التنازلات، تخالف التي أُنشئت عليها "النصرة" كفصيل مسلح من أجل الوصول لهذه النقطة، ومنها التساهل مع إقامة المسيحيين شعائرهم.
خلاف مبكر
خطوات الجولاني في هذا الاتجاه لم تكن تخفى على كثير من قيادات الحركة منذ وقت مبكر، إذ أعلن كل من عبدالله المحيسني ومصلح العليان القاضيان في هيئة تحرير الشام استقالتهما في وقت مبكر خلال أبريل 2017م بسبب شعورهما ببوادر التحولات داخل الهيئة، ونشر المحيسني حينها بيانًا على حسابه على موقع التواصل "تليجرام" باسمه واسم رفيقه "العليان" أكدا خلاله ان أهم أسباب الاستقالة هي التسريبات الصوتية التي وصفت شرعيي الهيئة بأوصاف لا تليق وفيها انتقاص صريح لحملة الشريعة على ألسنة بعض المتصدرين في الهيئة على نحو خطير، ما استلزم انتهاضة من أجل إصلاح الخلل من خلال حزمة إجراءات - حسب البيان.
تصعيد ضد الجولاني
أثارت تصرفات أبو محمد الجولاني وأطماعه السياسية التي كشف عنها مؤخرًا ورغبته في الوصول إلى ما هو أكبر من زعيم جماعة إلى رئيس دولة وممارساته ضد معارضيه في ريفي إدلب وحلب الشماليين التي وصلت إلى تنظيم حملات اعتقالات موسعة طالت النساء والأطفال، الجميع ما أدى الى خروج مظاهرات شعبية ضد "الجولاني" بشكل يومي منذ منتصف مايو الجاري منددة باقتحام الجهاز الأمني التابع للحركة المنازل، ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط الجولاني منها "يا جولاني يا حقير نحن وراك حتى تطير".
وسط تلك الفوضى التي تعيشها المناطق الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، بدأت قيادات في الجماعات الجهادية الهروب إلى خارج البلاد من بينهم أبو عبدالله المحيسني القاضي الشرعي السابق في الهيئة، والذي نقلت وسائل إعلام محلية في سوريا أنباء عن هروبه إلى تركيا قبل أسابيع خوفًا من أن تطاله رصاصات التصفية بعد اشتعال الخلافات بينه وبين الجولاني.
معارضة شرسة
ونشر عدد من القيادات الثورية في ريفي إدلب وحلب الشماليين سلسلة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تندد بمشروع الجولاني متهمة إياه بأنه خائن للثورة السورية ويسعى للانفراد بالسلطة على أشلاء رفقائه حتى من الداخل.
ونشر أبو العز أريحا (علاء الفحام) قائد غرفة عمليات عفرين في الفيلق الثالث، سلسلة تغريدات طالب فيها جميع الفصائل بمواجهة مشروع الجولاني وأهدافه، وركز على أن الجولاني يحاول إيهام المخدوعين به بأن مساعيه في طريقها للتنفيذ من خلال عدة وسائل:
أولها إيهام الناس بترتيبهم الخارجي وقبولهم الإقليمي وترويج هذا بالإعلام، وثانيها إنفاق أموال طائلة على إعلاميين ومراكز غربية لتحسين صورة الجولاني، وثالث تلك الوسائل العمل على إخفاء التقارير الغربية التي تستهدف تحرير الشام.
وتكشف تلك الحالة ما تعانيه هيئة تحرير الشام وزعيمها من معارضة قوية في الداخل حتى من بين من كانوا يومًا رفقاء الدرب خلال المرحلة الجهادية الذين انقلب عليهم الجولاني، فانقلبوا عليه، الأمر الذي يهدد أحلامه بالتلاشي خاصة في ظل عدم وجود صدى قوي لتحولاته في الخارج.





