الإفراج المشروط يجدد الجدل.. عناصر الإرهاب تتجول في الشوارع الكندية

لا يزال الإرهاب الدولي يقدم إشكاليات أمنية حديثة نسبيًّا وسط مخاوف الدول من إنتاج قوانين جديدة تتوافق مع التحديات الناشئة في هذا الملف دون السطو على حقوق الإنسان أو المعايير الدستورية الراسخة لدى المجتمعات الغربية.
ومؤخرًا عاد الحديث حول هذه الإشكالية، للتصاعد في كندا على خلفية خروج بعض المدانين في قضايا إرهاب من السجون قبل انتهاء مدة عقوبتهم استنادًا إلى برامج للتأهيل أو مواد تبيح خروج المتهمين من السجن قبل مدتهم إذا اجتازوا اختبارات إلزامية.
ويتسم القانون الكندي بخصوصية إزاء ملف الإفراج المشروط، ويتيح القانون الإفراج عن المسجونين لمدة يوم كامل يواجهون فيه العالم بحرية ثم يعودون إلى السجن بعد انتهاء المدة أو يتم إيداعهم في بيوت مخصصة كمراكز للتأهيل النفسي والمجتمعي للمدانين، كبداية للإفراج المبكر عنهم، وبحكم القانون تطبق تلك المواد على الإرهابيين دون تمييز عن الجنائيين وسط مخاوف لدى البعض من عدم مناسبة تلك المواد مع المتطرفين، فيما يخشى البعض من تعديل ذلك بما يضر بقيم المجتمع.
عناصر القاعدة تتجول في الشوارع
حصل هيفا علي زاده البالغ من العمر 43 عامًا في 24 مايو 2023 على إفراج لمدة يوم واحد من السجن يعود بعده لمركز متخصص للتأهيل في تورنتو لاستكمال فترة تأهيله للتعامل مع المجتمع، وكان زاده قد تلقى حكمًا في 2014 بالسجن لمدة 24 عامًا لتورطه في التجنيد لصالح تنظيم القاعدة عبر خلية في أوتاوا، كما ضلع في تصنيع القنابل وتعليمها لأتباعه.
وحصل هيفا على هذه الميزة نتيجة قرار مجلس الإفراج المشروط بكندا عقب تعهده بأنه سيخبر المتطرفين بأنهم على خطأ وأنه سيلتزم بالقانون، ورافق القرار الأخير موجة من الجدل بالداخل حول جدوى تطبيق مواد الإفراج الشرطي على المتطرفين.
انتقل زاده المولود في إيران إلى كندا عام 2002 وحصل على جنسيتها في 2007، ولكنه عاد في 2009 إلى إيران ومنها إلى أفغانستان ليلتحق بمعسكر لتدريب المسلحين تحت قيادة تنظيم القاعدة، وتلقى تدريبًا مكثفًا على الأسلحلة وصنع المتفجرات، وعاد في العام ذاته إلى كندا ليجند الكثيرين لصالح التنظيم مؤسسًا شبكة بالداخل استطاعت الأجهزة الأمنية اعتقالهم فيما بعد.
إشكالية القوانين
تجدد هذه الأحداث النقاش حول إشكالية تحديث القوانين بما يتلاءم مع تحديات الإرهاب، وإذا ما كان يجب على المدانين بقضايا تطرف التمتع بمزايا قانونية تتيح لهم الحرية بعد مدد قصيرة أو حتى خلال مدة سجنهم وعلاقة ذلك باحتمالية تورطهم في شبكات تسعى لإعادة التواصل بين المحكومين في الغرب وقادة الجماعات المتطرفة لخلق شبكات داخل السجون.
من زواية أخرى هناك من ينظر إلى أن تعديل القوانين بما يحرم أي مسجون من الحقوق المكفولة له حاليًا، أنه يضع إنسانية البلاد في اختبار صعب قد يقودها بمرور الوقت لتعديل قوانين أخرى قد يتلاعب بها بعض الساسة لتقييد الحريات تحت وطأة احتمالات صعود تيارات إلى الحكم يختلف تقديرها للحرية.
ولجأت الكثير من الدول الغربية لتغيير قوانينها حول الإرهاب خلال الأعوام الماضية وأبرزها بريطانيا التي واجهت تحديات كبيرة أثناء تعاملها مع ملف العائدين من "داعش"، إذ كانت تريد تجريدهم من الجنسية دون إخطارهم، إلى جانب مضاعفة مدة سجن المتورطين في الإرهاب، كما عدلت سويسرا قوانين الإرهاب لديها وتعرضت لانتقادات شديدة تمس تعارض بعض مواد القانون الجديد مع قيم الحرية والإنسانية.