التحرشات الإيرانية في مضيق هرمز.. مقايضة العقوبات بأمن الممرات
الجمعة 12/مايو/2023 - 04:37 م
إسلام محمد
تتعاظم أهمية مراقبة السلوك الإيراني في المنطقة خلال الآونة الأخيرة لرصد ما استجد على هذا السلوك بعد الاتفاق مع المملكة العربية السعودية والذي يهدف إلى تهدئة التوترات الإقلیمية، في ظل الجمود الذي أصاب مسار مفاوضات الملف النوي الايراني بين إيران والولايات المتحدة، ما يترك مساحة للتوتر على خلفية هذا البعد الدولي.
وبالتالي فإن السلوك الإيراني خلال الفترة الأخيرة اتسم بالتصعيد على المستوى الدولي والتهدئة على المستوى الإقلیمي، ففي حين بدأ بحث حل ملفات خلافية عديدة تتعلق بدول المنطقة، استمرت التوترات المتعلقة بأمن الطاقة العالمي وتهديد الملاحة الدولية في مضيق «هرمز» الواقع في منطقة الخليج العربي، في وقت تمثل هذه المسألة قضية شديدة الحساسية بالنسبة للقوى الغربية في ظل ارتفاع حدة أزمة الطاقة الدولية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
مقايضة أمن الممرات
ويعكس تكرار حوادث التعرض للملاحة الدولية في مضيق «هرمز» أبعاد المعادلة الإيرانية لأمن الممرات المائية الدولية التي تتمثل بكل بساطة في مقايضة أمن تلك الممرات بفعالية العقوبات الأمريكية، أي أنه كلما تعرضت إيران للضغط والملاحقة ذهبت إلى تهديد أمن الطاقة العالمي في محاولة لمقاومة ضغوط العقوبات الأمريكية عن طريق تكرار الهجمات لتوصيل رسالة مفادها أنها مستعدة لتحميل واشنطن كلفة جهودها للحدّ من صادراتها النفطية، وبذلك يمكن افتراض استمرار الخطر على عمليات الشحن والطاقة في المنطقة.
وبحسب البحرية الأمريكية فخلال العامين الماضيين فقط أقدمت إيران على التحرش أو مهاجمة 15 سفينة تجارية ترفع أعلام دول أخرى، ما يتنافى مع القانون الدولي وحقوق الملاحة وتشكل تهديدًا للأمن البحري والاقتصاد العالمي.
وفي السنوات الأخيرة تبادلت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة وطهران من جهة أخرى الاتهامات حول سلسلة حوادث في مياه الخليج العربي، بما في ذلك هجمات على سفن وإسقاط طائرة مسيّرة ومصادرة ناقلات نفط.
ويعد تصدير النفط من أبرز موارد إيران، ومع ذلك تم منعها من بيعه حين انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية عليها من أجل إجبارها على قبول اتفاق جديد يضمن لجم أنشطتها الإقليمية واحتواء برنامج للصواريخ الباليستية.
نقطة تجاذب
ويشكّل موضوع النفط نقطة تجاذب بين واشنطن وطهران؛ إذ تتهم الأولى الأخيرة بالتحايل على العقوبات لتصدير نفطها إلى دول مقربة منها مثل الصين وسوريا وفنزويلا أو تهريبه إلى ناقلات أخرى في جنوب شرق آسيا لبيعه إلى مناطق الاستهلاك على أنه نفط عراقي أو ماليزي.
وتلجأ إيران إلى التصعيد حين تجد نفسها غير قادرة على تهريب النفط بسبب تشديد الرقابة الأمريكية على طرق التهريب فتكون حينئذ الممرات الدولية هي «ساحة التنفيس» الإيراني وإرسال رسائل الغضب والشكوى العملية من التصرفات الأمريكية تجاه إيران ودفعها لحلحلة الأمور.
تحرشات إيرانية
يؤكد الباحث المختص في شؤون إيران، محمد علاء الدين، أن إيران بصفتها لا تمتلك القيام بممارسة ضغوطات على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، ولذلك فإنها قد تقوم ببعض التحرشات بالملاحة الدولية كنوع من التصعيد في مقابل العقوبات الأمريكية.
وأضاف فى تصريح لـ«المرجع» أن الحرس الثوري الإيراني هو الذي يتولى مثل تلك التحرشات بالملاحة الدولية بذرائع مختلفة فتارة بذريعة الدخول في المياه الإقلیمية لإيران، وتارة بسبب اتهام السفن بتلويث البيئة وغيرها من الأقاويل غير المقنعة، وهذا مقصود لكي يوصل رسائل تهديد للغرب.
وتابع الباحث في الشؤون الإيرانية أنه طالما لا تزال مسألة البرنامج النووي الإيراني دون حلّ، وظلت العقوبات الأمريكية مطبقة على طهران فإن الحرس الثوري الإيراني سيستمر على الأرجح في تلك الأعمال في محاولة منه لتصعيد القلق الأمريكي من مسألة العقوبات لتصبح هذه العقوبات وتداعياتها مصدر قلق لواشنطن وليس فقط طهران.
وألمح الباحث المختص في شؤون إيران، إلى أن الحرس الثوري الإيراني يمارس القرصنة في الممرات الدولية ويتعرض للسفن والناقلات التجارية المارة بهذه المنطقة المهمة من العالم دون أن تنجح واشنطن في إيقافه عن ذلك.





