مع فشل الهدنة وتواصل المعارك الضارية.. هل يدخل السودان النفق المظلم؟
وسط حالة من القلق تنتاب الأوساط الدولية والإقليمية نظرًا للأحداث المتسارعة في السودان، لم تصمد الهدنة التي كانت مقررة بين كل من قوات الجيش السوداني برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان وبين ميليشيات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، خلال أيام عيد الفطر المبارك، إذ هزت ضربات جوية الخرطوم في اليوم التالي للهدنة، بعد أسبوع من المناوشات التي أدت إلى مقتل مئات المدنيين.
وأعلن الجيش السوداني موافقته على هدنة مدتها ثلاثة أيام، تبدأ من الجمعة الموافق 21 أبريل 2023، معربًا عن أمله في التزام المتمردين بكل متطلبات الهدنة، ووقف أي تحركات عسكرية.
ويأتي الإعلان عن الهدنة بينما تستمر عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من السودان، بعدما أعلنت دول عربية وغربية سحب رعاياها، كما استمرت عمليات النزوح الداخلي لآلاف السودانيين من الخرطوم، باتجاه ولايات أخرى أقل توترًا.
هل تنجح الهدنة؟
يقول محمد الشرقاوي، الباحث في الشؤون الإفريقية، إن نجاح الهدنة في السودان مرهون بوجود إرادة حقيقة لدى الأطراف المتصارعة والأطراف الخارجية الداعمة لكل منهما، مستبعدًا استمرارها في ظلِّ تجدد الاشتباكات بين الحين والآخر في مناطق متفرقة.
وأضاف الشرقاوي، في تصريح خاص لـ«المرجع»، أنه من المرجح تجدد الاشتباكات بشكل أكثر شراسة مع انتهاء عيد الفطر المبارك، في ظل عدم وجود إرادة داخلية للحل، خاصة من قبل قوات الدعم السريع.
واستطرد قائلا: إن هناك عوامل ميدانية من شأنها استمرار اشتعال الصراع، وتهديد الهدنة، تتمثل في صعوبة التواصل بين قوات الدعم السريع المتراصة حول العاصمة، وصعوبة السيطرة عليها من قبل القيادة، خاصة أنها تضم عناصر إجرامية وخارجة عن القانون.
اختراق مستمر
من جهتها قالت نورهان شرارة، الباحثة في الشأن الإفريقي، إنه كان متوقعًا عدم التزام طرفي الصراع بالهدنة، فمنذ الدعوات الأولى للهدنة خرقت من كلا الطرفين، ويرجع ذلك لعدة أسباب، منها عدم وجود ثقة متبادلة بين الطرفين لمدى التزام الآخر، واعتقاد كل منهما أنه يمكن بسهولة التغلب على الآخر وتحقيق أهداف الصراع عن طريق القوة دون الحاجة للتفاوض، وكذلك عدم رغبة الطرفين من البداية في الوصول إلى حلول سياسية مرضية، وإنما اعتمادهم على المكسب التام والخسارة التامة لأحدهما.
وأكدت "شرارة" في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن تكافؤ القوة العسكرية بين الطرفين، جعل كلاهما يرى أنه سينتصر، ولنجاح أي هدنة فيجب أن يكون هناك طرف أقرب للخسارة من الآخر، وهذا لم يتحقق في أزمة السودان الراهنة.
وأضافت الباحثة في الشأن الإفريقي، أن الاتجاه إلى فض الوجود الدبلوماسي من السودان "نذير شؤم" ودليل على احتمالية تردي الأوضاع، وهو ما يجعل السودان يدخل نفق "عزلة سياسية"، وبالتالي لن يكون هناك ضغط قوي وحقيقي من الدول لوقف الاشتباكات، ولذا فعلى قوات الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع أن يضعا مصلحة السودان والمدنيين في المقام الأول حتى تخرج البلاد من هذه الأزمة.





