كيف تتعامل طالبان مع قيادات الحكومة السابقة المعتقلين في سجون الحركة؟
الثلاثاء 25/أبريل/2023 - 06:38 م
محمد يسري
لم يكن من السهل أن تصل حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان بغير إراقة دماء، أو ممارسة التنكيل والعنف ضد المنتمين للحكومة السابقة، وضد معارضيها، وهو الأمر ظهر بصورة واضحة منذ الإرهاصات الأولى لاستيلائها على السلطة، وتستمر الحركة في تلك السياسة إلى اليوم.
تاريخ من العنف
لم ينس الأفغان تلك المشاهد الدامية التي أعقبت استيلاء حركة طالبان على
السلطة في التسعينيات، خاصة إعدام الرئيس الأفغاني الأسبق نجيب الله بالأسلاك، وتعليق
جثمانه على عمود إنارة قرب القصر الرئاسي، بعد اختطافه من مقرالأمم المتحدة
بالعاصمة الأفغانية كابول في 26 سبتمبر 1996، وتعريضه لجميع أنواع التعذيب والسحل
في الشوارع.
ظلت هذه الصورة ماثلة في ذهن الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني خلال الأيام
الأخيرة التي سبقت استيلاء طالبان على السلطة مرة أخرى في 15 أغسطس 2021م، والذي
هرب خارج البلاد قبلها بساعات، وترك كل متعلقاته ونجا بنفسه، حتى إن وسائل إعلام
أفغانية نشرت صورًا لأشرف غني أثناء هروبه حافي القدمين دون أن يتمكن من ارتداء
حذائه. خوفًا من مصير سلفه نجيب الله.
التنكيل والاختفاء القسري
بدأت طالبان بعد صعودها الثاني تظهر سياسة المهادنة في الظاهر، حتى تظهر
أمام العالم بأنها ملتزمة باتفاق الدوحة الذي عقد بالعاصمة القطرية، قبل وصولها
إلى السلطة، وتعهدت فيه الحركة بإرساء الأمن والسلام وحقوق الإنسان في أفغانستان،
وعدم السماح باستخدام أراضيها ملاذا آمنا للجماعات المسلحة.
لكن ما حدث مع عدد كبير من أعضاء الحكومة
السابقة وكبار موظفها لم يكن يوحي بالتزام طالبان بتلك التعهدات، ما ازعج المنظمات
الأممية، ومنظمات حقوق الإنسان، ففي ديسمبر 2012، اصدرت 20 دولة بيانا مشتركا
اتهمت فيه طالبان بتنفيذ إعدامات بحق أعضاء سابقين من قوى الأمن.
وقال البيان المشترك والذي يضم دولًا من
بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واليابان والاتحاد الأوروبي إنها حصلت
على تقارير تفيد بعمليات إعدام ووجود حالات اختفاء قسري لأعضاء سابقين في الحكومة
الأفغانية شمل نحو 50 من أعضاء قوات الأمن الوطنية الأفغانية والعديد من العسكريين
ورجال الشرطة والاستخبارات الذين اعتقلتهم حركة طالبان بعد استيلائها على السلطة.
استمرار المشكلة
ورغم مطالبات المنظمات الحقوقية بوقف هذه
الممارسات فإنها لا تزال مستمرة حتى اليوم، فقد كشفت تقارير محلية الخميس 13
أبريل 2023م أن الحركة تمارس التعذيب ضد المعتقلين من الحكومة السابقة داخل
سجونها.
وقالت صحيفة "HashteSubhDaily" : إن قائد كتيبة إدراة الحماية العامة
التابعة للحكومة السابقة في إقليم "وارداغو" يتعرض لتعذيب شديد داخل
محبسة في سجن (031).
وقال مصادر- وفقا للصحيفة نفسها- إن القائد
يدعى كمال الدين جمال، وكانت طالبا اعتقلته في قرية سانجي التابعة لناحسة أبشار
بإقليم بنجشير في يناير الماضي بزعم التعاون مع "جبهة المقاومة الوطنية"
التي يتزعمها المعارض الأفغاني أحمد شاه مسعود.
وأشارت أسرة كمال الدين إلى أن حالته الصحية
باتت سيئة للغاية بسبب تعرضه لألوان متعددة من التعذيب على يد طالبان، وأوضحت أنه
تلقت تهديدات من المخابرات التابعة لحركة طالبان تحذرهم فيها من السعي لإطلاق
سراحه.
وحول استمرار تلك السياسات، يشير الباحث
محمد عبادي إلى أنه لم يكن متوقعًا من طالبان غير ذلك، أما الخطاب الذي صدرته في
البداية وتحاول الظهور عليه الآن فيمكن أن نصفه بأنه خطاب ما قبل التمكين.
وأضاف عبادي في تصريحات خاصة لـ "المرجع":
أن طالبان شأنها شأن الجماعات الإسلامية وغيرها من الكيانات ذات التوجهات
الأيديولوجية الإقصائية، التي تعتمد في سياستها على المغالبة لا المشاركة، فهي لا
ترغب أن يكون لها منافس على الساحة يعرقل أهدافها ويعطل مصالحها.
وأشار إلى أن طالبان بدأت ذلك مبكرًا لكن
داعميها تغاضوا عن ذلك حتى يسهل عليها الوصول إلى السلطة، وما يحدث منها حاليًّا هو
امتداد طبيعي لمنهجها الذي لا يتغير.





