ad a b
ad ad ad

على طريق وقف التمدد الروسي ــ الصيني.. الغرب يسعى لحل الصراع بشرق الكونغو الديمقراطية

الأربعاء 17/مايو/2023 - 10:32 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

تعيش جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسط أفريقيا على صفيح ساخن، إذ بلغ الصراع أشده شرق البلاد عقب سيطرة حركة "23 مارس" المتمردة على العديد من المناطق في مقاطعة كيفو الشمالية وتحديدًا مدينة جوما التي تقترب جغرافيًّا من كيجالي عاصمة رواندا، وذلك عقب فشل جهود الوساطة الإقليمية، التي تحاول بشتى الطرق الحفاظ على استقرار المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية التى يأتي على رأسها الماس والذهب والبترول.


ثالث أكبر منتج للماس في العالم


جمهورية الكونغو الديمقراطية، هى ثالث أكبر منتج للماس في العالم بنسبة 23% من الإمدادات العالمية، وأكبر منتج للكوبالت بنسبة 70%، الذي يعد عنصرًا رئيسيًّا في الصناعات التكنولوجية.


ويعلق جمال عبد الحميد، الخبير في العلاقات الدولية، على ذلك بالقول إن شرق الكونغو الديمقراطية يشهد صراعًا منذ عقود بين مجموعات مسلحة يعمل بعضها وكلاء لدول الجوار المتنافسة، وهو ما جعل المنطقة تعيش حالة من الاضطراب المستمر نتيجة تحولها إلى بؤرة صراع يوصف بأنه واحد من أكثر النزاعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية فى القرن الماضي؛ حيث قدر عدد ضحاياه بنحو ستة ملايين نسمة، حيث تعد كيفو الشمالية والجنوبية وإيتوري بؤر صراع، وتختلط الدوافع السياسية والعرقية العابرة للحدود، كون المقاطعات الثلاث تشكل جزءًا من حدود الكونغو الديمقراطية الشرقية مع كل من أوغندا في الشمال الشرقي ورواندا وبوروندي من الشرق وتنزانيا من الجنوب الشرقي.


ساحة للتنافس الدولي والإقليمي


يؤكد الباحث في الشأن الدولي أن منطقة شرق الكونغو الديمقراطية، تحولت إلى ساحة للتنافس الدولي والإقليمي بسبب موقعها الجغرافي، حيث يحيطها رواندا وبوروندي وأوغندا، ما ساعد على استمرار الاضطرابات السياسية والعرقية، وأصبحت مركزا للعديد من الميليشيات المسلحة المحلية أو الهاربة من دول الجوار مستفيدة من ضعف السيطرة الأمنية لكينشاسا على المنطقة.


ويكمل مردفًا إن من أبرز التنظيمات المسلحة في منطقة شرق الكونغو الديمقراطية حاليًا حركة 23 مارس التي تأسست عام 2012 من مقاتلين سابقين في الجيش الكونغولي كانوا في الأساس مقاتلين في حركة متمردة، بالإضافة إلى الائتلاف الوطني للشعب من أجل سيادة الكونغو الذي تأسس عام 2017، ما دفع القوى الإقليمية إلى الوساطة للسيطرة على الأوضاع هناك، نظرًا لأن الكونغو غنية بالموارد الطبيعية التي يسيطر عليها المتمردون.


وأضاف "عبد الحميد" أن منطقة شرق الكونعو تشهد تنافسًا كبيرًا بين رواندا وأوغندا، للحصول على ثرواتها لدرجة أن الصراع وصل إلى حافة الحرب عام 2019، ولذا كان التدخل الإقليمي والدولي حتميًّا ولا سيما بعد سيطرة حركة 23 مارس المتمردة على الطرق المؤدية إلى "جوما"، وأضحت العاصمة الإقليمية شبه محاصرة من قبل المتمردين، كما شهدت الأيام الأخيرة تصاعد وتيرة النشاط الإرهابي في شرق الكونغو الديمقراطية، إذ لم يقتصر الأمر على هجمات حركة 23 مارس، بل شن عدد من المجموعات المسلحة عدة هجمات، حيث ينشط في هذه المنطقة، أكثر من 120 حركة وجماعة مسلحة.


فشل قمة أديس أبابا


وصول الصراع ذروته في شرق الكونغو، يؤكد فشل قمة أديس أبابا التي عقدتها مجموعة دول شرق إفريقيا في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، 17 فبراير الماضي، ونتج عنها جدول زمني حدد ثلاث مراحل لانسحاب حركة 23 مارس المتمردة من مناطق سيطرتها في شرق الكونغو الديمقراطية، ولكن جميع توصياتها ذهبت أدراج الرياح.


وليست هذه السابقة الأولى فقد وقعت كلٌ من رواندا والكونغو الديمقراطية، في نوفمبر 2022، على اتفاق لسحب عناصر حركة 23 مارس المتمردة من المناطق التي تسيطر عليها بشرق الكونغو الديمقراطية، بحلول منتصف يناير 2023، ولكن الهدنة والاتفاقية فشلت قبل دخولها حيز التنفيذ


وبحسب خبراء فإن الوضع الأمني في شرق الكونغو يقلق الدول الغربية إذ أن ضعف الحكومة المركزية في "كينشاسا" قد يدفعها إلى التعاون مع عناصر مجموعة فاجنر الروسية، ولاسيما بعد قيام العناصر المتمردة بفرض إتاوات على المواطنين وعرقلة حركتهم داخل المناطق التي يسيطرون عليها.


وظهر ذلك خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الكونغو مطلع شهر مارس 2023، إذ حذر ماكرون النظام الكونغولي من خطورة التقارب مع روسيا لمواجهة العناصر المتمردة، وفي المقابل وعد بحل الأزمة وطرح خارطة طريق ترضى جميع الأطراف وذلك حتى لا تفقد باريس نفوذها في هذا البلد الأفريقي الغني بالثروات الطبيعية لصالح موسكو، ما يشكل خسارة فادحة لها.


ويؤكد مراقبون أن الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا تبذل جهودًا لصياغة ترتيبات جديدة في منطقة البحيرات العظمى، لإنهاء الصراع القائم وحماية مصالحها التي باتت مهددة في ظل التمدد الروسي والصيني.

الكلمات المفتاحية

"