محور دولي جديد.. دلالات المناورات الأخيرة بين إيران والصين وروسيا
يعيش العالم في الوقت الراهن أجواء الحرب الباردة، وبلغ الاستقطاب أوج ذروته، متمثلًا في معسكرين، الأول تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والجانب الأكبر من دول أوروبا بزعم حماية الديمقراطية والمبادئ الليبرالية، والثاني تتزعمه كلٌ من روسيا والصين بهدف القضاء على هيمنة واشنطن باعتبارها القطب الأوحد عالميًّا.
أجواء الاستعداد للحرب
ويشهد العالم مناورات ومناورات مضادة تضعه في أجواء الاستعداد للحرب، لعل أخرها المناورات البحرية المشتركة في خليج عمان، بالقرب من مضيق هرمز، بمشاركة كل من إيران وروسيا والصين خلال الفترة من 15 إلى 19 مارس 2023، أطلق عليها «حزام الأمن البحري»، والتى قالت عنها وزارة الدفاع الصينية، أنها تساعد في تعميق التعاون بين القوات البحرية للدول المشاركة، فيما أكدت موسكو أنها ترتقي بالعمليات التكتيكية.
المراقبون والخبراء الإستراتيجيون، يرون أن مناورة "حزام الأمن البحري"، تنذر بمحور دولي جديد تتشكل ملامحه، وأنها أشبه بإعلان تحالف بين كل من الصين وروسيا وإيران، إذ تعززت العلاقات العسكرية بين الأطراف الثلاثة في السنوات الأخيرة.
وأكد المراقبون أن دول المناورة البحرية، ترفض الهيمنة الأمريكية وعلى خلاف كبير معها، وأكبر دليل على ذلك فشل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في الوصول إلى حل مع إيران بشأن برنامجها النووي، بالإضافة إلى توتر علاقات روسيا والصين مع واشنطن بسبب أوكرانيا، وتايوان، إذ تتهم الإدارة الأمريكية كلًا من الصين وايران بدعم روسيا عسكريًّا في حربها ضد أوكرانيا من خلال تزويدها بمسيرات وعقد اتفاقيات عسكرية فيما تسعى الولايات المتحدة لتعزيز عقوباتها على طهران بسبب عدم التزامها بتعهداتها النووية أو المضي في تطوير ترسانتها.
الأحادية الغربية كلمة السر
يقول أحمد العناني، الباحث في الشأن الدولي، في تصريح لـ«المرجع» أن المناورات الإيرانية الروسية الصينية المشتركة، حلقة من التقارب العسكري خلال السنوات الماضية، وتؤكد المؤشرات والمعطيات الدولية أنها في تزايد مستمر قد يصل حد التحالف، لضمان الملاحة والتجارة البحرية والتعاون المعلوماتي بين الدول الثلاث.
وأكد "العناني" أن الأحادية الغربية في العالم، كانت كلمة السر التي جمعت كلًا من موسكو وبكين وطهران، بهدف مواجهة الهيمنة الأمريكية على القرار العالمي، مشيرًا إلى أن روسيا رغم قوتها العسكرية لم تسلم من الغطرسة الغربية وأكبر دليل على ذلك إجبارها على خوض حرب استنزاف في أوكرانيا لحماية أمنها القومي وهيبتها العالمية.
وأكد أن ما يشهده العالم من مناورات ومناورات مضادة يعيده إلى أجواء الحربين العالميتين اللتين وقعتا خلال القرن الماضي بعد أن وصلت الحرب الباردة إلى ذروتها بين جميع الأطراف، ومع الأسف العالم بأسره سيدفع الثمن غاليًا ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط كما حدث في الحروب السابقة.
يشار إلى أن شبكة سي إن إن الأمريكية، أكدت في تقرير لها قيام موسكو بنقل أسلحة غربية استولت عليها خلال حربها مع أوكرانيا إلى إيران، فضلًا عن اتهامات غربية باستعانة روسيا بالمسيرات والأسلحة الصينية في حربها ضد أوكرانيا.
جملة من الدلالات
المناورات الحربية الأخيرة بين كل من إيران والصين وروسيا تعكس بحسب المراقبين جملة من الدلالات، إذ تؤكد أن بكين وموسكو، أصبحتا لهما دور فعال في السياسة الخليجية، بدليل إرساء الاتفاق الأخير بين كلٍ من الرياض وطهران، بالإضافة إلى المناورات العسكرية المشتركة، كما تؤكد رغبتهما في إجراء المناورات البحرية مع دول المنطقة لكسر الهيمنة الأمريكية، والعمل على إضعاف نفوذها، وهو أمر يثير مخاوف واشنطن من منافستها على القواعد العسكرية في المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار نجاح روسيا في الاتفاق مع السودان على إقامة قاعدة عسكرية، وموافقة إريتريا على إقامة قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر، ما يمثل تهديدًا للنفوذ الأمريكي.
ويقول هؤلاء المراقبون إن هذه المناورات تعتبر ردًا على المناورات الأمريكية ــ الإسرائيلية، والتي بدأت في 12 مارس 2023، بولاية نيفادا الأمريكية، وتشمل المناورات أنواعًا مختلفة من التدريب، منها هجوم إستراتيجي في العمق وهجوم جوي مشترك، وهجوم في أرض غير مألوفة غنية بالدفاعات المضادة للطائرات، كما تحاكي هجوم إسرائيلي ــ أمريكي مشترك على المواقع النووية الإيرانية، خاصة بعد تشديد الجانبين على منع إيران من الوصول للسلاح النووي، وذلك ينذر بمواجهة كبرى حال حدوث أي اعتداء على إيران، ويؤكد ذلك تصريحات محمد رضا آشتياني، وزير الدفاع الإيراني، التي أكد فيها أن بلاده تتمتع بعلاقات عسكرية مع الصين وروسيا، وذلك في رسالة لخصومه في ظل تهديدات بشن ضربة عسكرية على إيران تستهدف منشآتها النووية.





