توثيق جرائم الحوثي.. قراءة في كتاب «أصول التجويع العنصري في اليمن»
في كتابه «الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن»، يستعرض الكاتب اليمني همدان العليي، جرائم وأساليب ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لطهران في تجويع الشعب اليمني وامتصاص دمائه لتنفيذ مشروعهم التوسعي.
ويتكون الكتاب من أربعة فصول، يستعرض فيها جانبًا من انتهاكات الميليشيات التابعة لإيران عبر توثيق تلك الممارسات وبيان اتصالها بالمعتقد الحوثي في صفحات الكتاب التي تجاوزت ستمائة صفحة، تحتوى على تبيين تمييز وإجرام ميليشيات الفصل العنصري أمام العالم.
جذور النار
في الفصل الأول بعنوان «جذور النار»، حاول الكاتب تتبع جرائم الحكم العنصري السلالي في تجويع وإفقار الشعب اليمني منذ حكم الإماميين، وتسجيل أوجه التشابه بين ذلك العصر وميليشيات الحوثي الانقلابية، والأهداف السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية.
وفي الفصل الثاني المعنون بـ«أساليب التجويع» يناقش الكاتب الأساليب التي استخدمتها ميليشيات الحوثي ضد أبناء الشعب، عبر مجموعة من السياسات كسرقة الرواتب وجمع الإيرادات وجباية الإتاوات تحت مسمى جمع الزكاة والخُمس وأموال الوقف والضرائب والجمارك ورسوم الاشتراكات في المؤسسات الحكومية كالاتصالات والخدمات الأخرى، وكذلك ابتزاز المغتربين وشرعنة السرقة ونهب الاحتياطي النقدي والتسبب في تدهور العملة.
ويجد المطالع للكتاب كمًا من السياسات والجرائم الموجهة التي اعتمدها الحوثيون في سبيل إثراء سياسة التجويع المتعمد.
جريمة التهجير ومعاناة النزوح
في الفصل الثالث من الكتاب بعنوان «جريمة التهجير ومعاناة النزوح»، يتحدث الكاتب عن جريمة التهجير ومعاناة النزوح، ويعدد أمثلة من شهادات الصحفيين ممن تعرضوا للاختطاف على أيدي ميليشيات الحوثي الإرهابية لتبيين أهمية العامل المالي في توجيه سلوك الميليشيات وكيف أنها تعتقل السكان لطلب الفديات المالية، وكذلك تعرض المهاجرون الأفارقة لهذه الممارسات.
كما يستعرض أساليب حصار بعض المناطق مثل تعز والحديدة، ويورد شهادات مهمة في هذا الصدد، كما يتطرق لظاهرة التهجير بسبب المعتقدات الدينية وما وقع بفعل الحرب وآثارها التدميرية، وكذلك عملية تفجير منازل الخصوم التي تعد من أبرز جرائم التهجير.
تعطيل التنمية
في الفصل الرابع والأخير من كتاب «الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن»، يستعرض الكاتب اليمني همدان العليي، والمعنون بـ«تعطيل التنمية» يأتي الكاتب اليمني بتفاصيل مهمة حول السياسات الحوثية التي تتعمد تعطيل التنمية، حيث شكل توقف أشكال التنمية في البلاد أحد أهم الكوارث التي نتجت عن سطو ميليشيات الحوثي على مؤسسات الدولة.
ووفقًا لنتيجة دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تسببت الميليشيات الانقلابية في انتكاس في التنمية البشرية لمدة 21 عامًا نحو الوراء، واستهدفت تلك السياسات اعتماد اليمنيين على الإغاثة بدلًا عن التنمية، ومساهمة تلك السياسة في انتكاس رأس المال البشري، حسب مؤشر الصحة والتعليم والتوظيف.
وأرفق الكاتب العديد من الشهادات الدولية والمحلية التي تتحدث عن السرقة والتجويع، كما أرفق ملحقًا خاصًا بفصول الكتاب، شمل عرض صور للعديد من الإجراءات والقرارات والقوانين والأحداث التي شهدتها البلاد في فترة سيطرة الحوثيين وحربهم، لإعطاء صورة مكتملة عن حقيقة الأوضاع في اليمن والمعاناة التي خلفتها هذه الجماعة السلالية وأسهمت في تجويع اليمنيين وإفقارهم عبر مجموعة من الجرائم المركبة التي تم عرضها وتوثيقها في هذا الكتاب.
عسكرة حياة اليمنيين
تأتي أهمية كتاب «الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن»، في عرضه التفصيلي والدقيق لمساعي الحوثيين في تجويع أبناء الشعب وعسكرة حياة اليمنيين وجعل الانضمام العسكري الى جماعتهم شرطًا بديلًا لاستحقاقاتهم الطبيعية للحصول المشروط على المعونات والرواتب التي تساعدهم وأسرهم على البقاء.
كما يكشف الكتاب كيف استطاعت جماعة الحوثي تثبيت سيطرتها وإفشال جهود استعادة الدولة، واستخدام لافتة الوضع الإنساني لإيقاف تقدم القوات الحكومية.
ويرى الكاتب إن ثمة أسبابًا سياسية وعسكرية وإقليمية ودولية كثيرة ساهمت في فرض الحوثيين فرص الانقضاض على مؤسسات الدولة، ومقدراتها وقدراتها العسكرية والأمنية، وتنفيذ عملية تهجير للعناصر المجتمعية الفاعلة والمفكرة الرافضة لهم، وسرحت عشرات الآلاف من العمال في المؤسسات الحكومية ومنحت العناصر السلالية القريبة منهم حق احتكار الوظيفة العامة لصالحهم.
ويشير الكاتب إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي الناشئ عن سيطرة الحوثيين أفرز طبقة من تجار الحرب من نفس السلالة التي انتهجت سياسة نهب واستغلال موارد الدولة لصالحها، ما أسهم في توسع نطاق الفقر، خاصة بعدما حُرم الموظفون من مستحقاتهم الوظيفية.





