يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الأسباب الحقيقية لزيارة رئيس الأركان الأمريكي إلى شمال سوريا

الخميس 23/مارس/2023 - 04:41 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

تسعى الإدارة الأمريكية، لاستعادة نفوذها في الشرق الأوسط، لا سيما بعد المصالحة التاريخية التى تمت بين كلٍ من المملكة العربية السعودية وإيران، فضلًا عن محاولتها مواجهة النفوذ الروسي المتزايد في المنطقة، ويؤكد كل ذلك زيارة الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية، مطلع شهر مارس 2023 إلى القواعد العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا، وهى الزيارة التي تعد الأولى له منذ توليه مهام منصبه عام 2019.


وجاءت زيارة الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية، إلى القواعد العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا، تحت مزاعم حماية الجنود الأمريكيين وإبعادهم عن مناطق الاستهداف من هجمات تنظيم "داعش" الإرهابي، التي زادت وتيرتها في شرق سوريا منذ بداية العام الجاري، إذ نفذت عناصر التنظيم 14 هجومًا في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، المدعومة من الإدارة الأمريكية، أسفرت عن مصرع 12 شخصًا وإصابة 4 جنود أمريكيين في فبراير 2023، ما أثار قلق واشنطن واعتبرتها تهديدًا واضحًا لمصالحها.


تدخل سافر في سيادة دمشق


تأتي زيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكية إلى القواعد العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا، وسط غضب عارم من السلطات السورية التي اعتبرتها تدخلًا سافرًا في سيادة دمشق، إذ وصفتها وزارة الخارجية والمغتربين، بالزيارة «غير الشرعية»، مؤكدة في بيان لها أن سوريا تؤكد أن الزيارة انتهاك صارخ لسيادة وحرمة أراضيها ووحدتها، مطالبة الإدارة الأمريكية بالتوقف فورًا عن انتهاكاتها الممنهجة والمستمرة للقانون الدولي ووقف دعمها لميليشيات مسلحة انفصالية، حسب وصفها، لا سيما أنها تتزامن مع الهجمات والغارات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في الداخل السوري.


واستُهدفت شاحنات أسلحة، في ريف مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور، على الحدود العراقية السورية، في نهاية يناير 2023، ما أدى إلى مقتل وتدمير من بداخلها، كما قصفت معمل أسلحة تابعًا لفصائل موالية لإيران في دير الزور أيضًا، وأسفر ذلك عن مقتل 7 بالإضافة إلى شن غارة على مطار حلب، في 7 مارس 2023 أي بعد زيارة الجنرال مارك ميلي، ونتج عنها مصرع ثلاثة أشخاص.


إصرار أمريكي


بحسب المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر، فإن زيارة رئيس هيئة الأركان، تعكس إصرار الإدارة الأمريكية على عدم سحب قواتها من سوريا، للحفاظ على وجودها، خاصة في ضوء تصاعد الرفض في الداخل الأمريكي لاستمرار هذا الوجود.


وأضاف فى تصريحات لـ«المرجع» أن الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى دائمًا لتأجيج الصراعات حتى تضمن استمرار نفوذها فهي في أوقات كثيرة تمنح تنظيم «داعش» الإرهابي قبلة الحياة، مؤكدًا أنه ينفذ دوره وفقًا للخطة الأمريكية بحذافيرها فهي مفجرة الحروب والخراب في جميع أنحاء العالم حتى تضمن استمرار وجودها في سوريا ومواصلة سرقة الثروات والموارد السورية من نفط وغاز ومحاصيل زراعية.


وأكد أن تلك الزيارة، أظهرت بما لا يدع مجالًا للشك، عدم اعتراف واشنطن بشرعية النظام السوري، كونها تمت من دون تنسيق معه أو إخطار مسبق له، كما أنها تأتي بالتزامن مع محاولات دول إقليمية، استثمار كارثة الزلزال الذي ضرب البلاد مؤخرًا واستعادة نظام الرئيس بشار الأسد لشرعيته الدولية، وأكبر دليل على ذلك تصريحات جيم ريش السيناتور الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي التي أكد فيها أن كارثة الزلزال لا يمكن أن تنسي المجتمع الدولي الانتهاكات التي تعرض لها الشعب السوري، ويجب منع إعادة تأهيل النظام أو إعادته إلى الجامعة العربية.


قطع الطريق على تركيا


وأشار المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر إلى أن زيارة رئيس الأركان الأمريكي، إلى شمال شرق سوريا، تؤكد دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ما يقطع الطريق على تركيا التي كانت تخطط لشن عملية عسكرية خاطفة حيث تعتبر "قسد" منظمة إرهابية، لذا استنكرت أنقرة الزيارة ووصفتها بغير المريحة، واستدعت جيفري فليكف، السفير الأمريكي لديها لطلب تفسير أسبابها، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية تحرص على إظهار وجودها القوي في منطقة الشرق الأوسط منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، لإعادة الثقة مع حلفائها في المنطقة، في ظل تسابقها المحموم مع روسيا على النفوذ الدولي.


وبحسب مراقبين، تعكس زيارة رئيس الأركان الأمريكي إلى شمال شرق سوريا، رغبة واشنطن في تضييق الخناق على الوجود الإيراني في سوريا، وخاصة بعد نجاح الجهود الصينية في التقارب بين إيران والسعودية، فضلًا عن تزايد نشاط الميليشيات المسلحة التابعة لإيران في الهجوم على القواعد العسكرية الأمريكية، منذ بداية 2023، بالإضافة إلى مراقبة الحدود بين سوريا والعراق، ولمنع أي عمل عسكري في الشمال السوري.

 

الكلمات المفتاحية

"