أفغانستان.. دلالات مقتل أمير الحرب في «داعش»
يتذبذب نشاط تنظيم داعش (ولاية خرسان) بين صعود وهبوط، منذ استيلاء حركة "طالبان" على السلطة بأفغانستان في أغسطس 2021م، إذ دخلت العلاقة بين الحركة والتنظيم منذ ذلك التاريخ مرحلة جديدة من الصراع، خاصة في ظل تعهدات الأولى بعدم السماح للجماعات المسلحة باستخدام الأراضي الأفغانية ملاذًا آمنًا وفقًا لمخرجات اتفاق الدوحة، الموقع في فبراير 2021م.
مقتل قاري فاتح
وأعلنت حركة طالبان، الإثنين 29 فبراير 2023، مقتل قاري فاتح أمير الحرب في ولاية "داعش خرسان"، حيث كشف المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، أن اغتيال "فاتح" جاء خلال عملية عسكرية، موضحًا أنها أسفرت عن مقتل ثلاثة من عناصر داعش بينهم زعيم التنظيم في شبه القارة الهندية إعجاز أمين أهنجار.
وأشار المتحدث باسم حركة "طالبان" إلى أن العملية أسفرت أيضًا عن اعتقال عدد من أعضاء "داعش"، بما في ذلك عناصر أجانب كانوا يخططون لهجمات خلال الفترة الأخيرة.
الحرب مع التنظيم
بدأت الحرب بين تنظيم داعش وحركة طالبان مبكرًا، وقد بدأ التنظيم عملياته مبكرًا، باستهداف مطار كابول بعد ساعات قليلة من إعلان الحركة الهيمنة على السلطة، وذلك بهدف إحراج الحركة، وإثبات عدم قدرتها على الوفاء بتعهداتها أمام الولايات المتحدة، حيث سقط في تلك العملية عشرة من عناصر طالبان، وفي نفس الوقت أراد التنظيم أن يثبت وجوده في أفغانستان.
نفذ تنظيم "داعش" الإرهابي عددًا كبيرًا من الهجمات، ضد مساجد الشيعة والصوفية في آن واحد بين هلمند وقندهار المعقل الرئيسي لحركة طالبان، أدت إلى سقوط مئات القتلى والمصابين في الأشهر الأولى من استيلاء الحركة على السلطة.
وفي بداية فبراير الماضي أصدر "داعش خراسان" العدد الثالث من مجلته (صوت خرسان) يُعلن فيها حربًا واسعة ضد طالبان، مؤكدًا- لأول مرة- أن السبب الرئيسي لهذه المعركة هو الخلافات الأيديولوجية بين الحركة والتنظيم، إذ اعتبر التنظيم حركة طالبان جماعة صوفية ووصفهم بعُبّاد القبور، واعتبر أن موقفهم من الشيعة خاصة طائفة الإسماعيلية الخزندارية، الذي تحاول فيه التقرب منهم، وعقد الاتفاقات معهم، مبررًا لاستهداف الحركة باعتبار أنها مخالفة لعقيدة الولاء والبراء التي توجب على الحركة السنية التبرؤ من الشيعة بالجملة.
هجمات دامية
ومنذ مطلع العام الجاري نفذ تنظيم "داعش خراسان" عددًا من الهجمات استهدفت عناصر من "طالبان" كان أبرزها استهداف مقر وزارة الخارجية الحركة وسط العاصمة الأفغانية كابل في 11 يناير 2022م، وهي عملية انغماسية استخدم خلالها أحد عناصر التنظيم حزامًا ناسفًا وفجَّر نفسه وسط تجمع من موظفي السفارة التابعين لحركة طالبان، ما أدى إلى مقتل وإصابة 20 شخصًا من الموظفين والدبلوماسيين.
الثأر من التنظيم
يوضح الدكتور محمد السيد، الباحث المختص في الشؤون الأسيوية، أن تنظيم "داعش" يُشكل بالنسبة لحركة طالبان سلاحًا ذا حدين، يمكنها الاستفادة من وجوده بالضغط على المجتمع الدولي، من أجل الاعتراف بها والسماح لها بتكوين جيش نظامي، ويمكنها من عقد صفقات عسكرية مع الخارج، تستطيع من خلالها الحصول على الأسلحة اللازمة لتكوين منظومتها العسكرية والأمنية، وفي الوقت نفسه يعد التنظيم خنجر في ظهر الحركة، إذ يُمثل أكثر الكيانات التي تشكل صداعًا لها على الأرض من خلال عرقلة تقدمها بجانب جماعات المعارضة الأخرى.
وأشار الباحث إلى أن حركة "طالبان" تقف في منطقة وسط من هذه المسألة، فهي تحاول التخلص من التنظيم ومحاربته في نقطة، وفي الوقت نفسه تحاول الاستفادة من وجوده في الضغط على المجتمع الدولي، وهو ما استخدمته الحركة كثيرًا في خطاباتها الرسمية.
وأوضح الباحث المختص في الشؤون الأسيوية أن إعلان مقتل "قاري فاتح" القائد العسكري أو أمير الحرب في تنظيم "داعش" الإرهابي يعتبر انتصارًا كبيرًا لحركة طالبان في معاركها ضد التنظيم، إذ يُمَثّل العقل المدبر للعمليات الأخيرة التي وقعت في كابول مؤخرًا.





