ملهمة المتطرفين حول العالم.. «طالبان» تواصل قمع الأفغانيات بمصادرة الفكر والثقافة
تواصل حركة "طالبان" الأفغانية تعقيد حياة النساء، إذ اعتقلت مؤخرًا أستاذًا جامعيًّا بتهمة توزيعه كتبًا بالمجان على الأفغانيات في أنحاء مختلفة بالبلاد، إضافة الى تمزيقه شهادته العلمية احتجاجًا على منع الحركة المتشددة تعليم المرأة.
طالبان تستبد بالأفغانيات
اتخذت حركة طالبان قرارات مشددة ضد الأفغانيات خلال الفترة الأخيرة، كحرمان الفتيات من الذهاب إلى المدارس بحجة مراجعة المناهج الدراسية المقدمة لهن، والتأكد من خلوها من المخالفات الفقهية من وجهة نظر الحركة، إلى جانب اتهام الفتيات بعدم الالتزام بقرارات "طالبان" حول إلزامية الحجاب الإسلامي وعدم الاختلاط بين الجنسين.
كما قررت حركة طالبان حرمان طالبات الجامعة من تخصصات دراسية معينة مثل الإعلام والصحافة والهندسة، وقصر الدراسة على مجالات دراسة الآداب والرعاية الصحية، وذلك قبل أن تغلق أبواب الجامعات في وجههن أسوة بطالبات المدارس.
وقررت الحركة أيضًا حرمان النساء من الخروج إلى الحدائق العامة والصالات الرياضية، ووضع جدول محدد للأيام المسموح للنساء بالخروج للتنزه فيها، بالإضافة إلى منع النساء من السفر بمفردهن دون محرم، والتأكيد على سائقي مركبات النقل المختلفة بعدم التعامل مع غير الملتزمات بالحجاب الإسلامي.
مواقف طالبان المتحولة ضد النساء
وتخلق قرارات حركة "طالبان" الـأفغانية بمنع تعليم النساء وحرمانهن من اقتناء الكتب والاطلاع، أجيالًا هشة ثقافيًّا ومعرفيًّا، ما يزيد احتمالات الانضمام للجماعات الإرهابية ويقوض الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على العنف والتطرف في البلاد ويهدد ببقائها مركزا للإرهاب في آسيا لفترات أطول.
واتخذت قرارات طالبان ضد الأفغانيات على مراحل مختلفة، فعقب سيطرة الحركة على الحكم في منتصف أغسطس ٢٠٢١، أبدت طالبان مرونة نسبية تجاه وضع النساء، ظهرت في الخطاب الأول للمتحدث باسم الحركة "ذبيح الله مجاهد" بعد السلطة والذي أكد خلاله أن الحركة ستعطي النساء حقوقهن في العمل والتعليم، ولن تعيد مظاهر عهدها الأول للحكم، ولكن سرعان ما عادت طالبان إلى صورتها الاستبدادية القديمة بقمع النساء.
طالبان ملهمة التطرف حول العالم
وحول الأسباب التي دفعت حركة طالبان للعودة لعهدها الأول في قمع النساء، يقول أحمد بان، الباحث المصري في شؤون التنظيمات المتطرفة، إن ما تبنته الحركة في بداية حكمها كان بمثابة حملة علاقة عامة لسلطة جديدة تتحسس طريقها في الحكم ولديها مشكلات مع العالم الخارجي تشبه حالة حصار دولي، فكانت تريد أن تحظى بثقة المانحين الدوليين وتكتسب ثقتهم عبر حديث هادئ ومتصالح مع قيم الدولة الحديثة، ولكن بمرور الوقت يبدو أن "طالبان" انتابتها حالة يأس إزاء دعم المجتمع الدولي، ومن ثم عادت لخطاب متسق مع معتقداتها وما تؤمن به الحركة من تصور ساذج عن الشريعة الإسلامية، والتصورات القبلية التي ألبسها قناع الدين.
وفيما يخص تأثير منع المرأة من التعليم على مستقبل البلاد، أشار الباحث في تصريح لـ"المرجع" إلى أن تجربة طالبان أصبحت ملهمة لجميع التنظيمات المتطرفة حول العالم وأصبحت مثالا يُحتذى به للجور على قيم الدولة وقيم الحداثة والعلم والمعرفة والحريات الشخصية، مؤكدًا أن الحفاظ على بيئة بهذه الملامح سيعزز التطرف لدى الأجيال الجديدة، وسيحرمهم من الغذاء التعليمي والوجداني وسيسلحهم بالبيئة المضطربة ذاتها.





