«طالبان باكستان» تكثف عملياتها الإرهابية ونظيرتها الأفغانية تدخل على خط الوساطة
عاد وحش الإرهاب من جديد ليحفر بمخالبه في الداخل الباكستاني، من خلال عمليات متكررة لا سيما مع عودة حركة «طالبان» إلى الحكم فى أفغانستان المجاورة من جديد، حيث قويت شوكة عناصر «طالبان باكستان» وقامت الحركة بتنفيذ عمليات في محاولة لمحاكاة التجربة الأفغانية، إلا أن الإجراءات التي اتخذها الجيش الباكستاني، أضطرت عناصر الحركة الباكستانية إلى الفرار من الداخل واللجوء إلى الجبال الوعرة الموجودة على الشريط الحدودي مع الجارة.
عنف متكرر
كان آخر العمليات التى تبنتها الحركة الباكستانية، هجومًا إرهابيًّا، استهدف نقطة أمنية في مدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان، الأحد الخامس من فبراير الجاري، معلنة قيام أحد عناصرها الانتحاريين بتنفيذ الهجوم، الأمر الذي أسفر عن إصابة خمسة أشخاص؛ فيما طوّقت قوات الأمن المنطقة.
ووقع الانفجار، بعد أيام قليلة من تفجير انتحاري في منطقة بيشاور أسفر عن مقتل أكثر من 90 شخصًا، حيث لم تصدر الشرطة الباكستانية أي بيان بهذا الشأن وطبيعة الانفجار غير معروفة حاليًا، وأعلنت «طالبان باكستان» مسؤوليتها عن هذا الهجوم، مشيرةً في بيان لها بأن الهجوم استهدف مسؤولين أمنيين.
وانتشر مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لحظة وقوع الانفجار الإرهابي الذي شنته عناصر «طالبان باكستان» ضد قوات الأمن في كويتا بإقليم بلوشستان، الواقع غرب البلاد قرب الحدود مع أفغانستان.
مستشار رئيس الوزراء الباكستاني «فيصل كريم كوندي»، أكد أن إسلام آباد ستقوم بإرسال وفود إلى كلٍ من أفغانستان وإيران من أجل مطالبتهما بضمان عدم استخدام العناصر الإرهابية على أراضيهما ضد جارتهما الباكستانية.
وردت قوات الأمن على حركة «طالبان باكستان» بقتل اثنين من قادتها، شمال غرب البلاد، كانوا مطلوبين لصلتهما بمقتل خمسة من عناصر الشرطة، وكانوا متورطين أيضًا في هجمات على نقاط التفتيش الأمنية.
كما اعتقلت الشرطة الباكستانية أربعة مقاتلين للحركة، وتم ضبط أسلحة وقنابل يدوية وصواعق إلكترونية، في قرية هوند بمنطقة سوابي بإقليم خيبر بختونخوا -والذي كان يُعرف في السابق باسم الإقليم الشمالي الغربي الحدودي -الواقع شمال غرب البلاد.
وفي نوفمبر 2022، أنهت الحركة الباكستانية المسلحة وقف إطلاق النار مع الحكومة، وأعطت عناصرها أوامر بتنفيذ عمليات إرهابية ونوعية في مفترق أنحاء البلاد، وبالتحديد على الحدود مع أفغانستان.
محاكاة النسخة الأفغانية
يقول هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإسلاموية، إنه من الملاحظ أن الحركة الباكستانية، تأثرت وجرى تحفيزها بشكل كبير لتضاعف من عملياتها عقب استيلاء نسختها الأفغانية على السلطة قبل عامين تقريبًا، ومن تتبع مستوى العمليات والنشاط نجد أن ما بعد استيلاء الحركة الأفغانية، على السلطة ليس كما قبله في محيط أفغانستان الإقليمي، وبدا أن نسختها الباكستانية ترغب وتخطط لاستنساخ التجربة داخل باكستان، بمعنى أنها هي الأخرى تسعى؛ إن لم يكن للوصول إلى السلطة بالقوة، فعلى الأقل تحقيق أكبر قدر من المكاسب استغلالًا للمستجدات في المشهد الأفغاني والتي صبت في صالح مختلف الحركات الجهادية والتكفيرية.
وأكد «النجار» في تصريحات لـ«المرجع»، أنه من الملاحظ أن «طالبان باكستان» تتبع أساليب مشابهة لما انتهجته نظيرتها في أفغانستان، فمثلًا عقد الهدن المختلفة، والدخول في مفاوضات مؤقتة، والعمل العسكري، وتنفيذ عمليات عسكرية، كان آخرها تفجير مسجد الشرطة ببيشاور.
بالاضافة لذلك ــ يكمل الباحث ـــ هناك دلائل كثيرة على وجود ارتباطات بين تنظيم «القاعدة» الإرهابي و«طالبان باكستان» على ضوء العلاقات القديمة بينهما وحاجتهما حاليًا للتآزر، علاوة على وجود علاقات بين «طالبان باكستان» وتنظيم «داعش خراسان»، ما يسهل على الأخير تنفيذ عمليات نوعية كبيرة تحتاج لعلاقات قوية مع مجموعات نافذة بالداخل الباكستاني، وتخترق الإجراءات الأمنية والمخابراتية.
ترسيخ الحكم بالإرهاب والعنف
ويشير هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإسلاموية، إلى أن التطورات في باكستان مرتبطة بشكل كبير بما يجري في الجارة أفغانستان وبمحاولات «طالبان» أفغانستان، المستميتة في الاستمرار في السلطة، حيث يرى جناح شبكة «حقاني» المتشدد والأكثر نفوذًا داخل حركة طالبان أفغانستان، أن توثيق العلاقات بمختلف الجماعات المسلحة وجماعات الإرهاب العابر للحدود هو أداة للضغط على المجتمع الدولي وعلى الولايات المتحدة، حتى لا تفكر في إجراء تغييرات على المعادلات القائمة في المشهد الأفغانى، أو في تهديد حكم الحركة، وهو ما يتيح مساحات تحرك واسعة للتدريب والتسليح والإعداد لتنفيذ عمليات لمختلف تلك الجماعات داخل أفغانستان وفي جوارها الباكستاني، وفي مقدمها «تحريك باكستان» و«داعش خراسان» وفي الأخير تنظيم «القاعدة».





