يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الهجوم على سفارة أذربيجان في طهران.. هل كان الطرف الثالث حاضرًا؟

الأربعاء 01/فبراير/2023 - 01:28 م
المرجع
محمد شعت
طباعة

تعرضت سفارة جمهورية أذربيجان في طهران لهجوم من قبل مواطن إيراني، ما أسفر عن مقتل موظف بالسفارة وإصابة اثنين آخرين بجروح، وهو ما دعا الحكومة الأذرية إلى الإخلاء السريع لموظفي السفارة وبعثتها الدبلوماسية، ويشير إلى تأزم الأوضاع بين البلدين اللذين مرا بقترات فتور في العلاقات.

 

دوافع إرهابية أم شخصية؟

 

جاء تعامل الحكومة الأذرية مع الحادث باعتباره عملًا إرهابيًّا، ولذلك أخلت بعثتها الدبلوماسية بشكل عاجل، كما أكد الرئيس إلهام علييف أن الهجوم إرهابي، وطالب بإجراء تحقيقات سريعة ومعاقبة الإرهابيين، وفقًا لما كتبه على صفحته الشخصية على موقع التواصل على "تويتر".

 

وتوالت ردود الأفعال الأذرية على كل المستويات التي اعتبرت الحادث إرهابيًّا، حيث حمّلت حكومة باكو نظام طهران، المسؤولية الكاملة عن الهجوم، بحسب تصريحات الناطق باسم وزير الخارجية الأذرية «ايخاج حاجيزاده».

 

لم تقتصر ردود الأفعال الأذرية على تحميل طهران مسؤولية الهجوم فقط، لكنها اتهمت النظام الإيراني بالتسبب في وقوع الحادث، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية في مقابلات إعلامية محلية، أن الحملة الأخيرة التي شنتها وسائل إعلام إيرانية ضد بلاده شجعت على الهجوم.

 

على الجانب الآخر، أرجع الجانب الإيراني الحادث إلى دوافع "شخصية"، وأعلنت السلطات أنها اعتقلت منفذ الهجوم، ووفق تصريحات قائد الشرطة في طهران الجنرال «حسين رحيمي» لوسائل إعلام إيرانية، فإن منفذ الهجوم إيراني متزوج من سيدة أذرية، ودوافع الحادث «شخصية وعائلية».

 

ووفق الرواية الإيرانية، فإن منفذ الهجوم ادعي في اعترافاته أن زوجته معتقلة في السفارة منذ تسعة أشهر، وأنه قدم شكوى في أورمية «عاصمة محافظة أذربيجان الغربية» بشأن اختفاء زوجته منذ أبريل من العام الماضي، وأنه دخل السفارة برفقة طفليه، لكن مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يرصد دخول المنفذ إلى السفارة لم يظهر أي أطفال برفقته، ويظهر أنه دخل السفارة حاملًا سلاحًا ناريًّا وبدأ في مهاجمة موظفيها، ما يبدد الرواية التي ذكرها الجانب الإيراني.

 

وسارع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي بإدانة الحادث وتقديم التعازي لأذربيجان حكومةً وشعبًا ولعائلة الموظف الذي لقى مصرعه في الحادث، موجهًا بإجراء تحقيق شامل في الحادث، كما ندد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، ونظيره الأذري أحمد وحيدي بالحادث.

 

علاقات متوترة

 

يأتي الحادث في ظل علاقات متوترة بين الجانبين خلال الأشهر الأخيرة بسبب العديد من الملفات التي تتمثل في ملف الأذريين، حيث يقيم الملايين من أبناء العرقية الأذرية على الأراضي الإيرانية، وتخشى إيران من تنمية النزعة الانفصالية لديهم كسائر القوميات غير الفارسية التي تمثل نسبة لايستهان بها داخل إيران.

 

وتخشى طهران من تنامي العلاقات بين أذربيجان الناطقة بالتركية وأنقرة، خاصة أن الأخيرة تعتبر باكو حليفًا مقربًا.

 

وتتزايد المخاوف الإيرانية بشأن استخدام إسرائيل أراضي أذربيجان ضد طهران، خاصة أن تل أبيب تعد أحد موارد الأسلحة المهمة لباكو. 

 

هل الحادث مدبر؟

 

خرجت بعض التصريحات من الجانب الأذري، تتهم إيران بتدبير حادث السفارة، مستندة إلى كيفية حصول المهاجم على سلاح آلي من طراز "كلاشينكوف"، وكيفية وصوله إلى السفارة التي تقع في منطقة شديدة التأمين ودخوله إليها بتلك السهولة، مشيرة إلى أن الحرس الثوري الإيراني قد يكون سمح بالهجوم.

 

ورغم المؤشرات التي تستند إليها التصريحات الأذرية، فإنها ليست كافية للجزم بأن الحادث مدبر، خاصة أن العمليات الفردية يتم تنفيذها في أماكن شديدة التأمين ليس في إيران فقط ولكن في العديد من دول العالم، كما أن مسألة الحصول على السلاح، ليست مستحيلة في إيران، خاصة في حالة التوترات التي تتعرض لها البلاد.

 

والحرس الثوري الإيراني ليس لديه القدرة على رصد كل التحركات، خاصة التحركات الفردية، كما أن الداخل الإيراني تعرض لعمليات اختراق بالجملة وفشل الحرس الثوري في التصدي لها.

 

الأهم من كل ذلك، أن مثل هذا الحادث يمس إيران، وليس من صالحها المساس بالبعثات الدبلوماسية على أراضيها، كما أنه يمس التزامها باتفاقية جنيف لحماية الدبلوماسيين الأجانب في إيران".

 

وتغذي حالة الشحن المستمرة من جانب الإعلام الإيراني ضد أذربيجان، واتهامها بتسهيل وصول إسرائيل إلى الحدود للتجسس وتخريب المنشآت النووية، العنصرية الفارسية ضد القومية الأذرية.

 

إضافة إلى ماسبق.. فإن في زاوية الطرف الثالث يقف أكثر من طرف دولي يستطيع أن يؤجج الأوضاع داخليًّا وخارجيًّا، فعلى الصعيد الداخلي قد تتحرك القومية الأذرية ضد النظام الإيراني ليزداد الشارع اشتعالًا، وخارجيًّا فإن مثل هذا الحادث سيدفع بأذربيجان للتقارب أكثر مع الأطراف التي تقلق طهران.

 

وتأسيسًا على كل ذلك، فإن الحادث في المجمل يمكن تصنيفه ضمن الإخفاقات الأمنية التي يعاني منها النظام الإيراني على أصعدة متعددة، وهو بطبيعة الحال سيكون له تداعياته السلبية على علاقات الطرفين المتوترة بالأساس.

 

الكلمات المفتاحية

"