ad a b
ad ad ad

داعش يضرب الصين في أفغانستان.. أسباب وتداعيات

الخميس 29/ديسمبر/2022 - 07:19 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
يعد استهداف تنظيم داعش خراسان، فندقًا يقطنه صينيون في كابول عاصمة أفغانستان، منذ أيام قليلة، تحولًا كبيرًا في إستراتيجية التنظيم تجاه دولة عظمى في النظام العالمي، وتتمتع بالاستقرار السياسي والأمني الداخلي، وتكرار هذه الهجمات قد يدفع الصين في المستقبل إلى الرد عليها عسكريًّا، عبر توظيف الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة.

تحول إستراتيجي

التحول الإستراتيجي الجديد لداعش خراسان تجاه الصين، يعود كما يزعم التنظيم إلى انتهاكات الصين بحق مسلمي الإيغور، وحملات التطهير العرقي ضدهم في منطقة شينجيانج الإيغورية ذاتية الحكم، وذات الأغلبية المسلمة في شمال غرب الصين، والتي يُطلق عليها الانفصاليون المسلمون تسمية تركستان الشرقية، لذا تعتبر تنظيمات إرهابية إقليمية ودولية عدة الصين عدوًا لها، ومنها الحزب الإسلامي التركستاني الإيغوري، وحركة أوزبكستان الإسلامية، وحركة طالبان باكستان، بالإضافة إلى تنظيمي داعش والقاعدة، وأكبر دليل على ذلك أن هذا الهجوم الإرهابي جاء بعد نحو 3 شهور من صدور تقرير مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والذي خلص إلى قيام الصين بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الإيغور في شينجيانج.

الصين وداعش وجهًا لوجه

ويأتي هجوم داعش أيضًا ردًا على تبني الصين مواقف حازمة ضد التنظيم، حيث حذرت من موجة إرهابية جديدة وعودة تنظيم داعش منطلقًا من 3 دول عربية، وكذلك انتشاره بوتيرة أسرع في أجزاء كثيرة من أفريقيا، كما دعت المجتمع الدولي إلى إيلاء اهتمام شديد للتهديدات الإرهابية التي تشكّلها حركة تركستان الشرقية الإسلامية، في ظل وجود ما يتراوح بين ألف إلى ثلاثة آلاف من مقاتليها في سوريا.

الإضرار بأفغانستان

كما يحاول التنظيم الإرهابي من عمليته ضد الصين الإضرار بعلاقات أفغانستان الخارجية، لإثارة ردود فعل قوية وحازمة من جانب الصين، الأمر الذي قد تنظر إليه الدول المعنية على أنه تدخل في شؤونها الداخلية، كما يبدو من الواضح أن التنظيم يعمل على تفريغ كابول من أي وجود دبلوماسي أجنبي، وعدم تشجيع أي دولة على إقامة علاقات مع الحكومة الأفغانية المؤقتة الحالية، كما يحاول التنظيم إثارة السخط الشعبي ضد الصين، من خلال ما يتم الترويج له من تسبب مشروعات مبادرة الحزام والطريق الصينية في فساد المسؤولين وتدني ظروف العمل واستغلال الموارد وتزايد الديون للدول المشاركة في مشاريعها، وهي ظروف تشكل أرضية خصبة ومواتية لنشر الفكر المتطرف المناهض للصين.

الهجوم الإرهابي الذي وقع ضد مواطنين صينيين في أفغانستان يؤكد سعي تنظيم داعش إلى استهداف المصالح الصينية، وتحديدًا المشاريع التي تندرج في مبادرة الحزام والطريق، والمقدرة بمليارات الدولارات، ما يعني رغبته في إعاقة عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق، ويهدد الاقتصادين الصيني والعالمي، إذ أن التهديدات المرتبطة بعدم الاستقرار السياسي والأمني، وتصاعد الإرهاب في الدول المجاورة تهدد مصالح بكين الأمنية والاقتصادية في الخارج.

الهجوم الإرهابي يعزز من مكانة داعش بين الجماعات الإرهابية، وهو ما يسعى إليه التنظيم بشدة، لأن حدث مثل هذا يتصدر وكالات الأنباء العالمية، فالصين قوة دولية وإقليمية وعلاقاتها متشعبة، وبالتالي، فإن استهدافها من قبل داعش، الذي لا يتجاوز عدد أعضائه المئات أو الآلاف، يعزز من مكانة التنظيم بين مختلف التنظيمات الإرهابية على أساس أنه هدد مصالح إحدى القوى العظمى في النظام الدولي.

إخفاق صيني

يعكس تكرار الأعمال الإرهابية التي تستهدف العمالة الصينية في الخارج إخفاق الجانب الصيني في التوصل إلى إجراءات محددة مع السلطات الأمنية في الدول التي توجد فيها عمالة صينية بهدف حمايتها ومنع استهدافها من قبل التنظيمات الإرهابية، كما يؤكد أيضًا صعوبة استهداف الداخل الصيني بعمليات إرهابية، وذلك بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي تتبعها السلطات الصينية، والتي أكدت فاعليتها في إجهاض أي تهديد إرهابي.

كما يعكس الهجوم ضعف نظام طالبان وعدم قدرته على تأمين البلاد وحماية المواطنين والأجانب من هجمات تنظيم داعش.
"