الخلايا النائمة تستيقظ.. داعش يعود للعراق من باب الهشاسة الأمنية والطائفية الدينية
باتت الثغرات الأمنية هي المنفذ الوحيد لخلايا وفلول تنظيم «داعش» الإرهابي في الداخل العراقي، معاودًا من خلالها تنفيذ عملياته الإرهابية، في ظل وجود هشاشة أمنية جسيمة، مؤخرًا لا سيما في محافظتي ديالى وكركوك، منفذًا فيهما بعضًا من عملياته بالعبوات الناسفة، في محاولات منه لإثبات وجوده وصعوده الوهمي أمام أنصاره من جديد.
استغلال الهشاشة الأمنية
عاد تنظيم «داعش» الإرهابي من جديد ليُهدد أمن واستقرار العراق بعد الهشاشة الأمنية الجسيمة بمحافظتي كركوك وديالى، حيث وقع حاثان فيهما، الأول؛ وقع السبت 16 ديسمبر2022، عند ناحية الرياض في أطراف مدينة كركوك بتفجير عبوة ناسفة استهدفت رتلًا لقوة من الشرطة الاتحادية؛ ما أسفر عن مقتل:8 عناصر بينهم ضابط، فضلًا عن إصابة أكثر من 12 آخرين، بينما وقع الثاني ليل الإثنين، حيث هاجم عناصر من التنظيم قرية التحويلة؛ عند محافظة ديالى الحدودية، باستهداف مركبات مدنية أسفر عن مقتل 6 مدنيين؛ وإصابة 9 آخرين، بحسب مصادر أمنية.
ويأتي الحادث وسط تحذيرات متتالية من أن الأسباب التي أدت إلى ظهور التنظيم الإرهابي في الداخل العراقي لا تزال موجودة ويمكن أن يستغلها التنظيم وخلاياه في أي لحظة للعودة من جديد، حيث إن الأسباب الحقيقية التي أدت لظهوره ما زالت موجودة، من المظالم السياسية إلى الانقسام المجتمعي والطائفية والمشكلات التي يعاني منها العراق، حيث تجذرت هذه الأسباب وزادت نتيجة عدم حل أزمة النازحين والمعتقلين وغياب الحلول المتعلقة بمخيم الهول المليء بعائلات داعش من العراقيين، واستمرار الأزمة الاقتصادية وغيرها، إذ لا تزال المعالجات مكتفية بالحلول الأمنية، مع إهمال باقي الملفات، سواء الاقتصادية أو الأيديولوجية والفكرية والسياسية التي لم تحقق أي تقدم يذكر.
صعود وهمي
ويُمثل الإرهاب أحد أهم التحديات المعقدة التي تواجهها الحكومات المتعاقبة على العراق؛ ما بعد 2003، مع الاختلاف النسّبي ما بين حقبة وأخرى في مستوى التهديد والمعالجات المتخذة، فعلى الرغم من انتهاء العراق من خوض أشرس حرب في تاريخه الحديث باسترجاع آخر المدن التي اجتاحها التنظيم الإرهابي في 2014، إلا أن ذلك لم يُنهِ ملف الإرهاب بشكلٍ نهائي ببسط الأمن والاستقرار بشكلٍ تام.
وبعد نحو شهور على إعلان بغداد الانتصار على «داعش»، عادت خلايا الإرهاب بالاصطفاف والتجمع وشن الهجمات مجددًا، ولكن بإستراتيجيات محددة وأساليب أقل حدة، حيث كشفت تقارير أمنية واستخبارية، عن أهمية تعضيد الجهد الفني واللوجستي وتحديث العقلية العسكرية باعتماد خطط تسّتند إلى المعلومة والتقنيات الحديثة لرصد حركة الإرهابيين ووأدها في معاقلهم.
ومن بين أسباب انتعاش التنظيم الإرهابي، عدم الانتشار الأمني المكثف في بعض من المناطق التي وقع فيها الهجوم الإرهابي الأخير للتنظيم، حيث بقيت العديد من تلك المناطق تُعاني من وجود بقايا شراذم الإرهاب، وتتحرك عناصر التنظيم فيها بأريحية تامة، كونهم كانوا مختبئين كخلايا نائمة وقنابل موقوتة، ما مكنهم من المناورة والمباغتة، خاصة أن ثمة تضاريس وعرة ورخوة أمنيًّا، توفر لهم إمكانية للاختباء والتخفي عن الأنظار ومن ثم الرصد وشن هجمات غادرة على العسكريين والمدنيّين العراقيين.
الخلايا النائمة.. تستيقظ
وأشار مراقبون، إلى أن الإرهاب إن كان في أقل مستوياته وليست له ارتباطات خارجية، فمن الممكن مواجهته بإمكانيات دولة واحدة، لكن عندما يكون العمل الإرهابي في أعلى مستوياته مثل تنظيم «داعش» أو «القاعدة»، فإنه يحتاج إلى تحالف دولي وإقليمي، لأن هذين التنظيمين لديهما قوات منتشرة على شكل خلايا نائمة أو نشطة في أكثر من دولة، كما أن عملياتهما الإرهابية عابرة للحدود، فالتخطيط للعملية يجري في دولة، والأيدي المنفذة من دولة أخرى؛ وكذلك التمويل، وإمكانياتهما التنظيمية العسكرية والمادية تتجاوز ما لدى دول بأكملها أحيانًا، كما أنهما يحترفان استغلال الشبكة العنكبوتية كوسيلة اتصال بين أعضاء التنظيم.
مؤتمر بغداد
يُذكر أن البيان الختامي لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، في دورته الثانية، أكد إدانته التطرف والإرهاب بكل أشكاله، وذلك في سياق وقوف الدول المشاركة إلى جانب العراق في مواجهة جميع التحديات، بما في ذلك تحدي الإرهاب، الذي حقق فيه نصرًا تاريخيًّا بتضحيات كبيرة وبتعاون دولي وإقليمي.





