عودة محفوفة بالمخاطر.. هولندا تستعيد الداعشيات وسط تعهدات بملاحقتهن قضائيًّا
أعلنت هولندا في 1 نوفمبر 2022 استعدادها لاستقبال 12 امرأة و28 طفلًا من مخيمات داعش في سوريا، مشددة على حرصها أن لا تفلت نساء التنظيم من العقاب، وذلك ضمن حملات أوروبية أخيرة لاستعادة الداعشيات.
واستعادت هولندا دفعة الداعشيات والأطفال تحت ضغط قرار للمحكمة بوجوب إعادتهم إلى البلاد على الرغم من التحذيرات الأمنية، إذ سبق وحذرت هيئة الاستخبارات من خطر العائدين على الأمن القومي للمنطقة مشيرة إلى احتمالية أن يعود هؤلاء وهم يحملون بداخلهم دوافع خفية نحو العنف.
تناقضات المشهد الأوروبي حول العائدين من الإرهاب
يأتي التخبط الهولندي بشأن العائدين نموذجًا لضبابية الأوضاع الأوروبية بشأن الملف بشكل عام، ففي الوقت الذي تطالب فيه الجمعيات الحقوقية والمحاكم بعودة الدواعش تتخوف وزارات الأمن من العنف المحتمل أن يشكله هؤلاء على أوطانهم.
يحمل الدواعش العائدون خلفيات للعنف، فمن المحتمل حصولهم على تدريبات عسكرية على القتال إلى جانب التدريب على صناعة المتفجرات وسط دروس عقائدية قد تستدعى تحت وطأة الضغوط في أي وقت.
تحديات القانون والمجتمع حول ملف العائدين
مَثَّل حكم المحكمة الهولندية تحديًا للحكومة التي رفض مسؤولو الأمن بها استعادة الإرهابيين، ولكنهم اضطروا في النهاية للرضوخ للأمر الواقع، مع إعلانهم إيداع العائدات في السجون وإخضاعهم للمحاكمة عقب العودة مباشرة.
تحاول الحكومات الأوروبية تخطي المطالبات الحقوقية والقضائية لعودة الدواعش عبر احتياطات أمنية تتمثل في إيداعهم السجن عقب عودتهم بشكل مباشر إلى جانب المحاكمة التي تواجه في حد ذاتها عقبات قانونية في صورة مواد ليست رادعة ولا تحتوي على مدد سجن طويلة كما أنها تفرض خروجًا مبكرًا للبعض في حالة الالتزام بحسن السير والسلوك، ما يشكل خطورة على الأمن.
إذ عانت بعض الدول الأوروبية من تلك الأزمة ما خلف خبرة سيئة لدى الحكومات تجاه نقطة سجن العائدين طبقًا للقوانين الحالية ثم إخضاعهم لبرامج تأهيل نفسي وإدماج اجتماعي بعد الخروج، ففي النمسا دخل أوكتيم فيزولاي السجن بعد القبض عليه أثناء محاولته السفر لسوريا للانضمام لمعسكرات داعش، ثم طبقت عليه مواد الخروج المبكر لحسن السير والسلوك، وكذلك برامج الاندماج الاجتماعي، لينفذ عقب خروجه هجومًا إرهابيًّا في 2 نوفمبر 2020 راح ضحيته نحو 4 أشخاص، وأعلن داعش فيما بعد مسؤولية التنظيم عن الواقعة، واتضح بعدها أن اوكتيم لا يزال عضوًا بالتنظيم الإرهابي وكنيته أبو دجانة الألباني.
ما يعني أن العائدين قد يحملون بداخلهم أيديولوجية العنف ويتدربون على كتمانها حتى الخروج من السجون لتنفيذ عمليات للتنظيمات الإرهابية، كما أن البعض يحافظ على اتصالاته بقيادات التطرف ضمن سلسلة من بؤر الذئاب المنفردة وما تشكله من خطورة أمنية على دول أوروبا.
لجأت بعض دول أوروبا لتعديلات قانونية تمكنها من مواكبة تحديات ملف الإرهاب الدولي، إذ اتجهت بريطانيا لصياغة مشروع قانون يمكنها من إسقاط الجنسية عن مواطنيها الذين سافروا للانضمام لجماعات إرهابية، فيما قدمت سويسرا قانونًا جديدًا للإرهاب اتهمه البعض بالجور على حقوق الإنسان، ولكن الحكومة دافعت عنه لرغبتها في حماية الأمن القومي، فيما أعلنت النمسا في 8 يوليو 2021 قانونًا جديدًا لمكافحة التطرف والإرهاب عبر تمكين الأجهزة المعنية من ملاحقة العناصر الإرهابية وداعميهم ماديًّا وفكريًّا.





