ad a b
ad ad ad

«الكلفة السلطانية».. أسلوب داعشي لابتزاز المواطنين وتحصيل الإتاوات

الأحد 01/يناير/2023 - 07:15 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة
بأسلوب جديد يتبعه تنظيم «داعش» الإرهابي بدأ في تطبيقه داخل الأماكن التي تنشط فيها خلاياه الإرهابية بسوريا والعراق، حيث اتبع ما يسمى «الكلفة السلطانية» لجمع الأموال بطريقة تهديد السكان المحليين، ومن التجار على غرار ما قام به في السابق بجمع أموال الزكاة إجباريًّا لملء خزينة التنظيم عبر رسائل إلكترونية أو ملصقات ورقية حملت ختم وتوقيع التنظيم.

الكلفة السلطانية 

تعتمد خلايا تنظيم «داعش» الإرهابي في دير الزور، منذ مطلع سبتمبر 2022، على عمليات جمع الأموال من تجار وسكان شمال شرقي سوريا، المنطقة التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، حيث ترسل مجموعات من التنظيم رسائل خاصة عن طريق تطبيق «واتساب» إلى بعض الأشخاص في قرى ريف دير الزور الشمالي، تطالبهم عبرها بدفع مبالغ كـ«زكاة» للتنظيم، أو ما يسميها حاليًا «الكلفة السلطانية».

وطالت تحذيرات التنظيم موظفين لدى «الإدارة الذاتية» (المظلة السياسية لـ"قسد")، مهددة إياهم بالقتل والتصفية في حال لم يتوقفوا عن العمل لدى «الإدارة» أو المشاركة بـ«الزكاة»، وارتفعت خلال الفترة الماضية، رغم وجود العديد من الحملات الأمنية التي تشنها "قسد" ضد هذه الخلايا في المنطقة.

وهذه الإتاوات يفرضها التنظيم تحت اسم «الكلفة السلطانية» عوضًا عن مسمى «الزكاة»، الذي كان يطلقه التنظيم على عملية جمع الأموال خلال فترة سيطرته على المنطقة، إذ يعود هذا المسمى إلى كون التنظيم لم يُعد مسيطرًا على مناطق فعلية في سوريا، فـ«الزكاة» لا يجوز جمعها في حالة عدم السيطرة بشكل فعلي.

 داعش واستغلال الهشاشة الأمنية

وفي منتصف سبتمبر 2022، أصدر التنظيم الإرهابي كلمة صوتية، على لسان متحدثه الرسمي المدعو «أبوعمر المهاجر»، وجه فيها رسائل عديدة، لكنه دعا أيضًا جمهوره ومؤيديه لدعمه بالرجال والمال، حيث تركزت الرسائل التي وجهها التنظيم عبر الإصدار حول مطالبته المسلمين بالالتحاق بالتنظيم، وخص بالذكر سكان سوريا والعراق كونهم كانوا شاهدين على حكمهم في المنطقة.

في حين لا يزال تمويل التنظيم، وكما كان سابقًا، «محليًا في الغالب»، من خلال الضرائب على سكان المناطق التي يتمركز فيها، إضافة إلى الموارد المستولى عليها.

وعلى المستوى العملي، فإن الأوضاع السياسية المتردية والهشاشة الأمنية السائدة في كل من سوريا والعراق مفيدة جدًا للتنظيم الذي يجيد استغلالها جيدًا على الأرض، خاصة في الشرق السوري، كما تساعده التضاريس على ذلك، إضافة إلى الحدود الداخلية المتنازع عليها بين «قسد» بدعم التحالف، والنظام بدعم روسي وإيراني، فخبرة التنظيم الأساسية في التمويل تستند إلى «التمويل الذاتي» عبر الضرائب والزكاة، خلافًا لتنظيم «القاعدة» الذي يعتمد طرقًا تقليدية تستند إلى «شبكات تمويل قائمة على التبرعات».

وفي الوقت نفسه، حاول عدد من أبناء المنطقة استغلال هذه الظاهرة لابتزاز بعض الأشخاص وتحصيل مكاسب مادية تحت اسم التنظيم، عن طريق تهديد موظفي «قسد» في المنطقة عبر ملصقات ورقية، ما جعل من الصعب تمييز من يقف خلف هذه الإتاوات.

ويؤكد مراقبون أن جهود التنظيم من أجل البقاء لا تزال مستمرة، وتعتبر عمليات جمع الأموال بهذه الطريقة أحد مصادر تمويلها، وأشاروا إلى أن إمكانية تطبيق هذه الآلية في منطقة البادية السورية، أمر صعب لأن منطقة البادية تمثل "بيئة ملائمة" لوجود التنظيم؛ لأن السيطرة عليها أمر صعب، إضافة إلى أن للتنظيم تاريخًا في العيش فيها، ومعظم قياديه أتوا من خلفية قبلية، وهي بيئة المنطقة الاجتماعية في البادية السورية.

واعتبر المراقبون أن جمع "الزكاة" أو الابتزاز ليس جديدًا على التنظيم، وسبق أن شهدت المنطقة وجود هذه السياسة عندما كانت تحت سيطرته، ولربما بشكل أو بآخر يُراد به إثبات وجود التنظيم في المنطقة، لكن أكثر ما يثير القلق اليوم حول تصاعد تحركات التنظيم، هو قدرته على إقامة نقاط تفتيش «مؤقتة» في مناطق من شرقي سوريا وشمالي العراق، إذ يشير هذا الأمر إلى وجود أكثر تعقيدًا للتنظيم، مؤكدين أنه على الرغم من مدى سوء الهزيمة التي مني بها التنظيم عام 2017، لا يزال يرى أن هذه النكسات مجرد مرحلة في طريقه إلى النصر. 

"