أسباب مجهولة.. استقالة النائب العلمي للرئيس الإيراني تثير الجدل
في خطوة غير متوقعة، قدم نائب الرئيس الإيراني للعلوم والتكنولوجيا «سورنا ستاري» استقالته، رغم أنه يحظى بدعم المرشد الأعلى للثورة «علي خامنئي» الذي أكد في وقت سابق أن شعار العام الجاري ومفتاح تقدم الدولة هو «العلم والتكنولوجيا»، مشيدًا بالقدرات العلمية والمعرفية التي يمتلكها «ستاري» للنهوض بالجمهورية في مجال المعرفة.
استقالة غامضة
وكشفت وسائل إعلام إيرانية في تقارير لها؛ أنه وحتى الآن غير معروف سبب قيام «ستاري» بتقديم استقالته إلى الرئيس الإيراني «إبراهيم رئيسي» الذي لم يعلن موقفه حتى الآن بشأن تلك الاستقالة، بل كشف عضو لجنة التعليم والبحث والتكنولوجيا بالمجلس الإسلامي «محمد وحيدي» في تصريح لوكالة «إسنا» المحلية، أن الرئيس الإيراني سيجري العديد من التحقيقات بشأن استقالة «ستاري»، متوقعًا أن يكون السبب وراء تلك الاستقالة المفاجئة هو حركة التغييرات التي تم إجرؤها في وزارة العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والتي تم إنشاؤها حديثًا بدون الرجوع للنائب العلمي الرئاسي.
ويبلغ «سورنا ستاري» من العمر 50 عامًا وهو حاصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، فضلًا عن كونه عضوًا في هيئة التدريس بهذه الجامعة منذ عام 2007، ووقع الاختيار عليه إبان حكم الرئيس الإيراني السابق «حسن روحاني» في أكتوبر 2013 لتولي منصب نائب الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، وبعدما فاز «رئيسي» في الانتخابات الرئاسية واتجه لتشكيل حكومته أواخر أغسطس 2021، أبقي على «ستاري» في منصبه.
ليست المرة الأولى
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصادر مطلعة قولها إن هذه المرة ليست الأولي التي تطرح فيه استقالة «ستاري»، مبينة أنه قضية الاستقالة هذه أثيرت عدة مرات خلال هذا العام كان آخرها في يونيو 2022، ووقتها تم طرح اسم «محمد رضا حسني أهنجر» رئيس جامعة الإمام الحسين التابعة للحرس الثوري الإيراني، ليحل محل «ستاري» الذي أبدى غضبه لعدم ذكر اسمه كأحد أعضاء الوفد الحكومي الرئاسي في قسم التعريف بالوفد، وهذا يعني أنه لم يكن من ضمن مجموعة الوزراء ونواب الرؤساء الموضوعين على قائمة المعلومات التابعة للرئاسة الإيرانية رغم أنه يباشر مهامه منذ أن عينه «رئيسي».
استقالات أخرى
لم تكن استقالة «ستاري» الأولى في حكومة «رئيسي» ففي 14 يونيو 2022، قدم وزير العمل والشؤون الاجتماعية «حجت عبدالملكي» استقالته، وكشفت وسائل الإعلام الإيرانية أن السبب هو محاولة البرلمان استجوابه بسبب فشله في إدارة الوزارة، ولكن «الملكي» قال في خطاب استقالته إن السبب هو التنسيق بين الحكومة، قائلًا: «أنوي الخروج من التشكيلة الوزارية لمزيد من التنسيق بين أركان الحكومة»، وهو ما يدل أن هناك صراعات بين المسؤولين في حكومة الملالي.
فجوة الخلاف
وحول دلالة تلك الاستقالات وانعكاستها، أوضح الباحث المصري المختص في الشأن الإيراني «أسامة الهتيمي» أن استقالة المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى، شيء معهود في إيران الخمينية وقع عدة مرات في عهود الرؤوساء المتعاقبين، ومن ذلك مثلًا ما وقع في عهد الرئيس أحمدي نجاد عام 2009؛ حيث قدم النائب الأول للرئيس اسفنديار رحيم مشائي استقالته من منصبه، وفي عهد الرئيس السابق «روحاني» تقدم نائبان له باستقالتيهما أحدهما نائبه للتراث الثقافي «محمد علي نجفي»، ونائب الرئيس «محمد علي شهيدي محلاتي».
ولفت «الهتيمي» في تصريح خاص لـ«المرجع» الى أن استقالة «ستاري» نائب الرئيس «رئيسي» جاءت بعد نحو ثلاثة أشهر من استقالة وزير العمل والشؤون الاجتماعية «حجت عبدالملكي»، وهو ما أثار لغطًا حول الدوافع الحقيقية وراء استقالة «ستاري» خاصة أنه وحتى اللحظة لم يتم الإعلان عن أسبابها، وليس صعبًا بطبيعة الحال التكهن بما وراء هذه الاستقالة فـ«ستاري» كان نائبًا أيضًا للرئيس «روحاني» ومن ثم تم الإبقاء عليه في عهد «رئيسي» وعليه فإنه ليس من المستبعد أن تكون فجوة الخلاف بين الشخصيتين قد اتسعت، فكل منهما ينتمى إلى معكسر تتباين أفكاره عن الآخر فـ«ستاري» محسوب على الإصلاحيين، فيما أن «رئيسي» محسوب على المحافظين.
وأضاف أن مثل هذه الاستقالات تعكس إلى أي مدى وصلت حالة الفشل التي تردى فيها العديد من المسؤولين الإيرانيين الذين لم يعد بمقدورهم التعاطى مع المشكلات التي تعانيها البلاد نتيجة أسباب عديدة، أهمها الفساد والعقوبات، الأمر الذي يرجح أن تتكرر هذه الاستقالات على مستويات متعددة، فالبعض يدرك أحيانًا أن السفينة تقترب من الغرق، وأن القفز منها يكون غالبًا أفضل من البقاء.





