فوز «روتو» بالانتخابات الرئاسية واحتمالات تصاعد العنف في كينيا
الثلاثاء 30/أغسطس/2022 - 06:39 م
محمود البتاكوشي
باتت كينيا في مفترق طرق، عقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، فإما أن تعزز من خلالها صورتها التقليدية كنموذج ديمقراطي ناجح في شرق أفريقيا، أو تنجرف نحو حالة من الفوضى والصراع، إذ تسود البلاد حالة من القلق عقب إعلان فوز "وليام روتو"، نائب الرئيس المنتهية ولايته، أوهورو كينياتا، بعد منافسة حادة مع رايلا أودينجا زعيم حركة الديمقراطية البرتقالية المعارضة، ما ينذر بأعمال عنف وشغب، بعد حصوله على 50.5% من إجمالي الأصوات.
وقالت نائبة رئيس مفوضية الانتخابات، جوليانا شيريرا، إن الانتخابات "غامضة"، ما يشي بوجود شبهات تزوير، إذ اتسمت عملية فرز الأصوات بالتعقيد، وهو ما انعكس في تأخر إعلان النتيجة لمدة تقارب الأسبوع منذ إجراء الاقتراع، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات الكثيرين حول أسباب التأخير، ودعم من مزاعم وجود تزوير.
يشار إلى أن رايلا أودينجا زعيم حركة الديمقراطية البرتقالية المعارضة، ترشح للمرة الخامسة للانتخابات الرئاسية، غير أن ترشحه هذه المرة في إطار تحالف الصمود في الوحدة والذي يتشكل من سبعة أحزاب رئيسة، يأتي في مقدمتها حزب اليوبيل بقيادة كينياتا، والحركة الديمقراطية البرتقالية برئاسة أودينجا، أما وليام روتو، فقد ترشح في إطار تحالف حزبي عرف باسم كينيا كوانزا، والتي تعني كينيا أولاً، والذي يضم تسعة أحزاب.
وعقب إعلان النتائج اندلعت احتجاجات واسعة في معاقل مؤيدي أودينجا على ضفاف نهر كيسومو، فيما حدثت أعمال شغب في حي كيبيرا بالعاصمة نيروبي، خاصة أن المرشح المعارض رفض تقديم التهنئة لمنافسه، وشكك بعض المقربين منه في نتائج العملية الانتخابية ما دفع الشرطة للتعامل مع هذه الأعمال بالعنف، الأمر الذي ينذر بتأجيج المشهد الداخلي، لاسيما أن الفترة المقبلة ربما تشهد تصعيدًا للاحتجاجات المؤيدة لأودينجا في نيروبي وكيسومو، وهو ما قد تنتج عنه احتجاجات مضادة في ناكورو وإلدوريت.
يذكر أن كينيا شهدت صراعات مريرة بعد انتخابات عامي 2007 و2017، ولذا، فإن هناك مخاوف من تكرار هذا السيناريو، فقد أفضت الاحتجاجات التي شهدتها نيروبي بعد انتخابات 2007، والتي خسرها أودينجا أيضًا، عن مقتل نحو 1200 شخص ونزوح أكثر من 600 ألف آخرين، جراء العنف العرقي الذي شهدته البلاد، كما شهدت نيروبي احتجاجات واسعة عقب انتخابات 2017، قبل أن تقضي المحكمة بإعادة الانتخابات.
وقد تشهد الفترة المقبلة صراعًا كبيرًا داخل أروقة المحاكم، والطعن على النتيجة، وهناك مخاوف من احتمالية تكرار سيناريو انتخابات 2017، والتي تمت إعادتها، لاسيما أن الأسابيع الأخيرة كانت قد شهدت اتهامات من قبل كل من أودينجا وروتو للجنة الانتخابات بالتحيز.
وساعد على ذلك تولي أفولا تشيبوكاتي رئاسة اللجنة، والذي سبق وأن وجهت المحكمة العليا في كينيا انتقادات له في عام 2018 لعدم التزامه بالقواعد الدستورية، وذلك بالرغم من إقرار المنظمات الدولية بنزاهة عملية فرز الأصوات، وأن اللجنة عمدت إلى تحميل النتائج إلكترونيًّا بحيث تتم مراقبتها من الجميع، ويسهم ذلك في شفافية عملية الفرز.
وقد تشهد الفترة المقبلة إعادة هيكلة التحالفات السياسية في البلاد بعد الانتخابات الأخيرة، إذ إن تحالف الوحدة في الصمود، والمشكل من حزب الحركة الديمقراطية البرتقالية وحزب الرئيس كينياتا اليوبيل قد يشهد تصدعات محتملة، لاسيما أن حزب كينياتا كان قد خسر شريحة كبيرة من داعميه التقليديين بسبب تحالفه مع أودينجا، وفي حالة حدوث ذلك، فإنه من المرجح أن يتوصل روتو وأودينجا إلى تفاهمات في مرحلة ما بعد الانتخابات، إذا ما تمكنا من تجاوز الخلافات الحادة بينهما.





