انضمام فنلندا وسويسرا إلى حلف الناتو.. لماذا عجزت العرقلة التركيّة؟
الخميس 01/سبتمبر/2022 - 09:20 م
محمود محمدي
بدا أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قد دفعت إلى تغيير تاريخي في موقف فنلندا والسويد بشأن الانضمام لحلف «الناتو»، حيث تسعى الدولتان بكل قوة إلى الانضمام للحلف القوي عسكريًّا بعد فترة من البقاء على الحياد.
إلى ذلك، صادق الرئيس الأمريكي جو بايدن، على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، في الوقت الذي تمضي فيه الدولتان الاسكندافيتان للحصول على الموافقات التشريعية على طلبهما.
وقال بايدن: إن «الناتو تحالف لا غنى عنه لعالم اليوم والغد، وعندما انتهكت روسيا السلام والأمن في أوروبا، وعندما يتحدى المستبدون أسس نظام قائم على القواعد، فإن قوة التحالف الأطلسي والتزام أمريكا بحلف شمال الأطلسي يصبحان أكثر أهمية من أي وقت مضى».
في السياق ذاته، وافق مجلسا البرلمان التشيكي على ضم كل من السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، وتنتظر فنلندا والسويد موافقة رسمية من اليونان والبرتغال والمجر وإسبانيا وسلوفاكيا، وأخيرًا تركيا التي شكلت تحديًّا أمام القرار.
العرقلة التركيّة
انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الشمال الأطلسي الناتو ما زال معلقًا ومرهونًا بالشروط التركية، وهي شروط جمعت الأطراف الثلاثة على طاولة واحدة في فنلندا لبحث مذكرة التفاهم حول عضوية البلدين الأوروبيين في حلف الناتو، والتي تملك تركيا فيه ثاني أقوى جيش بعد الولايات المتحدة.
ورغم أن الدولتين الاسكندنافيتين وقعتا مذكرة تفاهم مع أنقرة للانضمام إلى الحلف أواخر يونيو الماضي، إن تركيا ما زالت قلقة من عدم التزام فنلندا والسويد بشروطها، وأبرزها: «إيقاف دعم حزب العمال الكردستاني، وجماعة فتح الله جولن، وتسليم المطلوبين من الحزب والجماعة».
كما أن التفاهم المبدئي مع أنقرة لم يكن يسيرًا خلال قمة الناتو أواخر يونيو الماضي التي عُقدت في إسبانيا؛ حيث لوحت تركيا باستخدام حق الفيتو ضد الطلبين السويدي والفنلندي، وبعد ساعات طويلة من المحادثات تم التوصل لتفاهم ثلاثي، إلا أنه حتى الآن تهدد أنقرة بتجميد انضمام البلدين للحلف العسكري.
التحفظ التركي
يعود التحفظ التركي في الموافقة على انضمام الدولتين الإسكندنافيتين إلى الناتو، إلى عدة أسباب، وفي مقدمتها عدم تكرار تجربة اليونان، كما أن هناك مخاوف تركية فيما يتعلق بدعم هاتين الدولتين للمنظمات التي تصنفها أنقرة إرهابية.
وفي الإطار ذاته، يتضح أن الإدارة تركيا تستخدم وتوظّف تلك القضية في تحقيق مكاسب داخلية بالنسبة للقيادة السياسية التركيّة، وتستعمل موافقتها كورقة لحل مشكلاتها الشائكة مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
تركيا لا تستطيع الرفض
الدكتور أحمد عجاج، الباحث في العلاقات الدولية، قال إنه ليس بوسع تركيا أن توقف مسألة انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو؛ لأن القضية خطيرة جدًّا وتتعلق برغبة الولايات المتحدة الأمريكية في أن تنضم هاتان الدولتان إلى الحلف، لقضايا إستراتيجية بعيدة المدى.
وأضاف: وهاتان الدولتان محميتان بالفعل؛ لأنهما وقعتا اتفاقية ضمنت بها بريطانيا سلامتهما من أي اعتداء في حال تم الاعتداء عليهما، وبريطانيا هي عضو في الحلف الأطلسي، وبالتالي أصبحتا محميتين بطريقة غير مباشرة من الحلف نفسه.
وتابع: نحن نعرف أن تركيا مُقدِمة على انتخابات، وهناك احتمال كبير أن تتغير القيادة السياسية التركيّة، ومع تغيرها تتغير كل المعادلة، لكن على احتمال أنها لن تتغير، فإن تركيا لا يمكنها أن تعادي الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر، وأن تفسد الرؤية الاستراتيجية لأمريكا، لأن ذلك سينعكس سلبًا على تركيا.
وأكمل: تركيا لا يمكنها أن تقف في وجه الولايات المتحدة ولا في وجه حلف الناتو، إنما يمكنها أن تحصل على بعض التنازلات مقابل انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، وهذا ما سعت له وحصلت عليه وليس أكثر من ذلك.





