ad a b
ad ad ad

عام من «اللاشيء».. «طالبان» تعيد أفغانستان إلى الخلف

الإثنين 22/أغسطس/2022 - 08:23 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

بعد مرور عام على سيطرة حركة «طالبان» على السلطة في البلاد، لم يجن الأفغان سوى الانهيار بسبب سياسات الحركة المتشددة، وما جرى في الداخل.

تغيرات عدة طرأت على المجتمع الأفغاني بسبب السياسيات التي انتهجتها حركة "طالبان" خلال عام، ما بين اقتصاد متهاوٍ وتدهورٍ لأوضاع الأفغانيات وضياع حقوقهن، بجانب تزايد العمليات الإرهابية من قبل تنظيم «داعش-خراسان»، واستفادة الحركة من زراعة نبات الخشخاش المخدر رغم وعودها بوقف زراعته، إضافة إلى عدم الاعتراف بها دوليًّا رغم مرور عام على توليها السلطة في أفغانستان للمرة الثانية.

العودة للخلف

احتفلت حركة طالبان منتصف أغسطس الجاري بمرور عام على عودتها لحكم أفغانستان للمرة الثانية، لكن البلاد ما زالت غارقة في أزمات اقتصادية وإنسانية عديدة، ولم تحظ بعد باعتراف دوليّ، رغم مرور عام وما تلاه من اختفاء للانقسامات العرقية والإقليمية والطائفية وعدم الاستقرار السياسي في البلاد بشكل تلقائيّ، إذ لا يزال المجتمع الدولي مترددًا في إرسال مساعدات مالية بشكل مباشر إلى الحركة الأفغانية، خوفًا من استخدامها لشراء أسلحة، وهي المخاوف التي دفعت واشنطن إلى رفض رفع التجميد على أصول مصرفية أفغانية.

ورغم الانتقادات التي طالت الحكومات الأفغانية التي تولت زمام الأمور منذ عام 2001، فإن أفغانستان حققت تقدمًا في مجالات عدة خلال العقدين الماضيين، خاصة على صعيد تعليم الفتيات وحقوق الإنسان والإعلام، فيما تحسنت حياة أبناء الطبقة الوسطى نسبيًّا.

ومنذ سيطرة طالبان على الحكم، تراجعت تلك الإنجازات بشكل كبير في البلاد في ضوء إخفاق طالبان عن الوفاء بتعهداتها بموجب اتفاق الدوحة، حيث ترددت عن تشكيل حكومة تضم كافة أطياف البلاد، ومنعت الفتيات من مواصلة تعليمهن بعد الصف السادس، فضلًا عن فرض قيود صارمة على عمل وحياة النساء؛ ما أدى إلى إبعادهن فعليًّا عن الحياة العامة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تهاوى الوضع في البلاد وبات الاقتصاد "في حالة سقوط حر" وفق وصف الأمم المتحدة التي حذرت من كارثة إنسانية في أفغانستان.

ومنذ استيلائها على السلطة، تضغط حركة طالبان على المجتمع الدولي للاعتراف بها كسلطة شرعية في أفغانستان، فيما يُعَدّ هذا الأمر حاسمًا للحركة كي تتجنب انهيار اقتصاد البلاد في ظل انتشار الفقر والجوع، وبلوغ انعدام الأمن الغذائي في المجتمعات الحضرية مستويات مماثلة للمناطق الريفية والنائية لأول مرة في البلاد.

تدهور وضع الأفغانيات

على صعيد وضع المرأة في أفغانستان بعد عام من حكم طالبان، قالت الأمم المتحدة إن أفغانستان باتت الدولة الوحيدة في العالم التي تُحرم فيها الفتيات من التعليم الثانوي، على عكس ما حققته المرأة خلال العقدين الماضيين، من التقدم إذ تقلدت مناصب وزارية، والتحقت بسوق العمل، لكن عقب سيطرة «طالبان» أُرغمت النساء على البقاء في المنازل.

ورغم قيود طالبان وقبضتها الأمنية القوية، فإن أفغانيات خرجن إلى الشوارع للاحتجاج على قرارات الحركة القمعية، فيما ردت الحركة على الاحتجاجات بالقمع واعتقال عدد من الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة.

وسُمح لأعداد قليلة جدًّا من النساء بالعمل فقط في المجالات الضرورية، مثل المستشفيات والمدارس وأقسام الشرطة والمطارات، فيما مُنعت الفتيات من الالتحاق بالمدارس العامة في المرحلتين المتوسطة والثانوية في معظم أنحاء البلاد.

ورغم إعلان المتحدث باسم حركة "طالبان" أن المدارس ستفتح أبوابها للفتيات اعتبارًا من 21 مارس 2022، فإن القرار تمّ تأجيله، كما تم فصل الذكور عن الإناث في الفصول الدراسية في الجامعات، ولم يُسمح للطالبات بالذهاب في رحلات طويلة بدون أحد أقاربهن.

وفي مايو 2022، ألزمت حكومة "طالبان" الأفغانيات بتغطية أجسادهن بالكامل بشرط ألا يكون اللباس ضيقًا جدًّا أو رقيقًا، ونصّ القرار على وجوب ارتداء النساء للنقاب حفاظًا على كرامتهن، إضافة إلى إرسالها مرسومًا إلى القنوات التلفزيونية ينصّ على وجوب ارتداء جميع المذيعات النقاب أثناء تقديمهن للأخبار.

تزايد الضغط الداعشي

في الجهة المقابلة، لم تتوقف الهجمات التي يشنها تنظيم «داعش-خراسان» في الداخل الأفغاني، التي تستهدف المدنيين وخاصة الشيعة الأفغان رغم إعلان الحركة الأفغانية وقوفها ضد التنظيم، حيث أكد مسؤولو الحركة بأنهم لن يسمحوا لأراضي أفغانستان بأن تشكل تهديدًا لأيّ دولة، حيث وقع خلال عام أكثر من 100 هجوم وتفجير أودى بحياة المئات في عموم البلاد، تبنّى معظمها تنظيم «داعش-خراسان».

وفقد العديد من الناس أرواحهم إثر هجمات نفّذها التنظيم أثناء صلوات الجمعة في المساجد الشيعية، في قندهار وكابل وقندوز ومزار شريف وولايات أخرى.

طالبان والمخدرات

أعلنت حركة طالبان في أبريل 2022، حظر استخدام المواد المُسكرة مثل الكحول والهيروين وحبوب المخدرات والقنّب، وزراعة النباتات التي يتمّ الحصول على تلك المواد منها، والتجارة بها، والمصانع التي تنتج جميع أنواع المخدرات في جميع أنحاء البلاد.

ورغم توعّد طالبان بمحاكمة ومعاقبة كل مَن يخالف القرار، فإنه لم يتم تنفيذ الأوامر حتى الآن، حيث أكد مسؤولو طالبان أنه يجب توفير فرص دخل بديلة للمزارعين من أجل منع زراعة الخشخاش والقنّب بشكل كامل، داعين المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم في مكافحتهم للمخدرات.

وعندما استولت الحركة الأفغانية على مقاليد الحكم مجددًا في أغسطس عام 2021، وعدت أنها ستقضي على تجارة المخدرات، وأنه لن يكون هناك أي عمليات تهريب لكن لم تفِ بوعودها، بل على العكس ازدهرت زراعة نبات الأفيون وتجارته في أفغانستان كمصدر دخل في البلاد، ما يشير إلى فشل الحركة في تنفيذ تعهدها أو تراجعها عن هذا التعهد بمكافحة إنتاج هذا المخدر بعد سيطرتها على زمام الأمور.

ومن المعلوم أنّ قرابة 80% من الأفيون في العالم يأتي من أفغانستان، فإنّ حركة طالبان تجني منه أرباحًا ترتفع إلى نحو ثلاثة مليارات دولار سنويًّا، من خلال الاتجار به وبالهيرويين، وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تساهم تلك التجارة بـ11% تقريبًا من اقتصاد أفغانستان.

وتشير أبحاث إلى أن طالبان جنت 20 مليون دولار أمريكي في عام 2020 من تجارة المخدرات فقط، وهو جزء ضئيل مقارنة بمصادر الإيرادات الأخرى من تحصيل الضرائب، إلا أن الحركة أنكرت علنًا وجود أي صلات لها بتجارة المخدرات.


الكلمات المفتاحية

"