أهداف الولايات المتحدة الأمريكية من التصعيد مع الصين بشأن تايوان
الإثنين 15/أغسطس/2022 - 06:22 م
محمود البتاكوشي
تستغل الولايات المتحدة الأمريكية ملف جزيرة تايوان، من أجل الضغط على الصين في ملفات أخرى، إذ تتعدد ملفات النفوذ والصراع بين الدولتين العظميين، فواشنطن تعلم أن تايوان تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لبكين، على كافة المستويات، التاريخية والجغرافية، الاقتصادية.
وتعد زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، إلى تايوان، في الثاني أغسطس 2022، تحديًا سافرًا من الولايات المتحدة، للصين، بهدف رغبة واشنطن في امتلاك نقطة ارتكاز ضاغطة على بكين.
تحدٍ أمريكي للتحذيرات الصينية
التصعيد الأمريكي في تايوان يُعَدُّ تحديًّا للتحذيرات الصينية شديدة اللهجة، التي أطلقتها قبيل زيارة نانسي بيلوسي، إذ حذر الرئيس الصيني، شي جين بينج، نظيره الأمريكي، جو بايدن، في 28 يوليو 2022، خلال مكالمة هاتفية من أن هذه الخطوة حال إتمامها تُعد بمنزلة "لعب بالنار".
ولم تأبه واشنطن لتهديدات بكين، وهو ما أثار غضب الأخيرة، وعزز من قوة الإدارة الأمريكية التي تراجعت في عهد جو بايدن عن سياسة الغموض الاستراتيجي في العديد من الملفات، حيث كانت تعمل بمبدأ درء غزو صيني، وثني تايوان عن إعلان الاستقلال رسميا.
لكن "بايدن" تخلى عن ذلك، إذ أكد في أكثر من مناسبة التزام واشنطن بالدفاع عن تايوان، مشيرًا إلى أن الجيش الأمريكي سيتدخل عسكريًّا لدعم استقلالها في مواجهة الاحتلال الصيني، وهو ما يعد تحولًا كبيرًا، بالنظر إلى أن الكونجرس يلعب دورًا في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية.
رسالة تهديد وترهيب
سعت واشنطن من استفزازها الصين إلى إرسال رسالة تهديد وترهيب لدول جنوب شرق آسيا من الصين، ومحاولة دعم سياستها الرامية إلى إقامة تحالفات عسكرية في جنوب شرق آسيا لتطويق بكين، كما أنها قد تستغل هذه الأزمة لدفع الشركات الغربية للخروج من الاقتصاد الصيني، والبحث عن دول أخرى بديلة.
وبدأ هذا التوجه بالفعل، إذ أكد استطلاع أجرته غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في بكين يونيو 2022، أن 23% من الشركات الغربية تفكر في نقل استثماراتها إلى خارج البلاد، بينما أفاد 50% منها أن الأنشطة الاستثمارية في الصين أصبحت أكثر تسييسًا في عام 2021 مما كانت عليه في السنوات السابقة، ولا شك أن التوتر الصيني – الأمريكي حول تايوان يعزز من هذا التوجه.
ومن أهم الأهداف الأمريكية الخاصة بالضغط على الصين في تايوان هي عدم السماح لبكين باحتلال تايوان لأن الأخيرة تهيمن على نحو 60% من إجمالي تصنيع أشباه الموصلات عالميًّا حتى العام 2022.
وتُعَدُّ "تي إس إم سي" أكبر شركة تصنيع رقائق إلكترونية في العالم بقيمة سوقية تتجاوز 600 مليار دولار، وتسيطر على أكثر من 50% من سوق أشباه الموصلات في العالم، وهو ما يعني أن الاقتصاد العالمي سوف يصاب بشلل في حالة احتلال الجزيرة، نظرًا لأنها تدخل في صناعة الكثير من المنتجات التي تستخدم يوميًّا، ومنها الكمبيوتر والهواتف الذكية والسيارات وجميع الأجهزة الإلكترونية الأخرى.
كما تحاول واشنطن إلى محاولة دفع دول العالم المختلفة لتبني مواقف دبلوماسية داعمة للموقف الأمريكي في مواجهة الصين، وهو ما يتضح من إعلان جون كيربي منسق الاتصالات الإستراتيجية في البيت الأبيض، في الخامس من أغسطس 2022، أن العالم أجمع، وليس الولايات المتحدة وحدها، يرفض محاولة الصين فرض واقع جديد حول تايوان.





