ad a b
ad ad ad

تحديات المواجهة المسلحة للقضاء على الإرهاب بغرب أفريقيا

الإثنين 22/أغسطس/2022 - 10:24 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
 مما لا شك فيه أن مكافحة الإرهاب تتطلب إستراتيجية متكاملة، وتدابير تعزز حقوق الإنسان وسيادة القانون والشعور بالانتماء بالتوازي مع المواجهات الأمنية؛ لذا تواجه دول غرب أفريقيا التي اعتمدت خيار العمليات العسكرية فقط، تحديات كبيرة في مواجهة تلك التنظيمات التي تسيء استغلال الصراعات الداخلية، والثغرات الأمنية، والتكنولوجيا الحديثة بحيث تمكنت من التوسُّع باتجاه دول المنطقة المترامية الأطراف والممتدة على مساحات شاسعة. 

الخريطة الجغرافية المعقَّدة في المنطقة

من الأمور التي تزيد من تعقيد عملية المواجهة للإرهاب في غرب أفريقيا الخريطة الجغرافية المعقَّدة في المنطقة؛ إذ يتركز نشاط التنظيمات الإرهابية في المناطق الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. 

بعبارة أخرى تحول هذا المثلث الحدودي إلى مركز لأنشطة التنظيمات المتطرفة عابرة الحدود، أهمها تنظيما «داعش» و«القاعدة»، ونتج عن ذلك تشابكات وتداخلات تجعل من الصعوبة بمكان تطبيق الحلول العسكرية أيضًا مع وجود جهات فاعلة كثيرة من القبائل والعشائر، فضلًا عن هشاشة البنية المجتمعية بالمنطقة وارتفـاع نسبة الفقـر، ما ساهم في خروج أجزاء واسعة من منطقة غرب أفريقيا عن سيطرة الحكومات، بسبب التعدد القَبَليٍّ والدينيٍّ، وانتشار الفقر الشديد.

بيئة خصبة لتمدد الإرهاب 

وساهمت الصراعات السياسية والاجتماعية، في توفير بيئة خصبة لتمدد الإرهاب في دول غرب أفريقيا، بخلاف اتساع الفجوة بين المنظومة التعليمية ومتطلبات سوق العمل وبالتالي انتشار البطالة، بالتوازي مع تدهور حالة حقوق الإنسان، وتضاؤل فرص المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكثرة الحروب والصراعات، والانقلابات العسكرية.

فضلًا عن الصراعات المتشابكة بغرب أفريقيا وانتشار النزاعات بين التنظيمات والمجموعات العرقية المختلفة من جهة، والتنظيمات الإرهابية والحكومات من جهة أخرى، أصبح من الصعوبة التمييز بين الإرهابيين وتلك المجموعات العرقية، مما فرض تحديات صعبة في مكافحة الإرهاب.
 
ومن أهم العقبات والتحديات تداخل الإرهاب مع العصابات الإجرامية المسلحة، لأن ذلك ساهم في خروج مساحات شاسعة عن سيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية، على نحو انعكس على ارتفاع معدلات الخطف والتهريب منذ العام 2003 بحثًا عن مصادر تمويل، إذ أعلنت التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية المسؤولية عن هذه الجرائم، ومن ثم فقد ازداد التداخل بين الإرهاب الفكري والجريمة المنظمة؛ بحثًا عن المال والتمويل. 

وبالرغم من هذه التحديات والعقبات لا تزال دول غرب أفريقيا مصرة على مواجهة الإرهاب عسكريًّا، عبر اتفاقية عقدتها مجموعة دول المنطقة في شهر فبراير 2014، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، تضمنت تكوين قوة من ثلاثة آلاف جندي لمواجهة التنظيمات الإرهابية، بعدها أنشئت قوات تاكوبا، كما تم إنشاء قوات الخوذ الزرقاء، وهي قوات حفظ السلام تابعة للأمم المتحدة.

حلول سياسية بالتوازي مع «العسكرية»

ينبغي على دول الغرب الأفريقي إيجاد حلول سياسية إلى جانب المواجهة العسكرية، عبر إعداد قاعدة بيانات عن التنظيمات المتطرفة، وبناء شبكة معلومات إلكترونية وبشرية عن التنظيمات والعناصر الإرهابية، تشتمل على معلومات صحيحة عن مواطن القوة والضعف لدى تلك التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى العمل على توقيف عملية المراسلات والحصول على تلك الرسائل، وجمعها وتحليلها، للوصول إلى التنبؤ الدقيق بشأن ما يمكن فعله، ومعرفة طرق الاستقطاب وتجنيد عناصر جديدة، وأوكار ومراكز التدريب، والشخصيات القيادية والمرجعيات الفكرية، ومصادر التمويل والتسليح والدعم اللوجستي، والمرجعيات الاجتماعية والقبَلية للعناصر والقيادات وذلك لحصار التنظيمات المتطرفة وتفكيكها من الداخل حتى يتم الاستفادة من الخريطة المعقدة للإرهاب في دول غرب أفريقيا، وصراعات داعش والقاعدة.

ولابد من العمل على توظيف العناصر المنشقة عن التظيمات الإرهابية واستخدامها لعمليات اختراق صفوف تلك التنظيمات حتى يتم محاصرتها وتفكيكها، مع العمل على دعم الانشقاقات، وذلك بتسليط الضوء إعلاميًّا والحديث عن تلك الانشقاقات في صفوف التنظيمات الإرهابية، وكذلك من يستسلم من عناصرها ويعلن توبته، والعمل على الإيقاع بين العناصر المتطرفة وظهيرها القبلي، وذلك بالفصل بينها وبين زعماء ومشايخ القبائل. 

الكلمات المفتاحية

"