ad a b
ad ad ad

«الجولاني» يعبث ديموجرافيا في «إدلب» لإقامة دولته الخاصة المزعومة

الثلاثاء 19/يوليو/2022 - 05:42 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

بعد سنوات من سيطرته هو وفصيله المسمى بـ«هيئة تحرير الشام» على محافظة إدلب بالشمال السوري، بدأ «أبومحمد الجولاني» توجيه فصيله وذراعه المدني في المنطقة المعروف بـ«حكومة الإنقاذ» باستخراج بطاقات هوية وفرضها على المقيمين في مناطق سيطرته بما في ذلك المقيمون الأجانب من الإرهابيين الذين قاتلوا الى جانبه، طامحًا في اتخاذ شرعية خاصة به وطمعًا في تحويل المدينة التي يختبئ بها الى دويلة خاصة له.


سجلات الجولاني المدنية


أطلقت حكومة هيئة تحرير الشام المسماة بـ«حكومة الإنقاذ» مشروعًا، تفرض فيه على كل شخص أتم الرابعة عشر من العمر، من سكان مناطق سيطرتها في إدلب، استخراج بطاقة هوية شخصية، عن طريق دوائر النفوس التابعة لها، لتكون بديلًا عن البطاقات الشخصية الصادرة عن الحكومة السورية، رغم عدم الاعتراف بها وثيقة رسمية في عموم مناطق شمال غرب سوريا، إذ يحمل السكان الموجودون ضمن مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، المدعوم من تركيا، بطاقات تعريف شخصية، صادرة عن المجالس المحلية ضمن تلك المناطق.


واشترطت حكومة الإنقاذ، من أجل استخراج بطاقات شخصية في إدلب، أن يحمل المواطن محل قيد المنطقة التي يسكن بها، ولهذا فرضت إحضار أي إثبات شخصي، يحوي على أختام أمانة السجل المدني التي أصدرته، ومحل القيد ورقمه، عند تقديم طلب الحصول على البطاقة.


وقسّمت الإنقاذ مدينة إدلب وريفها إلى خمس وعشرين أمانة سجل مدني، تتوزع على المدن والبلدات التي تسيطر عليها، كما أحدثت ست أمانات للشؤون المدنية للمهجّرين من محافظات اللاذقية، طرطوس، حمص، درعا، القنيطرة، حماة، الرقة، دير الزور، الحسكة، مدينة حلب وريفها، دمشق وريفها.


ويحاول «الجولاني» منذ فترة ليست بالقليلة الظهور أمام الغرب بمظهر القائد المنفتح الذي يكافح الجماعات الإرهابية، بالرغم من أنه كان يتبع تنظيم «القاعدة»، كما أنه يريد من تلك الخطوة امتلاك معلومات كاملة عن كل المقيمين في مناطق سيطرته، خاصة أن العديد من أفراد تنظيم «داعش» الإرهابي باتوا يلجأؤون إلى مناطق نفوذه بشكل سري بعد هزيمة تنظيمهم، ويشكلون خلايا تابعة لهم.


ويهدف قرار «الجولاني» إلى التمايز عن باقي الجماعات والفصائل الأخرى والموجودة في بعض مناطق إدلب وأرياف حلب، والتي سبق لها أن فرضت هي الأخرى بطاقات هوية شخصية خاصة بها، وبذلك سوف تكون في منطقة جغرافية صغيرة جدًا حكومتان من الجماعات الإرهابية حكومة الإنقاذ التابعة للجولاني والحكومة المؤقتة التابعة لعدة فصائل إرهابية أخرى.


تجنيس المقاتلين الأجانب


وفيما يتعلق بتجنيس المقاتلين الأجانب في إدلب، استحدثت «هيئة تحرير الشام» في هذا الإطار سجل نفوس خاص بغير السوريين، أسمته «دائرة المهاجرين الأجانب»، واستطاعت بذلك الحصول على بياناتهم، في ظل تحفظهم على تقديم أي معلومة خاصة بهم لأي جهة.


ويؤكد مراقبون، أن فرض بطاقات هوية شخصية في إدلب يأتي في إطار محاولات الهيئة لتثبيت سيطرتها على المنطقة، وجمع المعلومات عن سكانها، وبشكل خاص المهاجرين، الذين يشكّلون مشكلة بالنسبة لها، لاسيما أنهم من مناطق، بل حتى جنسيات مختلفة.


وأثارت تلك الخطوة المخاوف من قيام «تحرير الشام» بمنح هويات سورية للمقاتلين الأجانب، الذين يقدّر عددهم بأكثر من خمسة آلاف، من أكثر من خمسين جنسية مختلفة، ما يعني إلغاء بياناتهم الحقيقية، والتعامل معهم بوصفهم سوريين، وبالتالي سيساهم هذا في إحداث تغيير ديمجرافي في شمال غرب سوريا، وخاصة أنه لم يتم تضمين البطاقة الشخصية معلومات عن مكان وتاريخ الولادة، ما قبل عمليات النزوح والهجرة والتهجير، التي شهدتها سوريا خلال السنوات السابقة.


ملاحقة معارضي تحرير الشام


واشترطت هيئة تحرير الشام في إصدار البطاقات الشخصية عن طريق «حكومة الإنقاذ»، وجود قيد صادر عن أمانات السجل المدني التابعة لها، وإخراج القيد بدوره لا يُمنح إلا بعد الرجوع لسجلات أمانات السجل المدني، التي كانت في المؤسسات التابعة للحكومة السورية، قبل خروجها عن سيطرتها لصالح الفصائل المسلحة.


وبسبب عدم وجود نسخ من السجلات المدنية للمُهجّرين من المحافظات الأخرى لدى الهيئة، كما هو الحال في إدلب، فسيتم منح إخراج القيد للأفراد بعد إجراء دراسة أمنية موسّعة، يتم التأكد خلالها من هويتهم، عبر أشخاص مقربين من الهيئة منحدرين من منطقة طالب استخراج القيد نفسها، وبالتالي فإن كثيرًا من سكان إدلب سيضطرون إلى كشف بياناتهم للأجهزة الأمنية المسيطرة على المنطقة، الأمر الذي يثير مخاوف من ملاحقة من يشتبه بمعارضتهم للهيئة أو اعتقالهم.


ويؤكد مراقبون، أن «تحرير الشام»، تحاول الظهور بمظهر الجهة التي تركز على تنظيم الأمور في مناطق سيطرتها بشكل مؤسساتي، بهدف الحصول على الاعتراف والقبول من قبل المجتمع الدولي، لكنها في الواقع تهدف إلى ملاحقة المناهضين لها، وخاصة بعض الإعلاميين، ممن يتحدثون بشكل دائم عن الانتهاكات التي ترتكبها، وينتقدون سياساتها في المنطقة واستيلاءها على جميع القطاعات.


للمزيد: بين العمالة والمناورة.. ما وراء بقاء الجولاني في المشهد السوري

"