أنس حقاني.. ورقة السلطة الأفغانية لتحسين صورتها في الإعلام الغربي
ترتبط شبكة حقاني المتشددة بعلاقات وثيقة مع حركة «طالبان» الأفغانية جعلتها شريكة في السلطة، وبين عنف متأصل فكريًّا واحتياجات سياسية تفرضها المرحلة الراهنة، تسعى الشريكتان لتحسين وجههما الإعلامي.
خاضت «طالبان» معارك عنيفة ضد القوات الأجنبية وبعض المختلفين معها في أفغانستان، فيما تورطت «حقاني» في هجمات انتحارية عنيفة خلفت قتلى وجرحى من جنسيات مختلفة، وبعد سنوات من العمل السري والحرص على إخفاء وجوه قياداتها لجأت الجماعتان لوسائل الإعلام ليقدما خطابًا مرنًا يتماشى مع أهدافهما المرحلية، والأوضح في الصورة هو تفضيل المنصات الغربية عن غيرها لخلق صورة ذهنية جديدة عن طبيعة تحركاتهما.
لم يقتصر اعتماد الجماعتين على استخدام الإعلام في الترويج لمستقبل
مختلف ينتظره المواطنون وحقوق ستمنح للأقليات، لكن وظفته الجماعتان لتبرير أفعال الماضي
ونفيها أحيانًا، ما يطرح التساؤلات حول دور هذا التاريخ في التشكيك في نوايا السلطة
الجديدة تجاه الداخل والخارج.
كيف قدمت شبكة حقاني نفسها للإعلام الغربي؟
أجرت مجلة «دير شبيجل» الألمانية، حوارًا في مطلع يوليو 2022، مع أنس حقاني شقيق سراج الدين حقاني، زعيم الشبكة المدرجة على قائمة الإرهاب لمجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 2012، واستخدم «أنس» الحوار لتجميل صورة الجماعة المنتمي لها، وكذلك عائلته وتاريخها مع الهجمات العنيفة، بيد أن «أنس» نفسه كان معتقلًا بتهم إرهابية قبل أن تقرر الولايات المتحدة الإفراج عنه للانضمام لفريق التفاوض الذي وقع اتفاق فبراير الشهير فى الدوحة.
وأشار «أنس حقاني» إلى أن التهم الموجهة إلى عائلته بارتكاب هجمات انتحارية
عنيفة ليست صحيحة، قائلًا إنهم كانوا يحاولون التخلص فقط من القوات الأجنبية في البلاد
باعتبارها استعمارًا يهدد حرية مواطنيه، كما رفض الإجابة عن بعض الأسئلة لشعوره بأنها
ليست أسئلة صحفية، ولكنها تحقيق ممنهج.
أبرز ما صرح به «حقاني» خلال اللقاء الذي أجري من معقله شديد التحصين،
هو علاقة الشبكة بتنظيم القاعدة ومؤسسه أسامة بن لادن، إذ نفى وجود علاقة بين التنظيمين
أثناء تجهيز القاعدة لهجمات 11 سبتمبر 2001، مضيفًا بأن العلاقة كانت بين زعيم حقاني وأسامة بن لادن دون تعاون تنظيمي بينهما.
الصورة الذهنية ومستقبل أهداف السلطة الجديدة
تنطوي الصورة الذهنية التي تحاول السلطة الأفغانية الجديدة الترويج
لها، على أهداف داخلية وخارجية تسعى لتحقيقها، أهمها الحصول على الاعتراف الدولي
والتمهيد لفتح قنوات سياسية رسمية مع الدول المهمة لخلق علاقات طبيعية تمكنها من إحكام
السيطرة داخليًّا وخارجيًّا.
ومع وجود تاريخ من العنف الشديد للجماعتين تجاه تيارات مختلفة، ما
يخلق حالة من الجدال بداخل المجتمعات التي يريد زعماؤها فتح قنوات اتصال مع
الحركة، فإن تبرير أحداث الماضي يبقى ضرورة لتخطي صعاب المرحلة وبداية فترة جديدة
من التعاون على أصعدة مختلفة.
ويبدو أن عدم اتساق إيديولوجية طالبان وموروثاتها العقائدية لدى عناصرها مع أهدافها السياسية خلال المرحلة الحالية يخلق مزيدًا من الضغوط إلى جانب التخبط الذي يصعب معه حسم الملفات إلا بتناسخ المصالح، فعلى مدار سنوات عاشت «طالبان» وشبكة حقاني كمدافعين عن الدين وتعاليمه، في صورة متشددة أسساها لها وفقًا لأهدافهما ما يُصعب تغييرها سواء للعناصر الداخلية أو الجماهير الخارجية.
علاوة على ما سبق، فإن قدرة طالبان وحقاني على التواصل دون
خلافات جذرية يحدد مستقبل السلطة ومدى توازنها، وإلى أي درجة سيستطيعان الاستمرار
في جبهة واحدة تحكم أفغانستان.





