أدوات تركيا لتنفيذ مخطط إنشاء منطقة آمنة لإعادة اللاجئين السوريين
الثلاثاء 28/يونيو/2022 - 09:58 م
محمود البتاكوشي
يجيد النظام التركي، استخدام الأوراق والأدوات المتاحة له، إذ يحاول استغلال الحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عنها من تداعيات وآثار لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، في تنفيذ مخططه القديم بإنشاء منطقة آمنة في الأراضي السورية، وهو الأمر الذي كانت ترفضه موسكو جملة وتفصيلًا.
إنشاء منطقة آمنة
ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كل من حلف شمال الأطلسي "ناتو" والمجتمع الدولي، لدعم بلاده في إقامة منطقة آمنة على حدودها مع سوريا لإيواء اللاجئين السوريين، وتأمين حدود تركيا الجنوبية، مستغلًا انشغال روسيا بالحرب.
وأكد "أردوغان" في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا على الحدود مع تركيا بات ضرورة ملحة، لأنه لم يتسن إنشاء منطقة وصفها بأنها مطهرة من الإرهاب بعمق 30 كيلومترًا على الحدود السورية مع تركيا.
يشار إلى أنه بموجب اتفاق مبرم في أكتوبر عام 2019 بين كل من أنقرة وموسكو، التزمت روسيا بإبعاد وحدات حماية الشعب الكرديّة 30 كيلومترًا على الأقل عن الحدود، بالتنسيق مع الجيش العربي السوري، وتسيير دوريّات مشتركة مع الجيش التركي.
مكاسب سياسية
النظام التركي يحاول الحصول على مكاسب سياسية من أعضاء حلف الناتو، عبر الموافقة على السماح له بإنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري، وذلك لتنفيذ قرار إعادة مليون لاجئ سوري من أراضي تركيا إلى المناطق التي تحتلها في شمال سوريا، لتخفيف ضغوط المعارضة التركية التي تستخدم ورقة اللاجئين في وجه حكومة العدالة والتنمية.
كما تحاول تركيا استغلال الحرب الروسية الأوكرانية في التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية، والموافقة على رغبة أنقرة بإنشاء المنطقة الآمنة في سوريا، وأكبر دليل على ذلك تصريحات السفير الأمريكي السابق في أنقرة، الدبلوماسي المخضرم "جيمس جيفري"، التي أكد فيها أن موقف تركيا من الأزمة الأوكرانية ابتداءً، ثم دور الوساطة الذي لعبته بين موسكو وكييف، وأهميتها في منظومة الأمن الأوروبي لمواجهة التحديات المستجدة رفعت من أسهمها بالنسبة لحلفائها الغربيين في العموم، كما أن موقفها المعلن برفض انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو دون تحقيق مطالبها المتعلقة بحظر السلاح ودعم المنظمات الإرهابية، يمنحها أوراق تفاوض وقوة مقابلهم.
ويعد الهدف الرئيسي لتركيا من وراء إنشاء المنطقة الآمنة هي منع تشكل كيان سياسي للقوى المرتبطة عضويًّا بحزب العمال الكردستاني في سوريا، كما أن الرؤية التركية بإنشاء منطقة آمنة تبعد مسلحي قوات سوريا الديمقراطية "قسد" عن أراضيها 30 كلم على طول الحدود لم تتم حتى النهاية.
تحديات أمنية
مخطط تركيا لإنشاء منطقة آمنة في سوريا يواجه العديد من التحديات الأمنية، لعل أولها أن المناطق المحررة ما زالت تتعرض للقصف من روسيا ومن قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، فضلًا عن العبوات الناسفة والمفخخات، كما أن أنقرة لم تحدد مواصفاتها أو مساحتها، وهل ستكون بمظلة أممية أم بجهد مشترك مع الدول المتدخلة بالشأن السوري، وتحديدًا مع روسيا، فضلًا عن وجود العديد من العقبات الاقتصادية، فإيجاد مساكن لمليون لاجئ سوري يتطلب أموالًا ضخمة، وتمويلًا دوليًّا، فضلًا عن تأمين فرص عمل للعائدين، هو أمر صعب؛ لأن المنطقة المحررة فقيرة بالموارد الطبيعية، ومستنزفة لأنها مكتظة بالسكان أساسًا.
والتحدي الأهم هو عدم وجود توافق دولي أممي حول إنشاء المنطقة الآمنة، إذ ترفض الأمم المتحدة المخطط التركي، وترى أن سوريا بحاجة إلى تسوية سياسية ومساعدات إنسانية، وليس عمليات عسكرية قرب حدودها.
يشار إلى أن تركيا تستضيف نحو أربعة ملايين لاجئ سوري على أراضيها، ومؤخرًا تحولت ورقة اللجوء إلى ورقة انتخابية بين الأحزاب التركية، بعد إصرار أحزاب تركية معارضة على الزج بهذه الورقة الإنسانية في حسابات سياسية.





