بعد استقالة الكتلة الصدرية.. مستقبل العراق في مرحلة المتاهة السياسية
دخل العراق النفق المظلم بعد استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان، في قرار مفاجئ، اتخذه مقتدى الصدر، زعيم التيار، إذ وجه أنصاره بتقديم استقالات إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بعد رفض مقترحه بتشكيل حكومة أغلبية.
انتهاء تحالف إنقاذ الوطن
وتعني استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان العراقي، انتهاء تحالف إنقاذ الوطن الذي تشكل بتحالف مقتدي الصدر مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
وأكبر دليل على أزمة العراق أنه بعد مرور ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، لا تزال الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عاجزةً عن الاتفاق على الحكومة المقبلة، ويدعي كلّ منها أن لديه الغالبية في البرلمان الذي يضمّ 329 نائبًا.
قرار «الصدر» يضع الجميع أمام خيارات صعبة فتركيبة البرلمان ستتغير بعد انضمام 75 نائبًا ربما يكونون من قوى شيعية أخرى تنافس الصدر بعد سحب الأخير نوابه، كما أن الخريطة السياسية ستتغير بعد تشكيل تحالفات جديدة بديلة للتحالفين اللذين يسيطر عليهما الشيعة عبر التيار الصدري والإطار التنسيقي، كما أن مطالبة مقتدى الصدر بنزع سلاح الحشد الشعبي، يمكن أن تدفع إلى مواجهة مسلحة ضمن البيت الشيعي نفسه، ما يزيد المشهد السياسي في العراق تعقيدًا وضبابية، خاصة أنه لم تتضح بعد التبعات الدستورية لهذه الخطوة.
المتابع للأوضاع السياسية في العراق يعلم أن خطوة التيار الصدري بالتحول إلى معسكر المعارضة الشعبية، وبرصيد جماهيري هائل، يجب أن تؤخذ بجدية من قبل تحالف الإطار الذي لن يمضي بتشكيل الحكومة مطلقًا، تحسبًا لردة فعل الشارع العنيفة، وتحسبًا للموقف الدولي وطبيعة تعامله مع الحكومة التي تخلى عنها أكبر الفائزين، فالصدر جماهيريًّا أقوى من البرلمان ومن الحكومة، وقد يفجر ذلك احتجاجات واسعة، ربما تُنهي فوضى العملية السياسية، أملًا في صناعة عملية سياسية عراقية دون إملاءات خارجية.
احتمالية حل مجلس النواب
ومن الممكن أن تؤدي استقالة الكتلة الصدرية بالبرلمان العراقي، إلى استقالات نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، وبالتالي يتم الإعلان عن حل مجلس النواب، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة إذ ينص الدستور العراقي على آلية حل البرلمان، وهي أن المجلس يُحل بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بخيارين؛ الأول بناء على طلب ثلث أعضائه، والآخر طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.
ولعل ذلك، يفسر تصريحات رئيس المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاءالدين، التي قال فيها: «لأول مرة منذ انتخابات 2006 يخلو البرلمان من نواب التيار الصدري، انسحب التيار من حكومات 2010 و2014 و2018 ولكن لم ينسحبوا من مجلس النواب قط، نحن أمام عهد سياسي جديد، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يخطط للقادم، فاستقالة نواب الكتلة الصدرية وقبولها من قبل مجلس النواب تغير جذري في المشهد السياسي، وتبعاتها خطيرة على التيار الصدري أولاً، وعلى العملية السياسية ثانيًا، وعلى العراق ثالثًا.. زلزال قد يؤدي إلى انهيار النظام ما لم يحسن أصحاب الشأن اختيار الخطوات المقبلة بحكمة متناهية».
ويكمل فرهاد: «التيار الصدري تحول من أكبر كتلة برلمانية إلى حراك شعبي معارض، مع عدم وجود أي تمثيل برلماني، وتحول الواقع السياسي الراكد منذ انتخابات تشرين 2021 الى واقع متحرك غير مألوف، كما كتب ذلك القرار نهاية تحالف إنقاذ وطن، ويصبح كل من تحالف السيادة والحزب الديموقراطي الكوردستاني أمام قرار صعب؛ فإما التوافق مع الإطار والقبول بواقع سياسي جديد، وفي نهاية المطاف، خياراتهم محدودة، وقد ينتهي المطاف بالتفاوض مع الإطار لإيجاد حلول مشتركة تحفظ لهم المناصب والحقوق».
يذكر أن الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي تضم 74 نائبًا، إذ سعى مقتدى الصدر طوال الأشهر التي تلت إعلان نتائج الإنتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في العاشر من أكتوبر 2021 إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية تضم كبار الفائزين من تحالف السيادة بزعامة محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، لكنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة بسبب إصرار الكتل الشيعية الأخرى في تكتل الإطار التنسيقي الشيعي على تشكيل تحالف الثلث المعطل في البرلمان لمنع إتمام تسمية رئيس جديد للبلاد وتشكيل الحكومة الجديدة.





