فائض في الميزانية.. تونس على طريق التعافي الاقتصادي
في وقت يُوصف بالأصعب في تاريخ تونس الحديث، نجحت إدارة التونسية بقيادة الرئيس قيس سعيد في تحقيق فائض بقيمة 314 مليون دينار، في الثلث الأول من ميزانية عام 2022.
ويأتي هذا الفائض في توقيت تعرف فيه تونس أزمة اقتصادية طاحنة تهدد قدرات الدولة في الوفاء بالتزاماتها، ويعود ذلك إلى السياسات الاقتصادية التي اتبعتها إدارة البلاد مع بداية العام المالي الجديد، وهو ما ترجم في تحويل عجز الميزانية في الثلث الأول من عام 2021 وقيمته 885 مليون دينار (الدينار =0.33 دولار أمريكي)، إلى فائض، بحسب ما أظهرته وثيقة "النتائج الأولية لتنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2022"، التى نشرتها وزارة المالية التونسية.
ووفقًا للوثيقة فالتحسن المذكور جاء بفضل زيادة موارد الميزانية بنسبة 20% لتتحوّل قيمتها من 7،7 مليار دينار فى مارس 2021 إلى 9،3 مليار دينار فى مارس 2022 تبعا لنمو العائدات الجبائية بنسبة 14،2 بالمائة لتبلغ قيمتها 8،5 مليار دينار والعائدات غير الجبائية بنسبة 177 بالمائة إلى 641 مليون دينار.
دلالات التحسن
يحمل هذا التحسن دلالات، خاصة وأنه يأتي في وقت يحاول فيه المخالفون للرئيس قيس سعيد استخدام الورقة الاقتصادية للنيل منه، أبرز هؤلاء كان الاتحاد العام للشغل الذي دعا إلى إضراب عام بالبلاد بدعوى رفض الحكومة الموافقة على زيادة الرواتب.
ويدخل الاتحاد مع الرئيس في تناطح سياسي على خلفية محاولات سعيد وضع الاتحاد في حجمه الطبيعي كمنظمة نقابية ليس لها شأن بالسياسة، فيما يدافع الاتحاد عن مكتسباته في سنين ما بعد الثورة التونسية.
في سياق آخر، تحاول حركة النهضة الإخوانية، النيل من سعيد على خلفية الأوضاع الاقتصادية والسياسات التي تلجأ إليه الحكومة تنفيذًا لقرارات صندوق النقد الدولي، وما يمليه من شروط للموافقة على إقراض تونس بشكل يدعم ميزانيتها.
الكاتب السياسي التونسي نزار الجليدي، قال إن حركة النهضة لم تكتف بالخطاب السياسي المهاجم للسياسات الاقتصادية للدولة التونسية، مشيرًا إلى أن الحركة حركت أذرعها على مستوى صغار التجار والبائعين لرفع الأسعار وتحريض المواطنين ضد الحكومة.
وأوضح في تصريحات صحفية أن الأمر لم يقتصر على الزيادات العالمية في الأسعار بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن ثمة أذرع داخلية متورطة في رفع أسعار المعيشة على التونسيين.
وفيما يخص الدلالات التي يحملها فائض الميزانية المسجل قال إنه مؤشر على أن قطار التغيير لن يعود إلى الوراء، وأن الدولة التونسية مصرة على إصلاح ما أفسدته سنوات ما بعد الثورة.
ولفت الكاتب السياسي التونسي، إلى أن الفائض المذكور يعد الأول منذ فترة طويلة كان يحقق فيها الاقتصاد خسائر، مشيرًا إلى أن ذلك يعني أن تونس أخيرًا على الطريق الصحيح.
واقع متوتر
الواقع الاقتصادي هو جزء من مشهد تونسي معقد يدخل فيه الرئيس التونسي قيس سعيد وفريقه من جهة في مواجهة مع حركة النهضة والمتسلقين المستفيدين من تخبط الدولة على مدار العشر سنوات الأخيرة من جهة أخرى، ولهذا تبدو معركة سعيد ليست سهلة، إذ تتوافق أهداف النهضة في الفترة الحالية مع بعض القوى المدنية التي طالما اختلفت مع الحركة، ولكن بسبب تهميش سعيد لهم اضطروا للتعاون مع النهضة، وتجاهل نقاط الخلاف.
وتُعَدُّ جبهة الخلاص الوطني المكونة من أحزاب ليبرالية إلى جانب النهضة، ودشنت للدفاع عن الديمقراطية بحسب ما أعلنه مؤسسوها، أحد أبرز نماذج التعاون بين النهضة ومخالفيه بغرض القضاء على مشروع الرئيس التونسي المتمثل في إتمام خارطة الطريق المعلن عنها في ديسمبر 2021، وتشكيل مؤسسات دستورية تعبر عن رغبات التونسيين الحقيقية.
للمزيد.. المربع صفر... حظر سفر «الغنوشي» يحبط جهود «النهضة» للعودة





