باستبعاد الحل الأمني.. استراتيجية جزائرية جديدة لمكافحة الإرهاب
الثلاثاء 07/يونيو/2022 - 11:00 م
دعاء إمام
على مدار أكثر من عشر سنوات (2011-2022)، كثفت الدول الأفريقية المتضررة من الإرهاب، جهودها لمكافحة ظاهرة انتشار الجماعات الإرهابية، معتمدة في الأساس على الحل الأمني، الذي لم يثبت كفاءته بالصورة المتوقعة؛ لذا ظهرت مؤخرًا دعوات للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي إلى إحداث زخم دولي حول مكافحة الإرهاب، للتأكيد على أن ما تواجهه أفريقيا هو تهديد عالمي ليس له حدود، وهو خطر لا ينبغي ربطه بأي دين أو جنسية.
قمة استثنائية
طرحت الرئاسة الجزائرية ووزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، خلال «القمة الاستثنائية الـ16 للاتحاد الأفريقي حول الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات في أفريقيا»، التي انطلقت بغينيا الاستوائية نهاية مايو 2022، ورقة تتضمن رؤية الجزائر لمحاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة، مشددًا على الحاجة لمزيد من التعاون من قبل الدول الشركاء، لضمان عدم استخدام أراضيهم من طرف الإرهابيين المدرجين في القائمة للقيام بأعمال تحريضية، أو دعم الأعمال الإرهابية بطريقة أو بأخرى ضد دول أخرى».
وبحسب التوصيات الجزائرية فإن الأمر ينطبق على مسألة تجفيف منابع تمويل الإرهاب، التي تتطلب تعاونًا دوليًّا أقوى بما يتماشى مع الإطار القانوني الحالي، وأن تكون أفريقيا أكثر حزمًا في الدعوة إلى إحداث التعديلات والتحولات الضرورية، بهدف تشكيل نموذج جديد لعمليات الأمم المتحدة للسلام يتناسب أكثر مع سياق مكافحة الإرهاب، وإيلاء اهتمام خاص للعوامل التي أدت إلى انتشار هذا العدوان العنيف، على غرار تهجير وعودة المقاتلين الأجانب الذين تلقوا الهزيمة في مناطق الصراع الأخرى.
سُبل المكافحة
في ورشة بعنوان «أفريقيا التي نريدها» تحدث أحمد عسكر، خبير الشؤون الأفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن محاربة الإرهاب في القارة الأفريقية من خلال أربعة محاور: واقع الإرهاب في أفريقيا، خريطة المنظمات الإرهابية في القارة، والجهود الإقليمية في مواجهة الإرهاب، والإرهاب في جدول أعمال أفريقيا.
وأوضح أن الإرهاب هو أحد أكبر العقبات التي تواجه القارة، مع زيادة عدد المنظمات الإرهابية في السنوات الأخيرة، والتي أصبحت امتدادًا إقليميًّا للدول المجاورة، مثل: الحركة الإرهابية «بوكو حرام» في نيجيريا، وحركة الشباب الصومالي، مضيفة أن الإحصاءات الوطنية أظهرت أن القارة الأفريقية تضم 64 منظمة إرهابية، فضلًا عن أنها تضم أخطر المواقع الإرهابية في العالم؛ الذي يهدد الأمن الإنساني.
وأضاف «عسكر»: «إن استراتيجية مكافحة الإرهاب تهدف إلى تعبئة وتحسين الظروف الاقتصادية لمواطني القارة، والتكامل الاجتماعي، وزيادة قدرات القوات المسلحة، وتحفيز المواطنين على الإبلاغ عن الحركات الإرهابية، مرجعًا أسباب انتشار الإرهاب في أفريقيا إلى: الفقر، والجهل، والتدخل الخارجي، والبطالة المرتفعة، والصراعات السياسية والدينية، ومحاولات السيطرة على الموارد المختلفة، والخطب التي تحرض على الكراهية والعنف، والسيطرة على الحدود من قبل الحكومات».
إعادة صياغة
من جانبها، أكدت أميرة عبدالحليم، الباحثة في شؤون الجماعات الإرهابية، أن التحولات التى شهدتها ظاهرة الإرهاب في أفريقيا، وكذلك جهود مكافحة الظاهرة، عكست الحاجة إلى إعادة صياغة إستراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب تتفق فيها الدول الأفريقية على تعريف الظاهرة، ولا تسمح بتهرب الدول غير المتضررة من مسؤولياتها، على أن تعتمد هذه الإستراتيجيات إلى جانب الأدوات العسكرية والأمنية، العمل على معالجة الأزمات التي تسمح بنمو الجماعات الإرهابية داخل القارة الأفريقية، بحيث لا تتحول أراضي القارة إلى مفرخة للعناصر الإرهابية التي لن تتورع عن هدم أي مقومات للتنمية والتقدم في أي دولة افريقية، ولن يسلم الجوار العربي وكذلك الأوروبي من تهديداتها.





